أقدم مسحراتي في الغربية: أعمل في المهنة تقربًا لله.. والدراجة والمكبر فكرة حفيدي (فيديو)
يعد المسحراتي أحد أبرز معالم شهر رمضان الكريم في مصر بصفة عامة ومحافظة الغربية بشكل خاص، فهى مهنة يتوارثها الأجيال والتي كانت موجودة منذ عهد النبي (ص) وفي العصر العباسي كان المسحراتي ينشد شعرًا شعبيًا يسمى "القوما" طوال ليالي رمضان.
ظهرت الطبلة أو كما كانت تُسمى "بازة" في يد مسحراتي مصر حيث كان يجوب شوارع مدن وأزقة المحروسة يحمل طبلة صغيرة ويدق عليها بقطعة من الجلد أو الخشب، ولم تُلغ المهنة إلا في بعض أيام العصر الفاطمي وتحديدًا أيام الحاكم بأمر الله، الذي أصدر أمرًا بأن ينام الناس مبكرًا عقب صلاة التراويح، وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور عوضًا عن المسحراتي.
عاد المسحراتي من جديد في عصر المماليك حيث ظهر لها قائد وهو "ابن نقطة" شيخ طائفة المسحراتية وكان المسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد وهو مخترع فن "القوما"، وهى من أشكال التسابيح، حيث كان للإنشاد الديني حضورُا دائمًا ومميزًا في شهر رمضان.
ظلت مهنة المسحراتي في تطور من عصر إلى آخر وصولًا للعصر الحديث، فما بين المسحراتي التقليدي الذي لا يزال موجودًا في بعض أحياء ومناطق محافظة الغربية، وظهرت رجال توارثت المهنة بل وسيدات توارثن المهنة عن آبائهن وأجدادهن وأحيانًا عن أزواجهن.
لم تتوقف تطور مهنة "المسحراتي" داخل محافظة الغربية عند هذا الأمر، بل طور بعض أصحاب هذه المهنة من أنفسهم توفيرًا للوقت، والجهد وطمعًا في ممارسة المهنة براحة أكثر ودقة أكثر، ويعد أبرزهم فى الغربية وبالتحديد في مدينة زفتي أحمد فتحى راشد، صاحب الـ73 عامًا وأصبح أحد أهم معالم الشهر فى المدينة والذي يناديه أهالي المدينة بـ"عم فتحي راشد".
طور عم فتحي من نفسه وبدلًا من السير على قدميه بات يستخدم دراجته الهوائية، وبدلًا من أن ينادي الناس بصوته استعان بمكبر صوت، وبدأ يجوب مناطق أكثر مستغلًا صوته في غناء الأناشيد الدينية والذكر.
"الدستور"، التقت عم فتحي الذي أكد أنه يستخدم الدراجة ومكبر الصوت على مدار عامه الثاني عشر، مؤكدًا أنها فكرة حفيده، الذي اقترحها عليه، لأنه في رمضان من كل عام كان يفقد صوته لبعض الأيام، فاستعان بمكبر الصوت ومع عدم قدرته على المشي في أنحاء المدينة، اتخذ من دراجته وسيلة للتحرك، بعد أن كان يجوب المدينة قبلها على قدميه لنفس المدة تقريبًا بعد عودته من الخارج.
أضاف: "أعمل فى هذة المهنة منذ زمن بعيد، فبعد أن تركت مهنتي الأصيلة كفران للخبز البلدي، بتًّ لا أستطيع العمل اجتهدت فى تطوير نفسي كمسحراتي، خاصة وأنا كنت أعمل هذه المهنة منذ أكتر من 50 عامًا عملت منهم 25 عامًا بالمدينة المنورة، بجوار رسول الله وتم تكريمي فى المدينة المنورة وبدأتها في مسقط رأسي بزفتي عندما شاهدت المسحراتي فى التليفزيون وكنت وقتها فى وعكة صحية حيث أجريت 6 عمليات جراحية منها استئصال البروستاتا، وقتها نذرت لله أن أعمل هذه المهنة لله سبحانه وتعالي حال نجّاني مما أنا فيه.
وقال أقدم مسحراتي بزفتي: "دائمًا لا يحصل المسحراتي على أجر ثابت وفي الغالب يعتمد على الصدقات التي قد يخرجها المسلمين في رمضان كالطعام والملابس وفي نهاية رمضان يحصل على "كحك العيد"، من أهالي المنطقة التي ظل متواصلًا معهم طول الشهر الكريم، إلا أنني لعلاقتى الوطيدة بالناس يُطالبونني بذكر أسماء أولادهم خلال مرورى من الشوارع تشجيعًا لهم على القيام والصيام، ويمنحوننى بعض النقود وبفضل الله أوجه هذة النقود لأعمال الخير فهناك مجموعة من المتعففين ينتظرونني ليشاركوننى هذة الأموال فالله.و
يضيف مسحراتي زفتى، الذي يقابلك بمجموعة من الدعوات ما إن تتحدث إليه، فهو لديه قدرة على الدعاء لأى شخص حتي يُشعره براحة نفسية غريبة حتى أن الناس تنتظره فى الشرفات والشوارع لينالوا قدرًا من هذه المحبة والبركة: “أنا لا أُجيد القراءة والكتابة، فلم أتعلمها لكني نجحت في كل الأعمال التي أقوم بها"، مؤكدًا أنه لا ينسي كلام أهل جمهورية زفتى، كما يحب أن يُطلق على المدينة، فلولا خروجه العام الماضي تحديدًا لما شعروا برمضان خاصة أنه تزامن مع حظر التجول بسبب فيروس كورونا.
واختتم مسحراتي زفتي حديثه الخاص مع "الدستور" أن لديه 6 أبناء (4 إناث و2 من الذكور)، وجميعهم متزوجين، ولديه 16 رحفيدًا هم متعة الدنيا، بجانب هوايته الأخرى وهى صيد الأسماك فيرزقه الله الرزق له ولعائلته الكبيرة، وكل ما يرجوه عم فتحي هو توفير معاش ودخل ثابت".