حزمة الكونجرس لدعم الاقتصاد الأمريكي غير كافية لمعالجة أزمة كورونا
رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، أن حزمة دعم الاقتصاد الأخيرة التي أقرها زعماء الكونجرس الأمريكي قبل يومين بقيمة 900 مليار دولار لمساعدة المتضررين من جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" لاتزال أقل من المطلوب لاسيما بعدما ازدادت حالة الطوارئ الصحية والاقتصادية سوءًا منذ حزمة الإغاثة الأولى.
واستهلت الصحيفة افتتاحيتها المنشورة على موقعها الإلكتروني في هذا الشأن- بأن الاتفاق على حزمة إغاثة أمريكية جديدة جاء بعد فوات الأوان، لكنه مرحب به أيضا في الوقت ذاته لأنه أفضل من لا شيء.. خاصة بعدما قضى الكونجرس قرابة تسعة أشهر في مناقشة ما يجب أن تضمنه الحزمة الجديدة، بينما استمرت الجائحة في ذلك الوقت في الخروج عن نطاق السيطرة دون دعم من الحكومة، الأمر الذي دفع ملايين الأمريكيين الذين حرموا من الدعم الحكومة إلى براثن الفقر المدقع فضلا عن تعثر آلاف الشركات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس وافقوا يوم أمس الأول أخيرا على توفير 900 مليار دولار للتعامل مع العواقب الاقتصادية للوباء، ليصبح هذا الاتفاق ثاني أكبر قرار دعم اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة.. موضحة (الصحيفة) أن هذه الأموال لن تهدف إلى مساعدة الاقتصاد الأمريكي على النجاة مما سيكون شتاءً صعبًا فحسب، ولكن أيضًا للمساعدة في تمويل طرح اللقاحات لحماية المواطنين.
مع ذلك، قالت الصحيفة: "إن هذه الحزمة لن تكون كافية لأسباب عديدة منها؛ أنها جاءت بعد حزمة أولى كانت أكبر بكثير في مارس الماضي مررها الكونجرس بقيمة 2.2 تريليون دولار من أجل مساعدة الاقتصاد الأمريكي على النجاة من الموجة الأولى من الجائحة، وهي بذلك أصغر حجما بكثير من مثيلتها السابقة، لكن وضع الوباء اليوم داخل الولايات المتحدة ليس أفضل مما كان عليه في الربيع".
وأضافت: "في الواقع، ووفقًا للعديد من المقاييس، أصبح كلا من الوضع الصحي وحالة الطوارئ الاقتصادية أسوأ بكثير في الوقت الحالي: ففي وقت سابق من هذا الشهر، شهدت الولايات المتحدة أسوأ أسبوع لها من حيث الوفيات الناجمة عن الوباء.. ومرة أخرى، بدأ عدد الأمريكيين المسجلين للحصول على إعانات البطالة في الازدياد، وكذلك ازدادت معه معدلات الفقر".
وتابعت: "بدا أن الديمقراطيين استسلموا إلى رغبات الجمهوريين في الإبقاء على المبلغ الإجمالي للإنفاق أقل من تريليون دولار.. فقبل الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر الماضي، رفض الديمقراطيون اقتراحًا قدمه الرئيس دونالد ترامب بقيمة 1.8 تريليون دولار باعتباره غير كافٍ.. ومع تغيير الوضع السياسي والأسباب التي جعلت هذا الأمر أكثر ضرورة، يبدو أن الحسابات تغيرت هي الأخرى، فمع مغادرة ترامب البيت الأبيض قريبًا ومع احتمالية انقسام مجلس الشيوخ أو سيطرة الديمقراطيين عليه ولو بقدر قليل في أفضل الاحتمالات، سيعيد الجمهوريون قريبًا اكتشاف ما تناسوه من التزامم بالميزانيات المتوازنة والتوقف عن المزيد من الإنفاق".
ودعت "فاينانشيال تايمز" الإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن ووزيرة خزانته جانيت يلين إلى البدء من الآن في اتخاذ قرار حول كيفية البناء واستغلال الحزمة الحالية، وأكدت أنه "ستكون هناك حاجة إلى المزيد من أوجه الدعم في القريب العاجل.. منوهة إلى أنه لم يكن هناك اتفاق على كيفية دعم الحكومات المحلية وإدارات الولايات التي تعاني من ضائقة مالية، محذرة من أنه بدون بعض الدعم الفيدرالي، ستواجه موجة من العاملين في القطاع العام قريبًا فصلا عن العمل إلى جانب أقرانهم في القطاع الخاص.
ونوهت "فاينانشيال تايمز" إلى إن إدارة بايدن يمكن أن تقدم بالفعل بعض التطمينات للعمال والشركات من خلال تحديد ما سيفعله الآن في أول يوم له في منصبه، فعلى الرغم من أن قدرته على إنفاق المزيد من الأموال مقيدة- على اعتبار انها سلطة حصرية للكونجرس- إلا إنه بإمكانه، من خلال إصدار الأوامر التنفيذية، تكرار قرار سلفه بدعم الميزانيات الأخرى لتمديد إعانات البطالة، فضلا عن امتلاكه خيارات أخرى أكثر إبداعًا؛ فعلى سبيل المثال، اقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على الحكومة أن تتنازل عن مديونية الطلاب، وربما تؤدي المزيد من هذه الإجراءات الثنائية إلى وضع استجابة أكثر بكثير لأزمة تفشي الجائحة داخل الولايات المتحدة وما تتسبب فيه من أضرار اقتصادية جسيمة.