بلاغ ضد والد «طفل المرور» لإهماله في تربيته
أعلن المحامي خالد راشد تقدمه ببلاغ للنائب العام، المستشار حمادة الصاوي، ضد والد طفل المرور المتهم بالتعدى على فرد شرطة.
وقال في بلاغه: تصدرت واقعة نجل المستشار أبوالمجد عبدالرحمن، رئيس محكمة الاستئناف، كافة وسائل التواصل الاجتماعي بعد نشر الفيديو الذي يعتدي فيه على أحد رجال المرور.
وكان مما يحمد للنيابة العامة سرعة التصدي والتحقيق في الأمر، انتهاءً بصدور قرار النيابة المختصة بتسليم الولد لأبيه مع تعهده برعايته، وذلك "حسبما نشر" بعد تصالح رجل المرور.
ومعلوم أن مسئولية الأب متولي التربية عن أفعال الطفل لا ينال منها تقديم عقد البيع الابتدائي للسيارة- بفرض صحته- إذ المسئولية قائمة عن تعريض حياة الطفل للخطر والإهمال في التربية، ولا تنتقل هذه المسئولية للغير من الأقارب أو الزملاء، فضلًا عما ارتكبه الطفل من مغافلة صاحب السيارة والاستيلاء على المفاتيح دون علمه، ومن ثم الاستيلاء على السيارة وقيادتها دون ترخيص.. من المعلوم أن القانون يعاقب كـل طفـل قـاد مركبة آلية بغير ترخيص، مع تعريض حياة الآخرين للخطر، وكذا القيادة المتهورة وبسرعة تزيد عن السرعات المقررة قانونًا، وهي الجريمة التي لا يجوز التصالح فيها، ولا التجاوز عنها، ولا تزال قيد التحقيقات.
وإذا بالطفل نجل المستشار بعد خروجه من النيابة العامة سالمًا يقوم بالاحتفال وسط جمع من أصدقائه بنشر بث حي قدم في البث وصلة سب وشتم تتجاوز الألفاظ فيها حدود الأدب واللياقة، بما ينبئ بأن أمر الاعتداء على رجل الشرطة ليس بعارض على الطفل، الذي ربما أفسده التدليل ومكانة وحضانة والده.
ولما كان ما نشره الطفل على صفحته من صميم عمل وحدة الرصد، التي أنشأها النائب العام، خاصة أن الفيديو يتداول وينتشر كالنار في الهشيم بين العامة والخاصة، عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، ما يمثل أنموذجا لما ترصده وتقوم على تحليله النيابة العامة القائمة على الحفاظ وحماية المجتمع.
ولما كان البث يحتوي على ألفاظ معاقب عليها بالقانون، وتحط من شأن البعض، في استغلال واستعلاء بالسلطة، وإذ تجمعت مواطن الخلل والخطر على أخلاق الطفل وتنشئته، كما أن ظروف التربية قد أساءت إلى الطفل بالتدليل الزائد عن الحد، مما أعطى الطفل شعورًا بأنه فوق الجميع، تعامل ولا يزال على ضوء حصانة مؤكدة من الملاحقة.
معالي النائب العام، إن العدالة تتأذى أن يخرج طفل على العامة يسب ويشتم ويتحدى الجميع بعد ساعات من الإفراج عنه، ولا أظن أن الطفل سوى مجني عليه جنت عليه ظروف التربية، وهنا تتجاوز مسئولية الأب المستشار صاحب الولاية ومتولي التربية والرقابة مسئولية الابن الجنائية.
إذ يُعرض الأب مع جلال منصبه وحساسية مكانته مستقبل الطفل للخطر، بإهمال التربية اللازمة والتنشئة الواجبة لأمثاله، فقد كان جديرًا أن ينشأ الطفل على قيم الحق والعدل والمساواة، التي ينبغي أن يكون الأب قد تعلمها في سنوات دراسته بكلية الحقوق ودرج على تطبيقها في الأحكام التي ينطق بها باسم الشعب، الشعبُ الذي أعزه، وأكرمه، فوق المنصات الشامخات أقعده، ثوب الحق ألبسه، وخلع عليه صفة من صفات الله أن يحكم بين الناس بالعدل.
وغني عن البيان أن حق البلاغ يتحقق لآحاد الناس عن الجرائم التي ترتكب في حق الطفل توقيًا للخطر ومحاولة إزالة ما يتهدده من مخاطر في التربية والتنشئة وغيرها، باعتبار أن القانون قد أولى الطفل عناية ورعاية تتقدم على من سواه.
ومن ثم فإن اللجوء إلى النيابة العامة في شأن تحقيق الجرائم والبلاغات المتعلقة بالطفل حق أصيل لكل مواطن يرى خطرًا يتهدد طفلًا، أيما كان هذا الطفل، وبذلك تتحقق الصفة في البلاغ، ذلك أن المساعدة العاجلة الكفيلة بتوقيف الخطر تكمن في إبلاغ السلطات العامة عن الوقائع حتى تقوم النيابة العامة بدورها في التحقيق، واتخاذ اللازم بوصف أن الإبلاغ عن الجرائم في الأصل حق مكفول، فما بالك بحق طفل عاجز عن اقتضاء حقوقه دون مساعدة.