أبوالغيط: عملية سلمية جادة بين الفلسطينيين والإسرائيليين
أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن تطلعه لإطلاق عملية سلمية جادة وذات جدول زمني واضح بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تهدف إلى حل النزاع حلا نهائيًا شاملًا، وأن تقوم الإدارة الأمريكية الجديدة بتصحيح الإجراءات والسياسات غير المفيدة التي قامت بها الإدارة السابقة، والعمل بدعم من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة على إعادة العملية السياسية إلى مسار مثمر.
جاء ذلك خلال كلمة أبوالغيط في الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن حول حالة الأمن والسلم في الشرق الأوسط، الذي عقد اليوم الثلاثاء عبر فيديو كونفرانس، معربًا في كلمته عن خالص الشكر وعميق الترحيب بعقد هذه الجلسة الهامة في توقيت لا يخفي على الجميع دلالته.
وقال إن لدينا نافذة فرصة، ربما تغلق بسرعة، للعمل على كسر الجمود الخطير الذي عانت منه العملية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدار الأعوام الماضية، وإن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لا يزال يمثل النزاع الأطول والأكثر تعقيدًا، والقضية الأكثر تأثيرا على تفاعلات الشرق الأوسط في نفس الوقت.
وأعرب عن الأسف لأن القضية الفلسطينية، التي قد تفتح تسويتها بابا غير مسبوق للرخاء والاستقرار الحقيقي والمستدام، لكافة شعوب المنطقة عانت خلال الأعوام المنقضية إما من التجاهل والتناسي المتعمد.. أو من تطبيق لنهج خاطئ وخطير ومتهور لمعالجتها.
وقال إن هذا النهج ينظر إلى قضية بالغة التعقيد والتشعب بعين واحدة، فيرى الحقوق من زاوية طرف بعينه، وكأن الطرف الآخر - الواقع تحت الاحتلال - ليس موجودا.. أو كأن المطلوب منه هو مجرد التماشي مع ما يفرض - ولا أقول يعرض عليه فرضا.
وأضاف "لقد عانى الفلسطينيون خلال السنوات الأربع الماضية من ضغوط غير مسبوقة مارستها ضدهم الإدارة الأمريكية المنقضية.. وهي ضغوط تجاوزت المجال السياسي إلى الصعيد الإنساني، بعد أن جمدت الولايات المتحدة مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا التي تمثل شريان حياة واستقرار لنحو 5.5 مليون لاجئ فلسطيني".
وتابع قائلا "وبرغم خطورة هذه الإجراءات الظالمة وغيرها، تظل المواقف السياسية هي الأشد وطأة والأخطر أثرًا، لقد لعبت الولايات المتحدة لعقود دور الوسيط على أساس صيغة للتسوية مقبولة من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، هي إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.. إنها الصيغة المعروفة بحل الدولتين".
وأشار إلى أنه في السنوات الماضية تعرضت هذه الصيغة للتهميش من قبل الوسيط الرئيسي في عملية السلام، وهو ما شجع الحكومة الإسرائيلية على تكثيف نشاطها الاستيطاني، والتلويح بمشروعات خطيرة وهدامة مثل ضم الأراضي المحتلة، بصورة رسمية أو بقوة الأمر الواقع.
ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية المنقضية وضعت أساسًا جديدًا للتسوية، لا ينطلق من المرجعيات المعروفة، ولا حتى من التفاوض بين الطرفين، وإنما من فرض الأمر الواقع فرضا، وكأن هذا النزاع بلا تاريخ أو ذاكرة، وكأن جهود التسوية السابقة كانت عبثا ومضيعة للوقت والجهد.
وشدد على أن المجتمع الدولي ممثلا في هذه المجلس، ما زال يعتبر وبالإجماع حل الدولتين الصيغة الوحيدة المقبولة، لإنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وما زال يرى أن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، غير شرعي وغير قانوني وما زال ينظر إلى إعلان القدس عاصمة لإسرائيل بوصفه إجراء غير قانوني، ويخالف منطق الحل عبر التفاوض، وما زال يرى أن حدود 1967 لا بد أن تكون المرجعية في تعيين الحدود المستقبلية بين دولة إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد أن الأمر سيتطلب في المرحلة المقبلة كثيرا من الجهد المتضافر والمنسق والمشترك، من جانب جميع الأطراف المعنية بالسلام في الشرق الأوسط، من أجل إعادة التأكيد على حل الدولتين بمرجعياته الدولية المعروفة والمتفق عليها، توطئة لإطلاق عملية سلمية جادة وذات جدول زمني واضح، تهدف إلى حل النزاع حلا نهائيا شاملا، وليس إدارته أو التعايش معه.
وقال "إننا نتطلع لقيام الإدارة الأمريكية الجديدة بتصحيح الإجراءات والسياسات غير المفيدة، والعمل بدعم من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة على إعادة العملية السياسية إلى مسار مثمر، بما يمنح الأمل مجددا للشعب الفلسطيني في أن المجتمع الدولي سوف ينصف مسعاه النبيل ونضاله الطويل من أجل الحرية والاستقلال".
ورحب بما قام به الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرًا من الإعلان عن موعد لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني لمنظمة التحریر، باعتبار ذلك يمثل خطوة مهمة على طريق توحيد الصف الفلسطيني، داعيا المجتمع الدولي إلى دعم القرار الفلسطيني والمساهمة في تسهيل إجراء الانتخابات، في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية التي شهدت انعقاد ثلاث انتخابات فلسطينية في السابق.
وأعرب عن أمله في أن تبدأ في أقرب الآجال محادثات جادة مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تحت رعاية دولية وعربية، لتحقيق حل الدولتين على الأرض، والبناء على المناخ الإيجابي الذي تولد اتفاقات السلام التي وقعت مؤخرا بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
وقدم التهنئة للمبعوث الجديد لعملية السلام في الشرق الأوسط السيد تور وینسلاند، مشيرا إلى أنه يأتي وعلى كتفيه خبرة كبيرة وممتدة لا شك أنها ستكون رصيد مضاف لصنع السلام في المنطقة.