محمد عبدالناصر يكتب: برلمان الـ«100 مليون»
منذ بداية الحديث عن انتخابات مجلس النواب، وحتى إعلان النتيجة الرسمية والنهائية، وأنا أثق تمامًا في أن مجلس النواب الثاني بعد ثورة 30 يونيو، سيأتي بعدة أمور إيجابية للغاية ربما تشهدها الحياة السياسية والنيابية لأول مرة في تاريخها.
تصريحات قيادات الأحزاب بداية من الحزب الأقوى والأكثر تأثيرًا «مستقبل وطن»، حتى أقلهم من حيث التأثير والتواجد، جاءت منضبطة تعلي المصلحة العامة للدولة المصرية على أي شىء، حتى وجدنا أنفسنا أمام تشكيل تحالف انتخابي قوي بقيادة حزب مستقبل وطن نتج عنه تشكيل «القائمة الوطنية من أجل مصر»، والتي ضمت العديد من الخبرات والكوادر السياسية ومختلف الأفكار والأيديولوجيات لضمان تمثيل جيد لكل الأحزاب تحت قبة البرلمان.
ربما يكون هناك عدة تساؤلات تدور في ذهن البعض، أهمها هو لماذا ذهب الحزب الأقوى «مستقبل وطن»، للتحالف «انتخابيًا» مع أحزاب أخرى مختلفة تمامًا في رؤيتها وتوجهاتها السياسية؟ وهل هذا التحالف يعد مشروطًا أم لا؟.
الحقيقة أن الإجابة على هذه التساؤلات تتلخص في أن الجميع أدرك أهمية المرحلة الدقيقة التي تمر بها الدولة المصرية، وكذلك ضرورة تمثيل مختلف الفئات والأفكار تحت قبة البرلمان، حتى لا نكون أمام برلمان الصوت الواحد، والدليل على ذلك أن هذا التحالف انتخابيًا فقط وعلى مستوى القوائم، أما المقاعد الفردية فشهدت تنافسًا قويًا بين مختلف الأحزاب السياسية والمستقلين.
وجود القائمة الوطنية من أجل مصر ضمن تمثيل 12 حزبًا سياسيًا بمختلف أفكارهم تحت قبة المجلس لتكون معبرة عن كل التوجهات داخل المجتمع المصري، لتصل في النهاية إلى وجود 13 حزبًا سياسيًا ببرلمان مصر 2021، بالإضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
فهذا البرلمان الجديد ينهي سيناريوهات برلمان 2010 والذي كان يتكون من 454 مقعدًا وحصل الحزب الوطنى حينها على 330 مقعدًا بنسبة 72.6%، وكان تمثيل حزب الوفد فقط 5 أعضاء والتجمع عضوا واحدا والغد عضوا واحد والمستقلين 19 عضوا، وكذلك برلمان الإخوان الذي كان عدد أعضائه 498 عضوًا يتم انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام، وشكلت أحزاب الإسلام السياسي حينها أكثر من 70 % من مقاعد البرلمان بأغلبية مطلقة، وهو ما جعل تلك البرلمانات تكون بالفعل برلمان الصوت الواحد.
ولعل الأمر الأبرز والأهم في تحليل الأرقام والنسب الخاصة بنتائج الانتخابات البرلمانية، هو وجود 148 سيدة حتى الآن في مجلس النواب، بالإضافة لمن سيتم تعيينهن من جانب رئيس الجمهورية، فتجد أننا أمام انتصار حقيقي للمرأة المصرية لأول مرة أن يتم تمثيلهن بهذا العدد الضخم تحت قبة البرلمان.
وكذلك وجود تنسيقية شباب الأحزاب، والتي نجحت في إثبات حضورها على الساحة السياسية، بحصولها على 28 مقعدًا بالقائمة الوطنية التي خاضت انتخابات مجلس النواب، في الدوائر الأربعة، يمثلون كل الأطياف والآراء المختلفة، نظرًا لما يتمتع به أعضاؤها من الثقافة العالية والخبرات المتراكمة.
كما نجح عدد من الأصوات المعارضة في برلمان 2015، بالحصول على أصوات وثقة الناخبين مجددًا أمثال ضياء الدين داود في دمياط، والنائب أحمد الشرقاوي، بالإضافة لوجود 7 نواب لحزب النور تحت القبة حصلوا على مقاعدهم من خلال المنافسة على المقاعد الفردية.
وبالنظر إلى نتائج الانتخابات وتحليل الأرقام ونسب الأحزاب السياسية سواء المؤيدة منها أو المعارضة، وكذلك المرأة المصرية والمصريين بالخارج والمسيحيين وغيرها من مختلف فئات الشعب المصري، فستجد أننا بالفعل أمام برلمان الـ100 مليون مصري، ونهاية لبرلمان الصوت الواحد.