في ذكرى الإصلاح الإنجيلي بأوروبا.. مَن هو مارتن لوثر؟
تُحتفل الكنيسة الإنجيلية، اليوم السبت، بذكرى الإصلاح الإنجيلي في أوروبا على يد مارتن لوثر، المولود في 10 نوفمبر 1483 وهو راهب ألماني، وقسيس، وأستاذ علم اللاهوت، ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا، وذلك بعد اعتراضه على صكوك الغفران.
عرف عن والده هانز لوثر كونه طموحًا، إلى جانب رغبته في أن يرى مارتن ابنه الأكبر محاميًا؛ ولتحقيق هذه الغاية بعث به إلى إحدى المدارس اللاتينيّة في مانسفيلد، ثم إلى ماغديبرغ عام 1497، حيث انضمّ إلى مدرسة يديرها مجموعة من الرهبان على أسس الحياة المشتركة، وأخيرًا إلى إيزنباخ 1498، وكان القاسم المشترك بين المدارس الثلاث اعتمادها بشكل مُركّز على ما يدعى «الفنون الثلاثة» أي النحو والبلاغة والمنطق.
في 1501 حين كان لوثر في سن التاسعة عشر، دخل جامعة إيرفورت، التي وصفها في وقت لاحق بأنها حانة للجعة وبيت للدعارة، حيث كان نظام التعليم مركزًا، وصفه لوثر بأنه يوم شاق من التعلّم عن ظهر قلب، وغالبًا ما يكون مترافقًا مع تمارين روحيّة، حصل لوثر من جامعة إيرفورت على الماجستير 1505.
وطبقًا لرغبة والده، التحق لوثر بكلية الحقوق في إيرفورت عام 1505، غير أنه بدأ بالتسرّب من الدراسة بعد مدة وجيزة تقريبًا واعتبر أن القانون يمثل عدم اليقين، ملتفتًا نحو اللاهوت والفلسفة، ومعربًا عن اهتمام خاص بأرسطو وعدد من الفلاسفة القروسطيين أمثال غابرييل بيال الذين أثروا على فكره اللاهوتي سيّما من حيث التركيز على استخدام العقل في الدين دون أن يعلو على «الله المحب» الذي لعب الدور المحوري في فكر لوثر اللاهوتي، جنبًا إلى جنب مع اعتقاده بأن البشر لا يمكن أن يتعلموا شيئًا عن الله إلا من خلال الوحي الإلهي، وبالتالي أصبح الكتاب المقدس متزايد الأهميّة بالنسبة له.
رهبنته
وقرر لوثر أن ينخرط في الرهبنة، ففي 17 يوليو 1505، ترك كلية القانون، وباع كتبه الدراسية، ودخل دير الرهبنة الأوغسطينية، وقد عبّر والده عن سخطه من تصرف ابنه، بسبب ما اعتبره مضيعة لتعليم لوثر.
خلال حياته الرهبانيّة، كرّس لوثر قسطًا طويلًا من يومه للصوم الطويل والتأمل والصلاة، والحج والاعتراف المتكرر، وقرر يوهان فون ستايبيتز، رئيس الرهبنة، أن لوثر بحاجة إلى العمل لصرفه عن التأمل المفرط، وأمره بمتابعة العمل الأكاديمي؛ بناءً على ذلك عُين عام 1507 أستاذًا للكهنوت في كان، وفي عام 1508 بدأ تدريس اللاهوت في جامعة فيتنبرغ، ثم حصل على درجة البكالوريوس في دراسات الكتاب المقدس في 9 مارس 1508، ودرجة أخرى للبكالوريوس في عام 1509، وفي 19 أكتوبر 1512 حصل على درجة دكتوراه في أصول الدين، وأخيرًا في 21 أكتوبر 1512 حصل على درجة الدكتوراه في الكتاب المقدس، وعاد إلى جامعة فيتنبرغ، حيث قضى القسط الأوفر من حياته.
فكر لوثر الإصلاحي
أبرز مقومات فكر لوثر اللاهوتي هي أنّ الحصول على الخلاص أو غفران الخطايا هو هديّة مجانيّة ونعمة الله من خلال الإيمان بيسوع المسيح مخلصًا، وبالتالي ليس من شروط نيل الغفران القيام بأي عمل تكفيري أو صالح؛ وثانيًا رفض «السلطة التعليمية» في الكنيسة الكاثوليكية والتي تنيط بالبابا القول الفصل فيما يتعلق بتفسير الكتاب المقدس معتبرًا أنّ لكل امرئ الحق في التفسير.
كان يري لوثر أنّ الكتاب هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان؛ كما عارض سلطة الكهنوت الخاص باعتبار أن جميع المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة، وسمح للقسس بالزواج.