حكايات الأولياء والخواجات فى «إسكندرية من تانى» لـ سهير عبدالحميد
أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب "إسكندرية من تاني" للكاتبة الصحفية والباحثة في التاريخ سهير عبد الحميد.
يغوص الكتاب في تاريخ المدينة المتوسطية جغرافيا وثقافيا وحضاريا بشكل مختلف تمتزج فيه الرواية التاريخية بالحكى الشعبي بالتجربة والمعايشة الذاتية.
تقول سهير عبد الحميد لـ"الدستور": حاولت تقديم صورة لروح المدينة بالغوص في أعماقها السيكولوجية من واقع تجربة ذاتية وحكايات سمعتها وأشياء رأيتها بوصفي سكندرية الأصل، أما عن اسم الكتاب فقد كان كتاب الراحل محمود السعدني "مصر من تاني" عبقريا إلى الدرجة التي جعلته عالقا في أهداب ذاكرتي سنوات طويلة، منذ اقتنيته للمرة الأولى، فقررت أن يكون اسم كتابي "إسكندرية من تاني".
ويتناول الكتاب تاريخ المدينة من خلال ثلاثة فئات: الأولياء والخواجات والجدعان، أما الأولياء فالمدينة كانت مقصدا لرجال التصوف المغاربة خصوصا فى طريقهم لأداء شعائر الحج المقدسة،وأشهرهم رأس الأولياء المرسي أبو العباس، حيث يوجد بالمدينة نحو 27 مولد تقام في شهر رمضان وحوالى 75 ضريحًا، والكثير من أحيائها تسمى باسم الأولياء مثل القباري، كما أن شواطئ المدينة سميت باسم هؤلاء الشيوخ المتصوفة ومنهم سيدي بشر وسيدي جابر.
وتشير سهير عبد الحميد إلى أن أما الخواجات أو الأجانب الذين شكلوا جزءًا كبيرًا من تاريخ المدينة وتركوا بصمتهم عليها حتى أن بعض شوارع المدينة ما زالت تحمل أسماءهم وتضم أبينتهم التي عاشوا فيها، خصوصا اليونانيين، وهناك جالية يونانية مازالت تعيش فى المدينة حيث يمتلك معظمهم أشهر مقاه البن والسمك.
وتتابع: "من أشهر الشخصيات السكندرية اليونانية، البارون اليوناني «چون أنطونيادس». وهــو مــن مواليـــد الإسكنـدريــة، وكان مـــن أعمــدة الاقتصاد بها خصوصًا في تجارة القطن. والذي أهدى قصـــره وحديقتـــه إلى الحكومة المصرية الذي هو من أشهر معالم المدينة، بالإضافة إلى زيزينيا اليوناني الذي كان صديقا شخصيا للباشا محمد علي، وكان أحد أكبر تجار القطن، واشترى قطعة أرض عام 1854 من عائلة "أبي شال" التي كانت تمتلك العديد من الأراضي في منطقة الرمل.
وعندما بدأت الحكومة المصرية في مد خط "ترام الرمل"، اشترت من زيزينيا جزءا من تلك الأرض، وكما يحدث دوما كلما تواجدت المواصلات بدأ العمران، فبفضل "الترام" تحولت المنطقة الجبلية إلى منطقة عمران جاذبة للأثرياء والأجانب، ووضع زيزينيا بصمته على المكان حتى أضحى يحمل اسمه ومازال إلى يومنا هذا.
ولفتت سهير عبد الحميد إلى أن الأرمن ولهم وضعية خاصة فهم لا ينظرون إلى أنفسهم بوصفهم أقلية أجنبية بل هم أرمن مصريون أو مصريون أرمن، فلهم حدوتة من عدة فصول مع المدينة، فقد كان ميناء الإسكندرية – بعد ميناء بورسعيد - القبلة الثانية التي استقبلت الأرمن الفارين من مذابح الأتراك بدءا من عام 1896 ومارس أرمن الإسكندرية تقريباً جميع الأنشطة الاقتصادية علي المستويات الصناعية والحرفية والمهنية والملكيات العقارية.
أيضا اشتهر أرمن الإسكندرية بصناعة الأحذية وأشهرها مصنع أحذية سيسل بشارع المينا الشرقية ومصنع برج إيفيل للأحذية في شارع قبو الملاح بالجمرك.
يهود الإسكندرية فصل خاص فى حياة المدينة
وشكلت أشهر العائلات اليهودية "منشا، عاداه، أجيون، شيكوريل، رولو – مكاوي،...."، جانبا كبيرا ومهما من اقتصاد الإسكندرية وحياتها الاجتماعية وتراثها الثقافي والمعماري من منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.
ويتطرق الكتاب إلى سير العديد من أولاد البلد منهم المير عمر طوسون الذي كان يلقب بـ"أمير الإسكندرية"، محرم بك أول محافظ للمدينة، وهيباتيا شهيدة العلم.
مؤلفة الكتاب سهير عبد الحميد كاتبة وباحثة فى التاريخ، صدر لها عام 2020 عن الهيئة العامة للكتاب "قصور مصر".