قصة 96 ساعة من تتبع إرهابي ميدان الجيزة حتى تفجير الدرب الأحمر
في 15 فبراير 2019 دوي انفجار بميدان الجيزة بالقرب من مسجد الاستقامة عقب صلاة الجمعة مباشرة، لتصدر وزارة الداخلية بيانًا كشفت فيه أنه بتاريخ الجمعة الموافق 15 الجارى، قام عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية بمحاولة إستهداف قول أمنى بعبوة بدائية الصنع بمحيط مسجد الاستقامة بميدان الجيزة قام على الفور خبراء المفرقعات من قوات الحماية المدنية بإبطال مفعولها.
عقب الانتهاء من رفع آثار الانفجار وتأمين المنطقة والتأكد من عدم وجود متفجرات أخرى، شكلت وزارة الداخلية فريق بحث رفيع المستوي من قطاع الامن الوطني ومباحث الجيزة للتوصل الي هوية ملقي العبوة الناسفة، علي مدار النصف اليوم الثاني من الجمعة 15 فبراير بدأ فريق البحث تنفيذ بنود خطة البحث والتي استمرت حتي يوم 18 فبراير حيث نجح الضباط خلال 72 ساعة في رصد خط سير الارهابي بالكامل منذ ظهوره اعلي كوبري الجيزة المعدني يقوم بالقاء العبوة الناسفة تجاه القول الأمني.
وبتقنيات عالية للغاية وطريقة فحص دقيقة ومميزة وبأسلوب معين اتبعه ضباط الأمن الوطني تم تتبع مسار الإرهابي من الجيزة وصولاً الي محطته الاخيرة بمنطقة الدرب الاحمر حيث أظهرته كاميرات مراقبة علي طول خط السير بملامحه الجسدية المحددة رغم اخفاؤه وجهه ب "كمامة طبية" مستقلا دراجة هوائية حاملا حقيبة متوسطة الحجم علي ظهره.
في التاسعة من مساء 18 فبراير، كانت المحطة قبل الاخيرة لتحديد مكانه وهويته ما رصدته كاميرات مراقبة المتحف الإسلامي المواجه لمديرية أمن القاهرة بمرور الإرهابي بدراجته متوجها الي داخل منطقة الدرب الأحمر من تلك النقطة تولي ضباط قطاع الامن الوطني بالقاهرة وقسم شرطة الجمالية والدرب الاحمر التعامل مع تلك المعلومات والصور حيث بدأت التوغل داخل دروب المنطقة من الداخل لتحديد الشارع او المنزل الذي لجأ اليه الارهابي.
نجحت التحريات وخطة البحث في التوصل الي اخر محطة للارهابي بمنطقة الكحكيين فتحركت مأمورية ترأسها المقدم رامي هلال ضابط الأمن الوطني مدعما بضباط وافراد شرطة من قسمي الدرب الاحمر والجمالية وأثناء فحص كاميرا مراقبة امام محل "حلاق" شاهد الضباط المتهم المستهدف يخرج من احد المنازل بذات الهيئة التي رصدته الكاميرات بها.. أسرعت القوة الامنية تجاه المتهم لضبطه والذي ما أن شاهدهم قام بتفجير نفسه ليطيح بهم جميعا مخلفا ورائه 3 شهداء المقدم رامي هلال واميني الشرطة محمود ابو اليزيد من قوة قسم الدرب الاحمر وعمرو محمد السيد من قطاع الامن الوطني، بخلاف مصابين طبقا لما اوردته وزارة الداخلية في بيانها حول الحادث والذي تضمن انه فى إطار جهود وزارة الداخلية للبحث عن مرتكب واقعة إلقاء عبوة بدائية لاستهداف تمركز أمني أمام مسجد الاستقامة بالجيزة عقب صلاة الجمعة الماضية، أسفرت عمليات البحث والتتبع لخط سير مرتكب الواقعة عن تحديد مكان تواجده بحارة الدرديرى بالدرب الأحمر.
وقامت قوات الأمن بمحاصرته وحال ضبطه والسيطرة عليه انفجرت إحدى العبوات الناسفة التى كانت بحوزته، مما أسفر عن مصرع الإرهابي، واستشهاد أمين شرطة من الأمن الوطنى، وأمين شرطة من مباحث القاهرة، وإصابة 3 ضباط من الأمن الوطنى ، ومباحث القاهرة ، وضباط الأمن العام.
عقب تفجير الانتحاري نفسه تحولت المنطقة الي ثكنة عسكرية تولت تأمين فرق النيابة العامة من نيابة أمن الدولة العليا ونيابة حوادث جنوب القاهرة خلال اجراء المعاينة التصويرية لموقع الحادث.. تولي خبراء الادلة الجنائية رفع بقايا الانفجار لتحديد ماهيته وما اذا كان ناتجا عن عبوة او حزاما ناسفا واثناء الفحص فتشت اجهزة الامن منزل المتهم ليتم العثور علي كمية ضخمة من المتفجرات وبحلول الساعة الواحدة صباحا تولت اجهزة الامن اخلاء المنزل والمنطقة بالكامل وسحب القوات لمسافة بعيدة ليتوجه خبراء المفرقعات بمفردهم الي المنزل لتفكيك وتأمين تلك المواد المتفجرة خشية الانفجار بالمنطقة واحداث كارثة.
وخلال 8 ساعات متواصلة قام خبراء المفرقعات مستيعنين ب "روبوت" تفكيك قنبلة ب "تايمر" أعدها الارهابي قبل تفجير نفسه بالاضافة الي تأمين كافة المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات.. في الساعات المبكرة من صباح اليوم التالي غادرت منطقة الدرب الاحمر معدات خبراء المفرقعات بعد الانتهاء من تمشيط المنطقة بالكامل وتأكيد خلوها من المتفجرات.
وأجرت نيابة أمن الدولة العليا، بمعاونة نيابة جنوب القاهرة، معاينة لموقع الحادث، بناءً علي تعليمات النائب العام المستشار نبيل صادق، الذي أصدر تعليماته عقب وقوع الحادث مباشرة، وذلك بحضور فريق من خبراء الأدلة الجنائية، والمعمل الجنائي وخبراء المفرقعات، والذين تحفظوا علي مواد كيميائية وعبوات تم إيجادها داخل منزل المتهم تستخدم فى صناعة العبوات الناسفة.
وباشر فريق من النيابة الاستماع الي أقوال شهود العيان بالمنطقة، والمصابين، ومناقشتهم حول طبيعة الإرهابي الحسن عبدالله العراقي، والأماكن التي يتردد عليها.
وطالبت النيابة الأجهزة الأمنية إجراء تحريات واسعة حول المتهم الحسن عبدالله نجل الطبيب الموجود بأمريكا، وعلاقة المتهم بأهالي المنطقة والأماكن التي يتردد عليها خلال الآونة الأخيرة، وكيفية حصوله علي المواد المتفجرة، وصناعتها داخل منزله، وكتابة تقرير وافٍ حول السجل الأمني للمتهم.
وكلفت النيابة الطب الشرعي بتشريح اشلاء الانتحاري لتحديد سبب الوفاة ونوع المادة التفجيرية التي استخدما في تفجير نفسه بالاضافة الي تشريح جثامين الشهداء الثلاثة.