الشباب كنز لا يعوض فاغتنموه
رغم عدم وجود تعريف دولى متفق عليه للفئة العمرية للشباب، فإن الأمم المتحدة، ولأغراض إحصائية، ودون المساس بأى تعريفات أخرى تصنفها الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة، تعرف الشباب على أنهم «الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الخمس عشرة سنة والأربع والعشرين»، وتستند جميع إحصائيات الأمم المتحدة بشأن الشباب إلى هذا التعريف، الذى أصبح من أهم البيانات التى تصدرها الأمم المتحدة حول: الديموجرافيا، والتعليم، والصحة، وبذلك أصبح من هم أقل من خمس عشرة سنة فى مرحلة الطفولة.
ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل تقول إن «الطفل هو من يبلغ من العمر حتى سن الثامنة عشرة، ويجب توفير الحماية والحقوق لأكبر فئة عمرية خاصة لعدم وجود وثيقة مماثلة بشأن حقوق الشباب».
كما تقوم مجموعة من الدول بوضع معايير لتعريف الشباب فيما يتعلق بالأعمار، وهذا ما يُشار إليه باسم «سن الرشد»، وهو عادة فى عمر الثامنة عشرة، ولا يعتبر الشخص بالغًا دون أن يصل إلى هذه السن، حتى وإن كان هذا التعريف مختلفًا عليه من بلد إلى بلد آخر.
أما عن حالة الشباب فى العالم، فتقدر أعدادهم عالميًا بـ«واحد واثنين من عشرة مليار نسمة من تعداد العالم»، وتتراوح أعمارهم بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، ويمثلون نسبة ست عشرة فى المائة من التعداد العالمى للبشر، ومن المتوقع أن تزداد نسبة أعداد الشباب بنسبة زيادة قدرها سبعة فى المائة بحلول عام ألفين وثلاثين، وهو الموعد المنتظر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، حتى تصل زيادة الشباب ليبلغ عددهم نحو واحد وثلاثة من عشرة مليارات شاب وشابة فى العالم.
لهذا كان لا بد أن تراعى مطالب الشباب حول العالم، من حيث تدبير فرص عمل للشباب، كما يسبق العمل توفير فرص تعليم وتعلم لأكبر نسبة من الشباب، ومع فرص التعليم تأتى فرص الصحة، وكذلك المساواة بين البنين والبنات، مدركين أن الشباب هم كنز وقوة فى المساهمة لنهضة الشعوب اقتصاديًا، وأن لهم كل الحقوق فى الحصول على العمل المناسب لهم، حتى يستفيد مجتمعهم من مهاراتهم وقدرتهم على الأداء وبهم تتقدم الشعوب.
والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة توفر البرامج المناسبة للعمل بين الشباب، وفى مجالات متعددة، بلغت نحو خمسة عشر مجال عمل مطلوب، كما اعتمدت الأمم المتحدة منذ عام ١٩٩٥ مجالات وأطر سياسية لتوفير الدعم على مستوى الدول الأعضاء فيها بهدف تحسين أوضاع الشباب فى جميع أنحاء العالم.
هذا وقد جاء التقرير الصادر عن الأمم المتحدة حول الفقر متعدد الأبعاد للعام ٢٠١٧، وهو معنى بالأسرة، والطفل، وتحليل الفقر متعدد الأبعاد للعائلات فى حياتها المعيشية، وصنف مصر على النحو التالى:
٨٧ فى المائة من الفئة العمرية بين خمسة عشر عامًا حتى ٤٩ سنة.
١٤ فى المائة من الفئة العمرية من صفر حتى أربع عشرة سنة.
أما عن نسبة الحمل المبكر، فبلغت أربع عشرة وأربعًا فى المائة.
وعن مؤشرات تغذية الأطفال والنظافة الصحية، فإنها تتحسن إذا كانت الأم حاصلة على تعليم حتى المرحلة الثانوية، أما عن ترتيب مصر من حيث التعليم- كما جاء فى التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائى- فيوضح التقرير «أنه فى عدد مائة وواحد دولة تمت دراستها، من بينها واحد وثلاثون دولة ذات دخل منخفض، وعدد ٦٨ دولة ذات دخل متوسط، ودولتان فقط بدخل قومى مرتفع، وهناك أيضًا عدد مائة وثلاثة ملايين شخص يعانون الفقر متعدد الأبعاد».
ويضيف تقرير الأمم المتحدة عن أهداف التنمية المستدامة لعام ٢٠١٩ «أن خمسة وخمسين فى المائة من سكان العالم لا يحصلون على الحماية الاجتماعية».
وفى تقرير للعام ٢٠١٥، كان هناك ٧٣٦ مليون من البشر يعيشون فى فقر مدقع، منهم ٤١٣ مليون شخص فى إفريقيا وحدها، كما أن أكثر من ٩٠ فى المائة من الوفيات ناتجة عن الكوارث التى تحدث فى البلدان منخفضة الدخل ومتوسطة الدخل أيضًا، كما يعيش الملايين من البشر تحت وطأة الجوع حتى بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية ٨٢١ مليون فى عام ٢٠١٧.
وعن السؤال: هل من أمل لتحسن الأوضاع؟ كانت الإجابة بـ: نعم، هناك أمل وتقدم فعلى، ففى بيان عن معدل الفقر فى مصر أنه يتراجع للمرة الأولى منذ نحو عشرين عامًا، ليسجل نحو ٢٩ فى المائة فى العام المنتهى مقارنة بنحو ٣٢ فى المائة فى العام ٢٠١٧، وذلك من واقع بيان وزيرة التخطيط د. هالة السعيد، كما أن معدل الفقر يتراجع للمرة الأولى منذ عشرين عامًا.
ولا يسعنا هنا إلا أن نوجه الشكر للسادة المسئولين، وعلى رأسهم السيد رئيس مصر لبوادر التقدم الاقتصادى، وفى انتظار المزيد مع تعاون كل مسئول وقطاع كبير من شعب مصر الأكثر رخاء حتى يتغير معدل نسبة الفقر بمزيد من العمل الجاد والمخلص، فلا تقدم ولا ازدهار دون عرق وكفاح.
فمصر تستحق أن تأخذ مكانتها بين دول المنطقة، بل ودول العالم الأول، وتاريخ البلاد يشهد عنها ولها، حتى ينتهى الفقر تمامًا لتجدد تاريخها الذى نعتز به كدولة ساندت شعوبًا عديدة، فاقتنوا منها، وللأسف نسوا ما قدمته مصر لشعوب العالم الذين تمتعوا بقمح مصر عندما جاعت شعوب مجاورة، كما تشهد بذلك رواية يوسف الصديق فى زمانه والأمل فى شباب مصر، وحكمة قائدها ومعاونيه.