تترشح للبوكر.. «دفاتر الوراق» لـ جلال برجس تبرز قيمة البيت
ترشحت رواية "دفاتر الورّاق" للكاتب الأردني جلال برجس، للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" بدورتها الرابعة عشرة، مع خمس روايات أخرى من تونس والجزائر والعراق والمغرب، ومن المقرر الإعلان عن الرواية الفائزة غدا الثلاثاء.
صدرت "دفاتر الوراق" لأول مرة في عام 2020 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في لبنان، وتتكئ الرواية على حكايات تُروى من خلال عدد من الدفاتر في إطار زمني يقع بين عامي 1947 و2019 عن أشخاص يفقد بعضهم بيوتهم، ويعاني البعض الآخر أزمة مجهولي النسب، ويقاسي آخرون عدم انتمائهم إلى عائلات كبيرة.
تتقاطع مصائر الشخصيات ببعضها فتبرز قيمة البيت والذي حمل رمز الوطن مقابل أكثر من شكل للخراب، والشخصية المحورية ورَّاق مثقف وقارئ نهم للروايات إلى درجة أن تتلبسه شخصية أي رواية تقنعه ويتصرف عبرها، لكن جراء العزلة والوحدة وما عاشه من قسوة في عالم صاخب، تتفاقم حالته النفسية فتكتمل إصابته بفصام الشخصية ليعيش صراعا بين صوتين في داخله: واحد مُحرض على ارتكاب عدد من الجرائم حيال واقع لم يمنحه حقه في العيش، والثاني يقف بوجهه متكئا على محمول معرفي عميق.
الخوف حتمًا سيؤدي إلى الخراب
تكشف الرواية إضافة إلى هذا المنحى وخلال التناوب بين محتوى الدفاتر من سينتصر على الآخر، وكيف تتشابك الحكايات ببعضها لتؤدي إلى مقولة رئيسية في الرواية مفادها: أن الخوف حتمًا سيؤدي إلى الخراب.
ومن أجواء الرواية نقرأ: ها أنتم الأن تقرأون ورقتي هذه، بينما جسدي قد ابتلعه البحر حيث السكينة الأبديّة، أنا منحازةٌ لأسماك الأعماق عند إنكسار الضوء وارتطامه بالرمال الطريّة.
لا أحبّ ديدان الأرض حيث الظلمة والرطوبة تهب وجعاً إضافيّاً للموت، لهذا منحت جسدي للماء سرّ الإنصات الأبديّ، والحضن الّذي لا تغلق ذراعاه، لم أكتب وصيّتي، فليس هناك من وصايا للّذين خذلوا في حياتهم سوى أن يتمنّوا أن يبادر أحدٌ ليدوزن الوتر النشاز، وليس لي وصايا لأقولها، فأنا محض ريشة دوريّ علقت في هواء لم يسكن ولو لحظةٌ واحدة.
حينها كان يمكنني أن أحط على شجرة وأشاهد كيف تنضج حبّة كمَثرى على صدر أمّها، أو أحط على كتف رجل ذاهب للقاء امرأةٍ قطع عهدا على قلبه أن يحبّها كما يحبّ الطائر جناحيه بينما يخفق ماراً فوق شارع يكابد عابروه الزحام.
أنا محض امرأةٍ خُذلَت في حياتها وجاءت إلى تفكر بالاعتزال كما يعتزل عازف شهير في أوج نبوغه لخلل يستشعره قادماً لا محالة، لا وصايا لي سوى هذه الكلمات فأحرقوا هذه الورقة وانثروها هنا لعلّها تصير شاهدةً جوّالةً تشير إِليّ.