أرض الحرائق .. كيف يمر موسم "قطف الزيتون" بين المستوطنين والفلسطينيين؟
كل عام في موسم قطف الزيتون، تزداد المواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين، وهذا العام تم تسجيل عدد كبير من حوادث العنف ومستوى عدوانية مرتفع من قبل المستوطنين، حسب افتتاحية جريدة "هآرتس" ليوم 21 أكتوبر الماضي، كما وثقت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "يش دين" بأنه منذ بداية موسم القطف الحالي هناك 25 حدثاً ترتبط بالقطف، بدءًا بسرقة الزيتون، وحرق واجتثاث أشجار الزيتون وانتهاء بالاعتداء العنيف على العاملين في قطفه، حيث بلغ حتى الآن اجتثاث أكثر من 400 شجرة وإحراق نحو 50.
قطف الزيتون أصبح مصدر رزق الكثير من العائلات الفلسطينية، خاصة بعد التضرر الاقتصادي الذي لحق بهم عقب أزمة كورونا.
في عدد من المناطق يمنع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم من أجل منع الاحتكاك مع المستوطنين، ويسمح به فقط لعدة مرات في السنة: في حالة زراعة الحبوب – حرث، زراعة وحصاد. في حالة أشجار الزيتون – قطف، تقليم ورش وحراثة الأراضي.
في نظر كثير من الإسرائيليين فإن سلوكيات المستوطنيين غير مقبولة وتلقى معارضة من التيارات السياسية في إسرائيل. فلماذا إذن سلطان إنفاذ القانون لا توقفهم؟ فهل تعتبر الحكومة الإسرائيلية متواطئة ضمنًا معهم بيد أنها تتعامل معهم باستخفاف؟
حسب الإحصائيات، فإنه منذ عام 2005 حتى 2019، فإن 9% فقط من التحقيقات في المناطق على أحداث أضر فيها الإسرائيليون الفلسطينيين أو أملاكهم انتهت بتقديم المشبوهين إلى المحاكمة. 22 %من الملفات أغلقت بمبرر أنها تشهد على إخفاق الشرطة في التحقيق، وعندما يكون الحديث يدور عن تحقيق في أحداث تتعلق بإلحاق الأذى والضرر بالأشجار وليس الأشخاص، فإن معدلات التقديم إلى المحاكمة تكون أقل.
ردًا على هجمات المستوطنين، قام مجموعة من المتطوعين الفلسطينيين باسم "فزعة"، بالانضمام إلى قاطفي الزيتون من أجل حمايتهم من هجمات المستوطنين، وهو الدور الذي لم تقم به أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية لأن اتفاقات أوسلو منعتهم من العمل في مناطق "ب، ج" أي في معظم الضفة الغربية.
فرغم أن هناك عشرات الآلاف من الشباب الفلسطينيين تم تدريبهم على السلاح واجتازوا تدريبات قتالية وتم تجنيدهم لأجهزة الأمن الفلسطينية، فإنه حسب أوسلو فمطلوب منهم مساعدة الشباك والجيش الإسرائيلي في ملاحقة مشتبهين فلسطينيين، والتحقيق معهم واعتقالهم، ومحظور عليهم المس بالإسرائيليين.
"فزعة" تعني "طلب مساعدة في الحرب"، وهو تقليد فلسطيني يعني هبة جماهيرية لمساعدة أشخاص في ضائقة. نشاطات الفزعة بدأت منذ 1948 وهي محفورة في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، في حينه أخرج سكان القرى الفلسطينيين سلاحهم من المخابئ وهبوا لمساعدة المقاتلين الفلسطينيين في المعارك مع المنظمات المسلحة لليشوف اليهودي.
قطف الزيتون ليس مجرد نشاط زراعي موسمي ومصدر للرزق، بل هو حدث ثقافي مثلما هو حدث عائلي تشارك فيه كل الأجيال وهو حدث احتفالي ينتظرونه بفارغ الصبر، وهي أيام تتجمع فيها العائلة الفلسطينية وهو تراث يتم تناقله من الجد إلى الحفيد.