في ذكرى ميلاده.. أحمد فؤاد نجم يكشف سر قصيدة «زيارة إلى ضريح عبد الناصر»
92 عاما مرت على ميلاد الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم (23 مايو 1929 - 3 ديسمبر 2013)، فهو ابن قرية "كفر أبو نجم" بمدينة أبو حماد التابعة لمحافظة الشرقية، لأم فلاحة أمية (هانم مرسى نجم) وأب يعمل ضابط شرطة (محمد عزت نجم)، وكان ضمن سبعة عشر ابنا لم يتبق منهم سوى خمسة والسادس فقدته الأسرة، والتحق بعد ذلك بكتاب القرية كعادة أهل القرى في ذلك الزمن.
جدل كبير أثاره أحمد فؤاد نجم بقصيدته "زيارة إلى ضريح عبدالناصر" عند نشرها، واعتبرها البعض تحولا بمائة وثمانين درجة عن المسار الشعري الذي كان يسير فيه نجم، وعرف به والتف الناس حوله من أجله، وهناك من رأى في ذلك تحولا فكريا ونضجا أوصلته إليه خبرات السنين، وآخرين اعتبروه تحولا، إلى أن فسر نجم بنفسه هذا الأمر في أحد حواراته قائلا: "ليس تحولا ولكنه تأمل.. فقد كنت في سوريا عام 1984 ولاحظت أن الإعلام العربي والمؤتمرات السياسية في كل بلد عربي تصف رئيسها سواء كان رئيسا للجمهورية أو ملكا بأنه أمين القومية العربية، وأنه قائدنا إلى الأبد، أي أبد.. أليس هناك موت؟! كما أن كل رئيس يحصل في الاستفتاءات على 99.9% وتذكرت تعليق صاحب مقهى في حوش قدم على الستة آلاف الذين لم ينتخبوا السادات حسب الإعلان الرسمي، هل سيظل هؤلاء بلا رئيس؟! ورأيت أن هناك حملات إعلامية في كل البلاد العربية مباشرة أو غير مباشرة تحاول إسدال ستار النسيان على عبدالناصر لحساب هذا الحاكم أو ذالك حتى من الذين يريدون شعاراته.. ورأيت ألا أحد منهم يمكن مقارنته بعبد الناصر، فهو أول "بلال" أذن في الشعب العربي في عصرنا بالوحدة والتحرر من الاستعمار والعدل الاجتماعي، واستطاع أن يتحول من كولونيل متمرد إلى واحد من أبرز قادة عدم الانحياز، ولا أحد يريد أن يذكر الناس بذلك، فكتبت هذه القصيدة لأقول لكل الحكام العرب، هذا هو عبدالناصر وألقيتها أول مرة في جامعة دمشق فقوبلت بحفاوة جماهيرية عظيمة لأنها عبرت عن افتقاد الجماهير العربية، حتى الشباب الذين لم يعاصروه، لهذا البطل الرمز.
وردا على سؤال "لكن القصيدة تحمل عاطفة حقيقية تجاه شخصية عبدالناصر وليست مجرد تذكير بزعيم يريدون محوه من ذاكرة الأمة"، قال: نعم.. لقد استعدت تلك العاطفة العميقة القديمة التي كنت أحملها لعبد الناصر منذ 1952 وحتى 1959 عندما دخلت السجن في قضية جنائية وبدأت اكتشف جوانب أخرى من الصورة، وعندما صفا الزمن كثيرا من هذه التناقضات والخطايا عادت إلى الذاكرة صورة عبدالناصر فارسنا وشهيد الفقراء، والذي جسد لنا كل ما هو نبيل في موروثنا "وإن كان جرح قلبنا كل الجروح طابت".