كيف غيّرت السويسرية إيفلين بوريه حياة أهالي «تونس الفيوم»؟
خلال الساعات الماضية عاشت محافظة الفيوم لحظات حزينة مرت على أهالي وأبناء المحافظة، بعد خبر رحيل السيدة «إيفيلين بوريه»، التي كانت لها بصمة كبيرة ومؤثرة في حياة أهالي قرية «تونس».
إيفيلين بوريه هي سويسرية الجنسية، ويلقبها سكان قرية «تونس» الواقعة على أطراف الفيوم بـ«أم أنجلو»، إذ حملت تجربتها الفريدة في التنظيم المجتمعي في قرية تونس، من خلال تدشين مدرسة لتعليم فنون الخزف، وحوّلت القرية النائية الواقعة على أطراف الفيوم إلى وجهة سياحية عالمية، إلى أن توفيت وعمرها 83 عامًا، قضت منها أكثر من 55 عامًا في الفيوم.
ونعت الدكتورة نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، السيدة إيفلين بوريه، مؤكدة أن القطاع الحرفى بأكمله لن ينسى الدور الكبير الذي لعبته إيفلين بوريه في قرية تونس بمحافظة الفيوم، وتأسيسها مدرسة لتعليم الصغار من أبناء وبنات القرية صناعة الفخار والخزف فساهمت في تحويلها إلى واحدة من أشهر القرى السياحية.
وفي السطور التالية تستعرض «الدستور» أبرز الإنجازات التي ساهمت فيها السيدة إيفلين لتصبح الفيوم لاسيما قرية تونس تنافس في صناعة الخزف عربيًا وعالميًا، من خلال التواصل مع صانعي الخزف في الفيوم.
محمد شريف، 45 عاماً، وأحد صانعي الخزف في الفيوم، يروي أنه تعلم صناعة الخزف من عمر 9 سنوات، إذ كانت حينها السيدة إيفلين تعمل على تطوير هذه الحرفة بشكل مستمر في قرية تونس، حتى أنها كانت تعمل على تعليم صناعة الخزف لصغار قرى الفيوم وتحديدًا قرية تونس.
عندما صار «شريف» في عمر 19 عاماً، كان لديه ورشة لصنعة الخزف والفخار، ومن حينها وصار هذا عمله ومصدر رزقه الذي يعتمد عليه، مؤكدًا أنه سعيد بما حققه ووصل إليه في هذا المجال.
ومن هنا أصبحت قرى محافظة الفيوم ولاسيما قرية تونس قائمة على الحرف اليدوية وصناعة الخزف والفخار.
مقصد للجميع
تقع قرية تونس على ربوة عالية وتطل على بحيرة قارون مباشرة، وتتبع مركز يوسف الصديق بالفيوم، كانت مثل باقى القرى المصرية، إلى أن اكتشف موقعها العديد من الأجانب والعرب والمصريين، ما جعلهم يتخذونها مقصدًا لهم، فمنهم من أقام فيها بشكل دائم ومنهم من استثمر على أراضيها ببناء الفنادق والكافيهات على الطراز الريفى الأصيل، حتى انفردت القرية بأحد أهم الفنادق الريفية بالعالم.
تخريج دفعات كل 6 أشهر
دشنت إيفيلين بوريه مدرسة الخزف الفنية لتعليم الصغار حرفة صناعة الفخار والخزف خلال 6 أشهر تقريبًا، وذلك أعلى هضبة مرتفعة تطل على بحيرة قارون وسط الأشجار والنخيل والأراضي الزراعية، إذ يلتقى المئات من رواد صناعة الفخار داخل ، صاحبة الإرث الفني والاجتماعي والإنساني الفريد.
أما منى علي، تعمل بإحدى ورش الخزف في الفيوم، تقول إن جميع قرى الفيوم حزنت بشدة على خبر رحيل «إيفلين»، لأنها كانت بمثابة أم وأخت لكل شخص في الفيوم، كانت رمزًا نفتخر ونشرف به.
وتضيف: «حياتي وتفكيري اتغيروا 180 درجة بعد ما اتعلمت صناعة الفخار وبدأت اشتغل بإيدي وأعتمد على نفسي، وبدأت كمان أعلم الأطفال الحرفة دي والمدرسة الموجودة في القرية بتخرج الأطفال كل 6 شهور».
«إيفلين أثرت في حياة شباب وبنات كتير في الفيوم مش بس تونس».. يقولها أحمد عبد الستار، الذي يمتلك بازار لبيع منتجات الخزف والفخار بالفيوم، ويرى أنه في آخر 20 عاماً ازدهرت الحرف اليدوية المختلفة في الفيوم.
ويضيف أن الفيوم أصبحت مقصدًا سياحيًا سواءً كانت سياحة داخلية للمصريين أو خارجية للزوار الأجانب.
أول مهرجان دولي
ونظمت «إيفلين» أول مهرجان دولي للخزف في العام 2011، برعاية أحمد علي، محافظ الفيوم آنذاك، ومنذ ذلك الوقت توجهت أنظار المسؤولين إلى الكنز الفني التي تحمله أيادي أهالي القرية النائية.
وشعرت حنان محسن، 40 عاماً، بالحزن عندما علمت بوفاة السيدة إيفلين بوريه، إذ تقول إنها هي وأسرتها اعتادوا قضاء إجازة آخر الأسبوع بقرية تونس.
وتابعت أنها مع استمرار التردد على قرية تونس هي وأسرتها جمعتها صداقة مع السيدة إيفلين، معلقة: «تعلمت منها حاجات كتير أوي، هي كانت دايماً حالمة وطموحة وبتفكر في التغيير والتطوير بصورة مستمرة».