هل «كورونا» يقود إلى إجراءات صارمة وحظر تجوال مرة أخرى؟.. خبراء يجيبون
في الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي 2020، أعلنت مصر رسميًا بدء الموجة الثانية لتفشي وباء الكورونا المستجد، ومنذ تلك اللحظة أخذ معدل الإصابة في تزايد بعد انحسارها على مدار شهرين قبل هذا التاريخ، وفي ققزة سريعة في نهاية شهر ديسمبر سجلت وزارة الصحة والسكان 1411 حالة، ليكون هذا أعلى رقم منذ سبتمير، ثم أخذ المنحنى الوبائي لـ«كوفيد- 19» في الانخفاض بشكل ملحوظ خلال العشرة أيام الأولى من يناير الجاري.
الارتفاع في أعداد المصابين بالفيبروس المستجد كان أمرًا متوقعًا وفقًا لتنبؤات اللجنة العلمية للمكافحة، اتساقًا مع رؤية منظمة الصحة العالمية بعد انتشار سلالات جديدة للفيروس في أوروبا قادمة من جنوب افريقيا لها قدرة أكبر على الانتقال والعدوى.
تأرجحت أرقام الاصابات منذ الأول من يناير، حتى وصلت 961 حالة في الثاني عشر من الشهر الجاري، وعاد المنحنى الوبائي في الارتفاع ولكن بنسبة بسيطة للغاية حتى سجلت الوزارة أول أمس 996 حالة وفقًا للتحاليل التي تجريها معامل وزارة الصحة والسكان، لكن الخميس كسرنا حاجز الألف حالة مرة أخرى لتبلغ الاصابات الايجابية 1022.
هذا الأمر الذي جعل البعض يتساءل: هل سيعود مرة أخرى المنحني الوبائي في الارتفاع؟ وماذا يحدث في الوضع الوبائي في مصر؟ هل نقترب من إجراءات احترازية تشمل حظر تجوال مرة أخرى؟.
عقب الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشئون الصحة والوقاية، بأن الانخفاض في أعداد إصابات كورونا مؤشر حقيقي وانعكاس للحالات الموجودة لكن ليس رقمًا فعليًا لها حسبما أوضحت لجنة مكافحة الفيروس في أكثر من مناسبة، لافتًا إلى أن مصر في مرحلة تذبذب بين الانخفاض والزيادة في أعداد الإصابات.
وأرجع، في حديثه لـ«الدستور»، انخفاض الإصابات إلى توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي وما اتخذته الحكومة من قرارات، وقرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المنشور بالجريدة الرسمية بإحكام قرارات التجمعات والاحتفالات برأس السنة وعلى رأسها فرض غرامة فورية على المتهاونين في ارتداء الكمامة، مشددًا على أهمية الاستمرار في الحرص والحذر.
وتابع أن أجهزة الدولة حاليًا تهدف إلى أن تنخفض الأعداد فتصل إلى الاستقرار، مشيرًا إلى أنه من الوارد العودة إلى الزيادة مرة أخرى، كل ذلك يتوقف على سلوكيات المواطنين، خاصة في الاماكن التي تشهد ارتفاعًا في أعداد مصابي فيروس كورونا المستجد، على سبيل المثال القاهرة الكبرى التي يتواتر فيها مؤشر الاصابة في بعض الأحيان ويحدث ما يسمى بـ«التشبع»، ويقصد به وصول منطقة لحد التشبع وتزيد الاصابات حتى تنخفض فترة إلى أن تصل للاستقرار وهذا ما نراه الآن في المنحنى الوبائي.
أما الدكتور نهلة عبدالوهاب استشاري المناعة، فأكدت أن الحديث عن الوصول لذروة الموجة الثانية من كورونا سابق لأوانه ولا يستطيع أحد أن يقرر أو يعرف ميعادها، خاصة أن أعداد الإصابات اليومية زادت في الأيام السابقة بشكل كبير ثم عاودت الانخفاض بشكل تدريجي.
ولفتت «عبدالوهاب»، إلى أن أعداد الوفاة أقل بكثير من الموجة الأولى بالرغم من تزايد أعراض الإصابة والتي منها يصيب الجهاز الهضمي الى جانب الأعراض القديمة التي تستهدف الجهاز التنفسي، أيضًا ساهم في خفض أعداد الإصابة والوفاة قدرة وزارة الصحة في التعامل مع الموجة الثانية بعد خبرة اكتسبتها من الأولى، موضحة أن اعتدال الجو أيضًا وارتفاع درجة حرارة الجو مقارنة بنفس التوقيت من الأعوام السابقة ساعد في انحسار الفيروس لتأثره الشديد بالحرارة.
وأشارت أستاذة المناعة إلى أن عددا كبيرا من المواطنين بدأوا يتبعون الإجراءات الاحترازية خوفًا من الإصابة، أيضًا ساعد في حصر الفيروس الإجراءات الصارمة التي فرضتها الحكومة من فرض غرامة على عدم ارتداء الكمامة، وقرارات الحكومة بغلق المدارس والجامعات وتأجيل الدراسة.
وحذرت من بعض الممارسات الخاطئة التي تساعد في زيادة معدلات الإصابة ولا يلتفت الى خطورتها المواطن البسيط أهمها ضرورة فتح نوافذ أثناء ركوب المواصلات العامة، وعدم تشغيل دفاية السيارة مع غلق النوافذ بما يساعد في انتقال الفيروس، أيضًا تشغيل الدفاية بالمنزل وتواجد أكثر من خمسة أشخاص داخل الغرفة الواحدة، أيضًا عدم الإسراف في استخدام الكمامات بمعنى الحرص على ارتدائها أثناء السير أو الجري، وهو ما يسبب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الدم، لذا يجب خلعها عند مشي الانسان بمفرده مع عدم لمس الكمامة ثم لمس محيط العين أو الأنف والفم.
من جهته، أكد دكتور عصام المغازي، استشاري الصدر بعين شمس، أن تأكيد الوصول للذروة يستلزم الاستمرار في انخفاض الأعداد لمدة لا تقل عن 10 أيام متواصلة، مشيرًا إلى أنه لا يستطيع أحد معرفة متى تبدأ ذروة الموجة الثانية ومتى تنتهي لما يصيب هذا الفيروس من تحورات ومستجدات كل يوم، كما لا يستطيع أحد أن يجزم بعلاج أو عقار مناسب ومكافح لهذا الفيروس.
وشدد على ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية قدر الإمكان من غسل الايدي بشكل مستمر، والالتزام بارتداء الكمامة خلال التواجد خارج المنزل وتقليل التجمعات والحفاظ على التباعد في اماكن العمل وغيرها، موضحًا أن الحصول على اللقاح قد يخفف من خطر الإصابة بالفيروس وهو ما تسعى إليه الحكومة حاليًا من خلال التعاقدات المستمرة مع شركات الأدوية المنتجة للقاح لتوريد شحنات منه لتطعيم الشعب المصري.
بينما نوه الدكتور أمجد الحداد، أستاذ المناعة والفيروسات بالمصل واللقاح، بأن مصر لن تصل لذروة الإصابة بفيروس كورونا بشكل حقيقي؛ بسبب ما تتخذه الحكومة من إجراءات تمنع تزايد أعداد الإصابات بعكس دول أخرى تركت منحنى الإصابة لأعلى معدلاته، ما تسبب في تزايد الوفيات مثل السويد وبريطانيا وإنجلترا؛ وهي ما يطلق عليها "سياسة القطيع".
وعن الإجراءات الحكومية التي ساهمت في عدم الوصول لذروة الموجة الثانية يوضح حداد أن سياسة الإغلاق الحزئي من غلق للمطاعم والكافيهات والمدارس والجامعات وتقليل الكثافات داخل المصالح الحكومية وأماكن العمل للحفاظ على تقليل التجمعات، أيضًا فرض غرامة على الكمامة من العوامل التي ساعدت في خفض معدلات الإصابة اليومية؛ لذا على المواطن أن يكون قدر المسئولية ويسهم بالتزامه في خفض معدلات الوفيات والإصابة.
وكشفت تقارير صادرة من وزارة الصحة والسكان عن انخفاض معدل الإصابات بنسبة 21% خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر حتى الأسبوع الثاني من شهر يناير الحالي.
وقالت التقارير إن هناك انخفاضًا ملحوظًا في حالات الاشتباه وترددها على المستشفيات بنسبة 15%، كما انخفض المتوسط اليومي لحالات الحجز في الأقسام الداخلية بالمستشفيات بنسبة 11%، وأشارت التقارير إلى انخفاض المتوسط اليومي لحالات الحجز بالرعاية المركزة بنسبة 8%، كما زاد المتوسط اليومي لحالات الشفاء بنسبة 5%، مشيرة إلى انخفاض متوسط حالات الإصابات خلال الفترة الحالية.