توفيق الحكيم لعبد الوهاب الأسواني: بائعة تذاكر وراء إلهامي في «عصفور من الشرق»
عالم توفيق الحكيم مشغول بالكثيرمن الحكايات المبهرة والمثيرة، فحياته ذاتها تشبه روايات الواقعية السحرية، خاصة فيما يرويه عن علاقاته الشخصية، وقصصة المتعددة ففي بدايات عام 1976 جمع حوار بين الكاتب المسرحي والروائي توفيق الحكيم والكاتب الصحفي والروائي الشاب عبد الوهاب الأسواني.
الحوار جاء تحت عنوان" فنجان قهوة مع توفيق الحكيم" ونشر في فبراير 1976، وسأل فيه عبد الوهاب الأسواني توفيق الحكيم: "كثيرون يخلطون بين العمل الفني وبين السيرة الذاتية للفنان، إلى أي مدى يمكن أن نسمي بعض روايات ديستويفسكي تراجم ذاتية مثل " المقامر"، و"ورسائل من بيت الموتى"، وغيرهما ما نعرف من مطابقة بعض وقائعها لوقائع حياة المؤلف؟
رد الحكيم أن صاحب العمل الفني الذي يصور فيه جانبًا من حياة الناس لا يعطينا ترجمة ذاتية حقيقية حتى وإن تطابقت الوقائع والشخصيات والطباع مع ما نعرفه عنه وعمن حوله، وهو في نفس الوقت لا يعطينا عملاً منفصلاً عن ذاته تمامًا بل يقدم طبخة تمتزج فيها وقائع حقيقية متخيلة ومشاعر صادقة ومشاعر مفترضة.
تابع الحكيم في رده على سؤال الأسواني:"لا أستطيع أن اسمي عمل فني ترجمة ذاتية إلا إذا كان مكتوبا بهذه النية ولهذا الغرض بالضبط، أي يقول لنا المؤلف هذه هي مذكراتي أو هذه حياتي".
ولفت الحكيم انتباه الأسواني بقوله:"لو رجعت لروايتي "عصفور من الشرق" لرأيت بطلها يحب عاملة شباك التذاكر بينما هي لا تبادله الحب، أو هكذا اكتشف في النهاية، بينما الحقيقة غير ذلك".
يروي توفيق الحكيم القصة الحقيقية كاملة حيث يقول:"تعرفت على هذه العاملة فعلاً أثناء إقامتي في باريس وأحببتها وبادلتني حبًا بحب، وقد بدأت العلاقة بيننا بسبب إفلاسها لي! .. فقد كنت أتردد على مسرح الأوديون بين الحين والحين، لكن بعد أن أحسست بشعور طاغ نحوها رأيتني أذهب إلى المسرح كل يوم، وآخذ مكاني في الصف الطويل حتى إذا لمست يداي الشباك، رحت أوجه إليها الكلام، أي كلام فتقول لى: الناس وراءك.. لا بدّ أن يحصلوا على تذاكرهم، فكنت أضحك وأقول لها: دعيهم، لأنهم جاءوا من أجل الرواية من اجل الرواية، وختم الحكيم حديثه عن بائعة التذاكر: "عشنا قصة حب حقيقية وكان أن ألهمتني "عصفور من الشرق"، لكن ترى الوقائع الحقيقية اختلفت كثير عن وقائع الرواية.