انهيار العقارات المفاجئ.. هل تمنع اشتراطات البناء الخطر؟
أزمة تلو الأخرى أصبحت تحدث يوما بعد يوم بسبب العقارات التي تنهار بشكل مفاجئ أو تحترق نتيجة الأنشطة التجارية أسفلها أو غيرها من الكوارث الأخرى التي تصدت لها الدولة بشكل حازم، من خلال وقف عملية البناء ثم أصدرت قانون التصالح في المخالفات، وفي الوقت الحالي في انتظار إصدار اشتراطات البناء الجديدة لتكون حركة العمران والبناء سليمة وصحيحة على أكمل وجه حتى لا تتكرر الكوارث.
من هذا المنطلق خبراء يوضحون لـ"الدستور" أسباب الكوارث التي تحدث للعقارات وهل تحمي اشتراطات البناء من هذه الكوارث مستقبلًا؟.
قال صبري الجندي، المستشار السابق لوزير التنمية المحلية، إن انهيار عقار جسر السويس وقبله العقار المحترق بكرداسة، يؤكد أن الفساد الموجود والتسيب والإهمال في الإدارة المحلية كانت هذه الحوادث نتيجته، سواء في انهيار العقارات أو الحرائق والحوادث التي تحدث نتيجة الأنشطة التجارية أسفل العقارات.
"لو موظفين الإدارة المحلية شايفين شغلهم مكنتش حصلت الحوادث دي"، بهذه الكلمات أوضح الجندي الأسباب الرئيسية التي تسهم في أزمة العقارات والعمران، مضيفًا أنه يمكن الرجوع لأي عقار وقع له حادث للتأكد هل مبني برخصة بناء أو هل تجاوز صاحب العقار الارتفاع المسموح به دون أن يجد رادع يمنعه من ذلك.
وأضاف أن العقارات غير المبنية على أصول هندسية سليمة وبالتالي أي تصرف غير سليم من ساكن أو صاحب العقار يتسبب في انهيار العقار كما حدث في العقار المنهار بجسر السويس.
وأكد الجندي أن قانون الاشتراطات البنائية إذا تم تنفيذه كما يجب وفق المتفق عليه، ستحد من هذه الإشكاليات التي تحدث للعقارات، فلن يستطيع أي صاحب عقار يقوم بالبناء أن يخرج عن الارتفاعات المسموح بها أو يقوم بالبناء دون ترخيص، مشددًا أن كل هذا لن يحدث إلا إذا قامت الإدارة المحلية بالقيام بدورها على أكمل وجه.
وأشار الجندي إلى أن الدور في منع هذه العقارات المخالفة لا يقع على الأحياء والإدارات المحلية فقط، بل تتكاتف جهود كل الجهات والوزارات لمنع هذه المخالفات، فالعقار الذي يتجاوز ارتفاعه أدوار عالية ويتوجه لطلب تركيب عداد مياه وتوصيل وصلاتها يجب أن تقوم الجهات المسؤولة بطلب ترخيص العقار للتأكد أنه سليم ومطابق للاشتراطات البنائية، بحيث لا يكون العقار مخالف ولكن يتم تركيب كافة مرافقه ويتم بيعها بأسعار أقل وبصورة اسرع من العقارات ذات التراخيص السليمة.
واستكمل أن موظفي شركات المياه والكهرباء يجب أن يقوموا بدورهم في المرور على العقارات للتأكد أنها لم تقم بسرقة وصلات للمياه والكهرباء والغاز وغيرها من المرافق، في مناطق يتسببون فيها بضغط وازدحام على المرافق، والتأكد من صحة العقود المبرمة مع المالك وهل هذه العقود سليمة، فلابد إلا يتم إدخال المرافق لأي مبنى مخالف.
وأكد مستشار التنمية المحلية السابق، أن قانون اشتراطات البناء الجديد سيحد من العشوائية في البناء، وستمنع البناء بارتفاعات وأدوار في مناطق لا تحتمل هذه الارتفاعات أو أماكن لم تدخلها المرافق أو أماكن أخرى الشوارع لم يتم صرفها بعد وهكذا، ولذلك هذه الاشتراطات ستحد من هذه المشاكل.
عدم الانتباه لمعايير واشتراطات البناء يسبب كوارث على المدى البعيد
قال الدكتور محمد جبر، خبير التخطيط العمراني، إن أزمة العمران والعقارات في الوقت الحالي مرتبط بفساد كان موجود منذ عقود مضت، وقيام غير المؤهلين والمتخصصين في البناء الأمر الذي أدى إلى تفشي العشوائيات والعشوائية في البناء، وكل مرة يقوم فيها غير المتخصص بالبناء يكتسب الثقة أنه قادر على البناء دون وجود اشتراطات أو معايير البناء والأمان ما يتسبب بالكوارث على المدى البعيد.
وأوضح أن البناء طوال الفترة الماضية كان يتم على الأراضي الزراعية بعقارات ذات ارتفاعات عالية لا تقل عن 10 أدوار، ومن قام بهذه المباني "ناس بسطاء" ليس لديهم خلفية عن السلامة البنائية أو استعانوا بالمتخصصين للبناء، وكان يتم بمعزل عن رقابة الدولة في نطاق التعدي على الأراضي الزراعية ثم في سياق عدم الرقابة.
وأشار جبر إلى أن أهم خطوة في البناء هو عمل اختبار للتربة لمعرفة قدرتها على كم الأحمال التي تتحمله وبالتالي الارتفاعات المسموح ببنائها عليها، مضيفًا أن هناك من يعتمد على تقارير مزورة كي يبني العقارات التي يرغب بارتفاعاتها المحددة وفقا لأهواءه دون ضمان سلامة التربة وقدرة الأرض على التحمل.
وأكد أن الانهيار المفاجئ لأي عقار سببه إما مشاكل موجودة في التربة وهي مرتبطة بالتقصير في أبحاثها والدراسات التي تمت بصورة مبدئية قبل البناء ولم يهتم بها صاحب العقار، وفي السياق الآخر مرتبط بالطبيعة الإنشائية للمبنى نفسه ومدى جودة التنفيذ والرقابة عليها.