«مصر سندنا وعزوتنا».. حكايات أهالى غزة تحت قصف الاحتلال الإسرائيلي
فى ظل استمرار قصف الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، لليوم التاسع على التوالى، ترتفع حصيلة الشهداء والمصابين بشكل مستمر على مدار اليوم، بجانب نزوح الآلاف من منازلهم إلى المدارس خوفا على حياتهم من القصف العشوائي. وقد كان لـ"الدستور" لقاء مع أهالي الضحايا لسماع معاناتهم.
الدكتور رائد الزعانين من قطاع غزة
"هى حرب على الحجر والشجر والبشر"، بتلك الكلمات وبصوت يملأه الحزن والقلق، بدأ الدكتور رائد الزعانين مواطن من قطاع غزة حديثه معنا.
الزعانين، وهو محاضر في جامعة القدس المفتوحة، من مدينة غزة، استشهد أبناء عماته الأحد الماضى عن طريق طيارة مسيرة بدون طيار.
وأكد الزعانين أن حجم الدمار كبير جدا الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يمكن وصفه بكارثة غير مسبوقة، حيث يواجه شعب أعزل أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط.
وتابع الزعانين: "في كل لحظة نسمع أصوات الانفجارات الهائلة، وهزات كأنها زلزال، ودمار واسع في كل قطاع غزة في البيوت والأبراج والطرق والابنية والمراكز الصحية والمدارس، دمار واسع في البنية التحتية، ما أثر على مياه الشرب والكهرباء وحركة سيارات الإسعاف لنقل المصابين والجرحى".
وحول تأثير القصف والعدوان عليهم وعلى الأطفال، قال الزعانين: "الصراحة أطفالي يكروهن الليل، فعندما يحل يبدأ الخوف والقلق والرعب يدب فيهم، من شدة الانفجارات الهائلة التي لا نعلم اين ستقع، أو على أي بيت سوف تنزل في كل لحظة ربما نكون نحن أو جيراننا. لاحظنا كتير من البيوت الامنة تم قصفها واستشهاد جميع من فيها، وعائلات كاملة استشهدت، فربما نكون نحن في المرة القادمة".
وعن طرق تهدئه أطفاله، قال: "لدى 5 أبناء وطفلة نأخذ غرفة في الشقة نعتقد أنها آمنة، لكن أمام العنجهية الإسرائيلية فلا يوجد مكان أمن، لكن أحاول إقناعهم بذلك، وـحاول تشجيعهم وطمأنتهم، وأنا بدي مين يطمني، لكن مضطر أظهر شجاعا أمامهم، نتحدث وألعب معهم، نشاهد التلفاز بعيدا عن محطات الأخبار، ولكنى أتلقى الاخبار من خلال الموبايل حتى أخفف من الضغط النفسي عنهم".
وأكد الزعانين أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى بشكل عام ومصر بشكل خاص منذ عام 1848.
وتابع، "هذا ليس جديدا على مصر في دائما حاضرة وفي جميع مراحل القضية الفلسطينية، وكان لافتا إلى أنه منذ بداية العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، أن مصر أرسلت رسائل حازمة لدولة الاحتلال، مطالبة إياها بوقف العدوان، وكذلك الاعتداءات على المسجد الأقصى، ومحاولة تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس".
وأشار الزعانين إلى أن "الموقف الرسمي المصري من العدوان الإسرائيلي على غزة انعكس على الموقف الشعبي، حيث حالة التأييد الشعبي الكبيرة لغزة ومقاومتها التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه رسالة أن مصر قيادة وحكومة وشعباً تقف بجانبنا، وهذا يؤكد أنه لا يوجد عربي أو مسلم يقبل بانتهاكات الاحتلال الصهيوني المحتل للفلسطينيين".
وتابع الزعانين: “مصر كانت سباقة في الضغط على الاحتلال بضرورة وقف عدوانه الغاشم على غزة، فضلا عن فتحها معبر رفح البري وتجهيز سيارات الإسعاف لنقل الجرحى والمصابين للمستشفيات المصرية، وهناك أكثر من 1200 طبيب مصري سجلوا للتطوع لعلاج مصابي وجرحى غزة، وتقديم المساعدات الغذائية والعلاجية الطارئة لسكان القطاع”.
وأعرب الزعانين عن شكره وعرفانه وامتنانه للقيادة المصرية والحكومة والشعب المصري على ما يقدموه لنا، قائلا: "أنتم سندنا وعزوتنا وظهرنا الذي نستند عليه، شكرا لكم من القلب".
وأعرب الزعانين عن أمله فى أن يؤدي الضغط الدولي والمصري على وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعدم تهجير سكان حي الشيخ جراح في القدس، وفك الحصار الظالم علينا كي نتمكن من التنقل بسلام والعيش بكرامة.
وحول حادث استشهاد أبناء عمومته، “معاذ نبيل، ومحمد عوني”، قال الزعانين إنهم استشهدوا الأحد الماضى، خلال تواجدهم بحديقة منزلهم، فى بيت حانون، وتم استهدافهم واستشهدوا في نفس المكان بطائرة مسيرة بدون طيار.
وحول سؤاله عن انتمائهم للمقاومة الفلسطينية أو أي تيار فلسطينى، قال الزعانين أنهم لا ينتمون لاى تنظيم أو صفوف المقاومة، لافتا إلى أن معاذ لاعب كرة قدم، والاتحاد الأسيوي لكرة القدم نعاه في بيان رسمي".
وأضاف: "لو لهم علاقة باي تنظيم كان ما حكيت عنهم، لأنه طبيعي اللى بدو ينتمي لتنظيم او ينتمي للمقاومة ممكن يستشهد".
زكريا بكر من مخيم الشاطئ
ومن بيت حانون ومدينة غزة ننتقل إلى مخيم الشاطئ، لنرى معاناة جديدة للأهالى.
"ما فى حدا بغزة بعيد عن القصف، بشكل مستمر هناك قصف برا وجوا وبحرا، ولكن الأهم من كل ذلك معنوياتنا عالية، ومرتفعة على الرغم من شدة الدمار"، بهذه الكلمات بدأ زكريا بكر أحد أهالى مخيم الشاطئ بقطاع غزة حديثه ليكشف لنا حجم الاصرار والصبر والثبات الذى يتمتع به كل فلسطينى فى وجه الاحتلال الغاشم.
زكريا بكر رئيس اتحاد لجان الصيادين بقطاع غزة ومسؤول وحدة الرصد والتوثيق للجرائم الإسرائيلية بحق الصيادين، وأحد جيران عائلة أبو حطب التى استهدفت خلال القصف الإسرائيلى قبل يومين.
وخلال حديثه مع الدستور، وقع قصف عنيف من البوارج البحرية للاحتلال بإتجاه المنازل فى مخيم الشاطئ.
وقال بكر: "مجزرة عائلة ابوحطب بعيده عن بيتي ١٠٠ متر، وشارع الوحدة ومنطقة انصار بعيده عنا تقريبا ٧٠٠ متر، للحقيقة مشاعرنا خليط من الاستعداد للشهادة وتوقعها بأي وقت خاصة وان طائرات الاحتلال لا تميز بعمليات القصف ممكن تقصف حي بأكمله، ايضا الخوف من فقدان حبيب او اخ او رفيق او ابن، أو فجأة تجدي نفسك من غير بيت او مأوي".
وأضاف بكر: "نعمل بشكل مستمر وبقدر الامكان لتهدئة الاطفال الذين يرتعدون خوفا من اصوات القصف ونحن قريبين من البحر اصوات مدافع الزوارق الحربية تحديدا حينما تطلق صليات متواصلة بصوتها العنيف جدا".
وتابع بكر: "فى بعض الأحيان ننسي الخوف من صوت القصف والدمار ويصبح الشارع كله يكبر "الله اكبر" حينما يشاهدون صواريخ المقاومة فى السماء وهى متوجهة باتجاه المستوطنات".
واستدرك بكر “بدون مبالغة على الرغم من كل أشكال الدمار واستمرار الاحتلال بإرتكاب المزيد من المجازر إلا أن شعبنا الفلسطيني عظيم بتضحياته والصورة هنا متكاملة الجميع يقاوم دون استثناء”.
وأشار بكر إلى أن هناك حالة من الالتفاف الشعبى، والسباق إلى المستشفيات للتبرع بالدم، قائلا: “اول أمس كنت فى مستشفى الشفاء كى اتبرع بالدم لم استطع نتيجة للزحام الشديد من قبل الشباب للتبرع بالدم”.
وأوضح بكر، أن هناك مبادرات أطلقها الأهالى فى قطاع غزة تحت شعار "بيتك بيتي"، وكثير من العائلات تقاسمت بيوتها مع عائلات مهددة بيوتها بالقصف أو تم قصفها، فهناك حالة تكافل تلاحم تعاضد بين جميع فئات المجتمع.