مجلة بريطانية: العولمة والرقمنة ساعدتا على ازدهار الجريمة المنظمة في أوروبا
ذكرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية أن العولمة والرقمنة ساعدتا على ازدهار الجريمة المنظمة في أوروبا، وأكدت أنهما ساهمتا في تشكيل العصر الذهبي للعصابات الإجرامية هناك على مدى ثلاثين عاما.
وأوضحت المجلة البريطانية، اليوم الأربعاء، أن تفشي وباء فيروس (كورونا) المستجد لم يحِد من الطلب على المخدرات، ولم يكبح فرص استغلال شبكة الإنترنت في الاحتيال الإلكتروني، ووصل الأمر لدرجة أن شرطة الاتحاد الأوروبي (يوروبول) نشرت تقريرا في منتصف شهر أبريل الجاري تضمَّن تقييما للتهديد الذي تشكله الجريمة المنظمة لأوروبا، ويصحح هذا التقييم وجهة النظر الساذجة التي كانت ترى أنه حينما تصبح أوروبا أكثر ازدهارا فإن الجرائم الخطرة ستتلاشى.
وأوضح تقرير "ذي إيكونوميست" أنه على الرغم من تناقص بعض أشكال الجريمة خلال عام 2018 عما كانت عليه خلال عام 2009 بمعدل يزيد على الربع، إذ انخفضت جرائم القتل في دول الاتحاد الأوروبي باستثناء أربع دول، إلا أن عصابات الجريمة المنظمة تواصل أنشطتها بطريقة سرية وغير مرئية على نطاق واسع في مجالات تهريب المخدرات والأسلحة والبشر والتزييف وأشكال متعددة للاحتيال والجريمة الإلكترونية، ومن الصعب تقييم حجم الجريمة المنظمة.
وأكد التقرير أن "الدليل على أن هذه الجريمة أصبحت صناعة متنامية في الاتحاد الأوروبي يتمثل، على سبيل المثال، في أن كميات المخدرات التي يتم ضبطها تشير إلى أن الكوكايين يدخل أوروبا بكميات لم يسبق لها مثيل، ويثير ذلك مشاعر القلق بوجه عام لأن الجريمة المنظمة تؤدي إلى تقويض المجتمع وإفساد سياسيين ومسئولين ويمكن استغلالها لتمويل الإرهاب".
وتابع التقرير: "تتسبب الجريمة المنظمة في تشويه أوضاع الأسواق بطرق متعددة حيث يتسلل أعضاء عصابات الجريمة إلى شركات ويستحوذوا عليها، وكثيرا ما يتمتعون بمزايا غير عادلة لا تقتصر على حصولهم على تمويل بدون تكلفة فقط، بل تكون لديهم القدرة في بعض الأحيان على الفوز بتعاقدات باتباع وسائل التهديد والترويع".
وأكد أن هناك تطورين ساهما في تشكيل العصر الذهبي لعصابات الجريمة المنظمة خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ويتمثل التطور الأول في "العولمة"؛ إذ أصبح بالإمكان انتقال مجرمين وأموال وأرباح جرائم عبر الحدود بسهولة غير مسبوقة، لا سيما وأن حوالي نصف أعضاء العصابات من أماكن أخرى، وحوالي 70% من الشبكات الإجرامية تمارس أنشطتها في أكثر من ثلاث دول، وأصبحت عمليات غسيل الأموال أكثر انتشارا وتعقيدا في أوروبا مقارنة بما كانت عليه من قبل، وأن أفراد العصابات المحترفين في مجال غسيل الأموال أسسوا نظاما ماليا سريا موازيا بمعزل عن أية آليات للرقابة المالية.
وفيما يتعلق بالتطور الآخر، والذي يتمثل في "الرقمنة"، فأوضح التقرير أن الشبكة المظلمة والعملات الإلكترونية بوجه خاص تسمح لأعضاء هذه العصابات بالتداول في الظل بدون إزعاج.
ونبّه تقرير المجلة إلى أن الرقمنة أدت أيضا إلى إيجاد أشكال جديدة للجريمة تتضمن استغلال الأطفال جنسيا واستغلال الرسائل النصية لاستنباط معلومات شخصية حساسة مثل كلمات المرور الخاصة بالحسابات المصرفية.
لكن المجلة البريطانية أشارت إلى أنه "على الرغم من ظهور أنماط جديدة مختلفة من المجرمين في مجال الجريمة المنظمة بالشبكات الإلكترونية، إلا أنه ما زال هناك مجال كبير لأعضاء العصابات الذين ينتمون للمدرسة القديمة، وعلى سبيل المثال فإن الشرطة تمكنت خلال شهر يونيو الماضي من اكتشاف مجمع مجهز تماما للتعذيب، ويضم حاويات شحن تم تحويلها لهذا الغرض بحيث تم عزلها صوتيا وتحتوي على أجهزة يمكن استخدامها للتعذيب بطريقة مؤلمة".
واختتمت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية بأن من المفارقة أن هذا المجمع المروع لم يُعثَر عليه بأحد الأحياء الفقيرة بمدينة باليرمو الإيطالية على سبيل المثال، بل اكتشفته الشرطة الهولندية بمنطقة "ووسى بلانتيج" الواقعة بالقرب من الحدود مع بلجيكا، وعلى بُعد أقل من 100 كيلومتر من مقر المفوضية والبرلمان الأوروبيين في بروكسل.