«البطريرك الزاهد».. الوجه الآخر للبابا شنودة بدير وادي النطرون
الدير هو المكان، الذي يخرج منه بطاركة الكنيسة، بعد ترك حياة الرهبنة وبدء حياة جديدة يصبحوا من خلالها مسئولون عن جميع الأقباط، إلا أن خلال رعايتهم للكنيسة يغلبهم الحنين دائمًا إلى الدير حيث الاعتكاف والصلاة والزهد وبعد نسبي عن زحام عالم المسئوليات بحياتهم الجديدة حين يحملون لقب "بطريرك".
وتحمل الأديرة صلوات البطاركة إلى الله لأجل العالم والأقباط في خلوتهم، بل وفي كل أوقاتهم، وربما كواليس أخرى للاعتكاف داخل الدير يرويها الرهبان المقربين تارة وترويها الصور الموثقة تارة أخرى، وبالتزامن مع الذكرى التاسعة لرحيل البابا شنودة الثالث البطريرك الـ"117" للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وترصد "الدستور" كواليس يوم كامل بحياة البابا الراحل من خلال بعض الصور التي وثقت يومًا في خلوته بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون بعدسة المصور "حسام دياب" صاحب أشهر صورة له بالدير.
"لم يغلق بابه أمام أي شخص يريد لقائه بالدير".. هكذا بدأ المصور حسام دياب حديثه عن بعض الأحداث التي وثقها بكاميرته مع البابا شنودة الثالث، عندما شاركه بمعايشة يوم كامل بعام 1996م بالدير بوادي النطرون قائلًا: "رأيت وجه آخر للبابا الراحل في خلال يوم قضيته معه كمصور وثقت تفاصيل اعتكافه بالدير، على الرغم من ذهابه للصلاة الإ أن لقائه مع الناس بالدير متاح لمن يريد مرحبًا بأي شخص يطلب مقابلته".
وتابع "دياب" في حديثه لـ"الدستور"، عن بداية توثيقه ومعايشته ليوم في حياة البابا شنودة الدير قائلًا: "بدأت قصة معايشة البطريرك الراحل عندما طلبت منه توثيق تفاصيل اعتكافه بالدير خلال لقاء معه بمقره البابوي عند تصوير حوار صحفي لإصدار الأهرام الرياضي، وعقب اللقاء سألته عن إمكانية توثيق يوم كامل خلال ذهابه إلى الدير للإعتكاف، ورحب البابا شنودة بهذا الطلب بدون تردد وعلى عكس توقعي، ومع أول سفر لدير وادي النطرون بالفعل أبلغني بإمكانية قضاء يوم معه والتصوير ومن هنا بدأت رحلة توثيق معايشة ليوم في حياة البابا شنودة بالدير والتي استمرت حوالي نهار كامل بصحبته".
وأضاف: "كان البابا شنودة الثالث يبدأ يومه بالرياضة، حيث الجانب غير المعروف عن قداسته أنه شخص رياضي منذ شبابه وقبل أن يصبح بطريركًا، لأنه مارس العديد من الألعاب الرياضية في فترة الشباب من بينها رياضة الملاكمة كما روى لي عند حديثي معه بالدير"، مؤكدًا أن كان حريص على ممارسة رياضة المشي صباح كل يوم بالدير ما لا يقل عن نصف ساعة وربما أكثر أحيانًا، وهذا المشهد كان من أكثر الصور المشهورة له بعد التقاطي لها "، مضيفًا أنه عقب انتهائه من وقت الرياضة اليومي بالدير يبدأ الإطلاع على أهم الأوراق والطلبات المقدمة له من الرهبان لإتخاذ قرارات كنسية بشأنها، حيث قدمت بهذا اليوم له العديد من الملفات للإمضاء عليها والرجوع إليه لاتخاذ القرار المناسب بها.
وأكد "دياب" أنه خلال لقائه بالبابا شنودة لمعايشة يوم كامل معه بالدير، رأيت شخص ليس مجرد قائد ديني يعرف بالشئون الدينية فقط، بل أنه كان مثقفًا حيث يحرض على القراءة، خاصة لروايات نجيب محفوظ وشعر أحمد شوقي، بالإضافة إلى الجانب الروحاني حيث الزهد والصلاة بالدير بعيدًا عن الأضواء والبشر حيث علاقته مع الله، مشيرًا إلى أنه كان يحرص على تخصيص جزء من وقته بالدير للقاء الأشخاص الذين يطلبون مقابلته.
واختتم حديثه عن أبرز اللقطات الإنسانية التي جذبته لتصويرها خلال لقائه بالبابا في الدير، أن هناك طفلًا مع أسرته طلب مقابلة البابا، ولم يتردد حينها في القبول، حيث رحب بلقائه واحتضن ذلك الطفل كأنه أحد أقاربه، وكانت هذه اللقطة أيضًا من أبرز الصور المشهورة للبابا مع الأطفال، وجسد هذا المشهد المحبة الكبيرة التي يكنها البابا شنودة للأطفال".