ألمانيا تنتفض ضد الإخوان..
«ورقة موقف» أمام البوندستاج للمطالبة بالحد من نفوذ جماعات الإسلام السياسي
كشفت صحيفة "تاجست بوست" الألمانية عن وجود تحركات في أوساط الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الحاكم في ألمانيا للحد من نفوذ جماعات الإسلام السياسي المتطرفة وعلى رأسها الإخوان، إذ تقوم بإعداد "ورقة موقف" تدعو لمراقبة أكثر واقعية في مواجهة تلك الجماعات المتطرفة والحد من مخاطرها.
ووفقا للصحيفة، يطالب الاتحاد بـ"إنهاء تعاون الدولة والعلاقات التعاقدية مع منظمات الإسلام السياسي"، ويشمل ذلك الأندية والجمعيات الإسلامية التي تراقبها المكاتب الفيدرالية وفروع هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ولايات البلاد الـ16، كما طالب بوقف تمويل الجمعيات الإسلامية المتأثرة بالإسلاميين المتطرفين في البلاد.
وذكرت الصحيفة أن تلك المطالب المرفوعة أمام البوندستاج "البرلمان" الألماني نابعة من إدراك الاتحاد المسيحي الحاكم خطورة " القوة المتفجرة لطموحات الإسلام السياسي"، لا سيما وأن العديد من الوزارات الحكومية في ألمانيا لا تزال تدعم مشاريع الإخوان، حيث كشف تحقيق أجرته صحيفة دي فيلت الألمانية العام الماضي أن "المجلس المركزي للمسلمين"، الذي يمتلك الإخوان النفوذ الأكبر فيه، يدار بالكامل بأموال حكومية.
وأوضحت الصحيفة الألمانية أن هذه الورقة تمثل ضربة مميتة لأذرع "الإخوان" في ألمانيا وجميع الجمعيات والمؤسسات التابعة لها، نظرا لأنها تعتمد بشكل كبير على أموال الحكومة، خاصة الجمعيات التي تعمل تحت واجهة العمل الخيري أو الحقوقي أو دعم الديمقراطية.
ونصت ورقة الموقف على أن "الإسلام السياسي الذي يتصرف ظاهريًا بطريقة غير عنيفة، يثير الكراهية والتحريض والعنف ويسعى إلى نظام لا توجد فيه حقوق متساوية، ولا حرية للرأي والدين، ولا فصل بين الدين والدولة، ما ظهر آثاره في أجزاء كبيرة من مجتمعنا".
وأضافت الورقة إن "جميع التبرعات المالية والمنح والعلاقات التعاقدية والتعاون مع هذه المنظمات يجب أن يتم فحصها ووقفها"، بما يشمل الإعفاءات الضريبية القانونية للمنظمات التي تعمل بواجهة العمل الخيري.
كما طالبت الورقة بـ" إنشاء برامج في الجامعات على مستوى البلاد حول موضوع الإسلاموية، وتضمين المناهج الدراسية مواد حول تأثير هذه الأيديولوجية، وإنشاء مركز توثيق للإسلام السياسي في ألمانيا وأوروبا، ومجموعة خبراء في وزارة الداخلية الاتحادية، وكذلك الكشف عن التمويلات الأجنبية للجمعيات".
أبرز الجماعات الإخوانية بألمانيا
وقدمت الورقة أمثلة لأبرز الجمعيات والمؤسسات الإخوانية التي تعمل في ألمانيا تحت ستار العمل الخيري بينما في الواقع تسعى لنشر العنف والتطرف في البلاد، إذ خصت بالذكر:"اتحاد الجمعيات الثقافية التركية الإسلامية في أوروبا (أتيب) والذئاب الرمادية المرتبطة بـ جماعة "الذئاب الرمادية" وهي أيضًا عضو مؤسس في" المجلس المركزي للمسلمين"، وكذلك ما يسمى ب"منظمة المجتمع الإسلامي" ، أكبر منظمة للجماعة الإرهابية في ألمانيا.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة والخبيرة في جماعات الإسلام السياسي في فرانكفورت ، سوزان شروتر، قولها “إن جهود ممثلي الإسلام السياسي معادية للديمقراطية، تلك الجماعات لا تهتم بالديمقراطية على أي حال، ولكن قد يحتاجون إليها في الفترة القادمة وعندئذ سيتعين عليهم حتما تبرير الأفكار التطرفية والعنف المناهضين للديمقراطية".
من ناحية أخرى ، انتقدت شروتر التعامل اللامبالي للأحزاب السياسية في ألمانيا بظاهرة "الإسلام السياسي"، فحتى الآن ، لا تزال أحزاب ومؤسسات الدولة تسمح لهؤلاء المتطرفين بالقيام بعملهم ومنحتهم موارد مالية وسمعة سياسية، مضيفة" إن جماعات الإسلام السياسي دائما ما تتبنى الخطاب القائل بأن الإسلاموية مرادفة للدين الإسلامي وأنه يجب الترويج لها باسم التسامح وحرية الدين وحسن المعاملة مع الغير، وهو غير صحيح".
وأشادت الباحثة بتحرك الاتحاد المسيحي ضد للإخوان والمنظمات التابعة لها، مشيرة إلى أن التحركات السياسية السابقة لمحاصرة الجماعة كانت لا تتمتع بوزن قوي.
كما نقلت الصحيفة عن خبير التطرف لورنزو فيدينو ، الذي يدرس في واشنطن، قوله" إن جماعات الإسلام السياسي أرادت اختطاف سيادة القانون من خلال النشاط الشعبي والمشاركة في الحياة العامة والعملية الديمقراطية التي تتستر وراءها لإخفاء أنشطتها المتطرفة".
من جهته، قال كريستوف دي فريس، النائب البارز عن الاتحاد المسيحي في تصريحات صحفية: "يجب مواجهة التطرف الديني وممثليه بنفس المسافة والرفض مثل المتطرفين السياسيين من اليسار واليمين".
وأضاف "لا يمكن لأعداء دستورنا أن يكونوا شركاء لدولتنا في نفس الوقت".
وتابع السياسي البارز: "نحن نحترم حرية المعتقد دون قيد أو شرط، لكننا لا نريد أن نسمح للحكومات الأجنبية أو قوى الإسلام السياسي الأجنبية بالعمل لتأسيس نظام حكم في ألمانيا يخضع المجتمع والسياسة والثقافة والقانون إلى المعايير الإسلاموية".
يذكر أن السلطات الألمانية ممثلة في هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، تضع منظمات وقيادات تابعة لجماعة الإخوان في ولايات البلاد الـ16، تحت رقابتها، وتقدر عدد عناصر الجماعة الأساسية في ألمانيا بـ1300 شخص.