«ليس جديدًا».. قصة وباء «جدري القرود» الذي يُحذر منه العلماء

لم ينتهِ الحديث بعد عن الفطر الأسود وغيره من الفطريات المهددة للبشرية في ظل وجود فيروس كورونا، وما يتبعه من ضعف مناعة الأنسان التي تجعله عرضة للإصابة بغيره من الوبائيات القاتلة، ليظهر  مرضًا جديدًا ربما هو الآخر يمثل تهديدًا للبشرية، وهو "جدري القرود"  الذي حذر منه عدد من علماء الفيروسات في روسيا، من بينهم أليكسي أغرانوفسكي الذي أشار إلى احتمال تحول هذا المرض إلى جائحة عالمية مهددة للبشرية.

حيث حذر أغرانوفسكي من جدري القرود، موضحًا أنه يمكن أن يؤدي إلى ظهور أوبئة جديدة، ولكنه في الوقت ذاته أكد أنه لا داع للخوف ولكن يجب دراسة الفيروس بشكل متعمق، وأن فرصة انتقاله للبشر ضئيلة للغاية.

و جدري النسناس أو القرود يعد هو مرض معدٍ ناتج عن فيروس حيوان النسناس (وهو من فصيلة القرود)،  وتظهر أعراض الجدري به بدءا من الشعور بحمّى وألم بالرأس ويتبعه ألم عضلي ومن ثم تورم بالعقد اللمفاوية  مما يؤدي إلى الشعور بالتعب،  وظهور طفح جلدي على شكل بثور مكسوة بقشرة خارجية.

منظمة الصحة العالمية: يسبب حمى وصداع وطفح جلدي و لا يوجد علاج محدد له بالوقت الحالي 

ومن جانبها ذكرت منظمة الصحة العالمية على موقعها الرسمي عدداً من المعلومات حول جدري القرود، لافتة إلى أنه مرض نادر يحدث أساسا في المناطق النائية من وسط إفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة، كما أنه ينتقل إلى البشر من طائفة متنوعة من الحيوانات البرية،  كما يعد انتشاره على المستوى الثانوي محدود من خلال انتقاله من إنسان إلى آخر.

وأوضحت كذلك منظمة الصحة العالمية، أن معدل الوفيات يتراوح في العادة في الحالات الناجمة عن مرض جدري القردة بين 1 و10%، كما أنه تلحق معظم وفياته بالفئات الأصغر سنًا.

كما بينت كذلك المنظمة أنه لا يوجد أيّ علاج أو لقاح متاح لمكافحة المرض، رغم أنّ التطعيم السابق ضدّ الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضا من جدري القردة.
أما عن أعراض الإصابة بالمرض فذكرت أنها تماثل أعراض إصابة الإنسان في الماضي بمرض  الجدري، ولكنها أقل شدّة.
وعن فترة حضانة جدري القردة فذكرت المننظمة أنها تتراوح  بين 6 أيام و16 يومًا، كما انها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يومًا.

وتتمثل أعراض الإصابة بالمرض، منذ الإصابة به إلى اليوم  الخامس، بوجود حمى وصداع مبرح وتضخّم بالعقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وبالعضلات وفقدان شديدةللطاقة، كما يتبع ذلك مراحل لظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه في أغلب الأحيان ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.

تكون شدة الطفح-حسب المنظمة-على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين  75% ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من حطاطات بقعية إلى حويصلات (نفاطات صغيرة مملوءة بسائل) وبثرات تليها جلبات قد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تماماً.
كما أكدت المنظمة أن المرض يصيب أغشية الفم المخاطية (في 70% من الحالات) والأعضاء التناسلية (30%) وملتحمة العين (20%)، والقرنية،  كما أنه يُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهذه صفة تميّز جدري القردة عن سائر الأمراض المماثلة.

 كما ذكرت أن الأطفال يصابون بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعاً بحسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه، ولا يوجد بالوقت الحالي علاج محدد موصى به لجدري القرود، ولكن اللقاحات أثبتت فعاليتها بنسبة 85٪ في الوقاية من جدري القرود.

 يمكن تناول تطعيم الجدري للوقاية منه

قالت الدكتور نهلة عبد الوهاب، استشاري البكتريا والمناعة والتغذية ورئيس قسم البكتريا مستشفى جامعة القاهرة لـ"للدستور"، إنه لم يسمع عن وجود مرض جدري القرود بمصر من قبل، كما لم يعلن عن وجود إصابات عديدة به.

وأشار "عبدالوهاب"، إلى أن العالم قد تغلب بشكل عام منذ سنوات على مرض الجدري بصورة نهائية، مشيرة إلى أن أي سلالة من هذا الجدري مثل مرض جدري القرود يمكن في حال انتشرت أن يتم إعطاء المصابين عقار الجدري المتعارف عليه، فتأثير من الممكن أن يكون إيجابيًا في علاج هذا المرض لكونه ينتمي للجدريات،  وذلك إلى أن يتم تصنيع لقاح مخصص لهذه السلالة تحديداً.

وبينت أن جدري القرود، ونظراً لانتشاره في بعض الدول الأفريقية مثل الكونغو ونيجيريا فيجب التشديد على المسافرين إلى هذه الدول لتناول التطعيم المناسب قبل السفر، وذلك لإمكانية حدوث العدوى وانتقالها من الحيوانات الموبؤة بهذا المرض في تلك البلاد إلى الانسان. 
حديقة الحيوان خالية من الأوبئة

ومن جانبه، أكد الدكتور محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان لـ"الدستور"، أنه لم يسجل بحديقة الحيوان إلى الآن أي حالة مصابة بهذا الفيروس، مشيرًا إلى أن الحديقة خالية تماماً من أي أمراض وبائية،  وذلك نتيجة للتحصينات اليومية التي يقوم بها الأطباء المسيولين على جميع الحيوانات.

 ولفت لى أنه في الفترة السابقة، ولكون الحديقة كانت مغلقة لمدة زمنبة طويلة بسبب الاجراءات الاحترازية في مواجهة فيروس كورونا، فقد تمت عمليات التطعيم بشكل أكثر يسراً.

 ينتقل إلى الإنسان من القرود عبر التلامس والاحتكاك أو الجهاز التنفسي

وحذر الدكتور هانى الناظر استشاري الأمراض الجلدية، ورئيس المركز القومى للبحوث السابق، في تصريح له من أن مرض جدري القرود عبارة عن فيروس من نفس عائلة فيروسات الجدري الذي اختفى منذ زمن، مشيراً إلى أن فيروس جدري القرود يصاب به الإنسان من القرود أو النسانيس على وجه التحديد.

وتابع أن فيروس جدري القرود ينتقل إلى الإنسان من القرود عبر التلامس والاحتكاك أو الجهاز التنفسي، كما شرح بعض الحالات التي يمكن أن تنتقل العدوى من الحيوان إلى الإنسان، ومنها حسب تعبيره أثناء إطعام شخص للقرود مع وجود قرد مصاب وسقط لعابه على يد من يطعمه.

وأضاف أن الإنسان المصاب بفيروس جدري القرود قد يعدي إنسانا آخر سواء من خلال الجهاز التنفسي أو اللعاب، أو في حالة حدوث تلامس مباشر بين إنسان وآخر، فضلا عن استخدام الأدوات الشخصية للمريض.

 أول إصابة ظهرت في الكونغو

ومرض "جدري القرود" ليس بجديد إذ أنه في عام ١٩٧٠ سجلت أول حالة مصابة به بين البشر عام 1970 بجمهورية الكونغو الديمقراطية أو زائير سابقاً، فقد أصيب طفل عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة تم استئصال الجدري العادي منها عام 1968، ثم توالت فيما البعد البلاغات عن الإصابة الجدري في تلك المنطقة والتي كانت تتميز بالرطوقة والأمطار الغزيرة.