رجائي ناصحًا المحامين الجدد: حلف اليمين ليس ترديدًا لعبارات
عقدت نقابة المحامين، الأربعاء، جلسة حلف اليمين القانونية لنقابات شمال الشرقية (جنوب الشرقية – المنوفية – طنطا – المحلة – كفر الشيخ – مرسى مطروح)، برئاسة نقيب المحامين رجائي عطية، وحضور الأمين العام للنقابة حسين الجمال، وذلك بقاعة اتحاد عمال مصر.
واستهل نقيب المحامين كلمته للأعضاء الجدد قائلًا: «في صيغة اليمين قسم بالله العظيم والتذكير بالله هو أقصى ما يمكن أن يكون إيقاظا للعقل والحواس والضمير، لذلك لا تجوز شهادة الشاهد إلا بعد أن يحلف اليمين»، لافتًا إلى أن الصيغة تتضمن التزاما بالأمانة والشرف، والاستقلال في ممارسة رسالة المحاماة، وحديثا عن المحافظة على سر المهنة وتقاليدها.
وقال النقيب إن الحديث عن المبادئ التي تحرص عليها صيغة اليمين هي في الواقع قوام المحاماة وقوام عمل المحامي، مؤكدا أن قيمة اليمين ليست شكلية وإنما موضوعية، لذلك فإن حلف اليمين ليس ترديدا لعبارات إنما هو إحساس عميق في الوجدان يعبر عن تيقظ كل محامي ومحامية لمعنى وقيمة هذا القسم الذي يمهد للقيام بمهام رسالة المحاماة.
وذكر «عطية»، أن الحديث عن هذه القيم يستغرق أياما، لكنه سيتحدث اليوم عن معنى الاستقلال الوارد في قسم المحاماة، موضحًا أن كل محامي يجب أن يرسخ في ضميره أنه يمارس المحاماة باستقلال، فهو لا يخضع لأي قوة مادية أو بشرية أو صاحب سلطة وسلطان.
أضاف نقيب المحامين: «أنت في المحاماة تقف أمام الله الذي أقسمت به لتمارس عملك باستقلال، ولن يتأتى لأي أحد منا هذا إلا إذا كان حريص على أن يوفر لنفسه كل مقومات هذا الاستقلال»، مردفًا: «الطفل لا يستقل عن أبيه وأمه إلا إذا كبر ونضج، ومن هنا نسمي السن الذي تبدأ فيه هذه المسئولية سن الرشد، فالاستقلال يستوجب الرشد».
وشدد النقيب العام على أن الرشد المعني هنا هو أعلى من الذي يتوفر في الإنسان عندما يخرج من سن المراهقة إلى سن المسئولية، فمسئولية المحاماة أعظم وأثقل ومن هنا كان هذا الاستقلال معنى يجب علينا أن نستوعبه وليس كلمة تقال، متابعا: «كي ما تكون مستقلا يتعين أن تكون على كفاءة ومقدرة وعلم، بغير هذه القيم والمعارف والسمات المترسخة في ضميرك والمعبر عنها سلوكك لن تكون في الواقع مستقلا إنما تابعا».
واستطرد: «نحن حينما نقول إن المحاماة رسالة عظيمة لا نقولها لأننا محامون وإنما نقولها، لأن هذا هو الواقع، لو تأملنا في واقع المحاماة وتاريخ الأمم سوف نجد أن المحامين كانوا على قمة النضال الوطني لدى كل شعب من الشعوب، وعلى قمم العطاء في الوطنية والثقافة والصحافة والأدب والسياسة والعلم والمعرفة، ولو استعرضت تاريخ الصحافة والأدب والسياسة المصرية ستجدون نجوما لامعة من المحامين في كل ربع من هذه الربوع».
وأشار النقيب إلى أن المحامي مستقل حتى عن موكله، فلا يتقيد برأي موكله، لأنه لو كان كافيا للدفاع عن صاحبه لما أوجب القانون أن يكون له محام ولم يعد ذلك قاصرا على الجنايات وإنما امتد إلى الجنح وإن كانت إمكانيات الدولة الآن لا تسمح بتطبيق النص تطبيقا كاملا بانتداب محام لكل متهم في جنحة عجز عن توكيل محامي، وهذا تقدير من القانون أن الحماية التي تتكفل بها المحامية والمحامي هي مسألة لها مقومات غير موجودة لدى الأصيل المعرض للحكم عليه بالحبس أو الإعدام أو معرض حقه للضياع.
وذكر رجائي: «قد يرى الموكل خطا للدفاع في القضايا المدنية لا يقره المحامي عليه وهذا ناتج هذا الاستقلال والإحساس بالمسئولية، وقد تقف أمام محكمة جنايات والمتهم مصمم على الإنكار ولكنك ترى أنه ليس في محله وأن الأدلة في الدعوى دامغة لك مطلق الحرية في خط دفاعك أن تطلب له الرأفة وأن تتحدث في اعتباراتها، وقد يرى الموكل أن الإنكار هو السبيل وقد تنصحه بأن الإقرار بالواقعة قد يكون فرجا».
أوضح نقيب المحامين أن هناك فارقا بين الاعتراف والإقرار، فالأولى تعني اعتراف بالتهمة بكافة أركانها المادية والمعنوية، أما الثانية فتعني أنه إقرارا بواقعة مادية ولا يمتد ليكون اعترافا بالتهمة، ضاربًا مثال عن ذلك: «شخص أثناء القيادة صدم أخر وتسبب في وفاته أو إصابته، والقاضي سأله عن الواقعة وأقر بها، فهذا ليس اعترافا بالتهمة إنما إقرار بالواقعة المادية بأنه صدمه، لكن قد يكون الحادث نتيجة خطأ من المجني عليه، لذلك هناك فارق جوهري بين الاعتراف والإقرار».
اختتم نقيب المحامين حديثه: «قد ترى أن تنصح متهمًا بأن يقر بالواقعة المادية بدلا من إنكار الواقعة برمتها حتى تستطيع التحدث في ركن الخطأ، لأنه إن لم يقر بها قد يترتب على هذا حرمانك من أوجه دفاع لازمة له، وبيان أسباب الواقعة وظروفها يفتح مجالات للحديث عن الدفاع الشرعي الخاص أو العام، وحالة الضرورة».