«القادرية البودشيشية» تحيي الليلة الكبرى للمولد النبوي عن بعد
اعتادت الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال، إحياء الليلة الكبرى بمناسبة المولد النبوي الشريف كل سنة بالزاوية الأم بمذاغ إقليم بركان (الجهة الشرقية للمملكة المغربية)، والتي يحضرها آلاف المريدين والزوار من داخل المغرب وخارجه، إلى جانب العلماء والمفكرين والمثقفين والمادحين والمنشدين من القارات الخمس، وتقدم فيها دروس ومحاضرات تتخللها وصلات من بديع السماع والمديح، وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة.
ويأتي تنظيم الليلة الكبرى كل سنة تتويجا لأسبوع كامل من الأنشطة المتنوعة التي تقيمها الطريقة ومؤسسة الملتقى في إطار أسبوع الفرح بمولد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتشارك فيه جمعيات ومؤسسات مغربية وعالمية، ويتضمن معارض وندوات وورشات تكوينية ومسابقات في حفظ وتجويد القرآن الكريم، ومسابقات شعرية في المديح النبوي، إضافة إلى تنظيم الملتقى العالمي للتصوف، الذي تطرح فيه مواضيع بالغة الأهمية في إطار السياق المعاصر من خلال ندوات وجلسات علمية، تعقد بشكل يومي صباحا ومساء طيلة أسبوع الفرح بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحضرها مشايخ وعلماء ومثقفون من العالم الإسلامي والعالم الغربي ومختلف دول العالم، لمناقشة وتحليل المواضيع المطروحة، وقد تميزت السنة الماضية بعرض الآثار النبوية الشريفة لأول مرة بالمغرب مما أكسب هذه الفعاليات طابعا خاصا.
وهذه السنة وبفعل الأزمة الصحية المتمثلة في جائحة كورنا، تم تنظيم الليلة الكبرى افتراضيا، الجمعة 13 ربيع الأول 1442ه، الموافق لـ 30 أكتوبر 2020م، وبثها عبر المنصات الرقمية لمؤسسة الملتقى على مواقع التواصل الاجتماعي.
انطلق هذا السمر الروحي بتلاوة عطرة لآيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها على مسامع المتابعين المقرئ علي السباعي من الولايات المتحدة الأمريكية، لتتلوها مداخلة علمية وتربوية لشيخ الطريقة القادرية البودشيشية الدكتور مولاي جمال الدين القادري بودشيش، رحب من خلالها بالمتابعين، وذكر بالسياق العام الذي تعيشه بلادنا وسائر دول العالم المرتبط بجائحة كورونا، مشددا على ضرورة الأخذ بسبل الإحتراز والوقاية، في انتظار تطوير اللقاح مع ضرورة توعية الناس بهذه القواعد لأن الوقاية خير من العلاج.
ودعا سائر المريدات والمريدين إلى الإكثار من ذكر الله تعالى، مبرزا أهمية هذه العبادة في تزكية النفس وطهارة القلب، كما حث على الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سواء من خلال كتاب دلائل الخيرات للشيخ محمد بن سليمان الجزولي أو من خلال كتاب الذخيرة للشيخ محمد المعطى بن صالح الشرقاوي.
واختتم شيخ الطريقة القادرية البودشيشية كلمته بالدعاء الصالح لملك البلاد بالشفاء والحفظ والسداد، ولكافة رجالات الصحة والسلطة والأمن بالتوفيق والحفظ نظرا لما يقدمونه من تضحيات كبيرة لصالح بلدنا الحبيب،وكذا الدعاء للمغرب وجميع المسلمين والبشرية جمعاء، وتجدر الإشارة إلى أنه تم تقديم ترجمات لهذه المداخلة باللغات الأمازيغية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية.
بعد ذلك قدم الدكتور منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، ومدير الملتقى العالمي للتصوف، مداخلة علمية، أبرز من خلاها الدور الذي يضطلع به التصوف عموما والطريقة القادرية البودشيشية على وجه الخصوص في توجيه الخلق إلى الحق، ونشر قيم المحبة والتعارف والسلام من خلال تنظيم الملتقى العالمي للتصوف في نسخته الخامسة عشر، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، وإحياء ليالي الوصال الرقمية الأسبوعية التي أثث فقراتها ثلة من العلماء والباحثين والمنشدين من أقطار عدة، أو من خلال تنظيم الجامعة الصيفية والمخيم الصيفي لبراعم الطريقة عن بعد بالنظر للظروف التي فرضتها الجائحة.
أما المداخلة العلمية الثالثة التي وسمت هذه الليلة الروحي، فكانت للدكتور عبد الرزاق التورابي، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، تطرق فيها لموضوع المحبة، من خلال الإجابة عن السؤال التالي: لماذا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مستشهدا على ذلك بنصوص قرآنية وحديثية ودرر من كلام السلف الصالح.
وعرف هذا الحفل تقديم فقرات متنوعة من السماع والمديح النبوي من طرف المجموعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، بالإضافة إلى مشاركة المنشد السوري أحمد صافي الحلبي.
وتخللت هذه الليلة فقرات متنوعة، من أبرزها عرض شريطين، الأول بالفرنسية من إعداد مؤسسة الملتقى قدم من خلاله مريدون شهادات حية حول تجاربهم داخل الطريقة، والثاني عبارة عن ربورطاج يبرز أقوى لحظات احتفال الطريقة القادرية البودشيشية بالمولد النبوي الشريف خلال السنوات الماضية.
وتم ختم هذه الأمسية برفع الدعاء الصالح للبلاد ولملكها ولسائر المسلمين والبشرية جمعاء.