الاستخبارات الدفاعية الأمريكية تحذر من تنامي قوة الصين
قالت وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية دى اى ايه، إن تقديراتها ترجح إقدام الصين على مضاعفة ترسانتها النووية خلال الأعوام العشرة القادمة، وأن تسعى بكين إلى تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى القادرة على إيصال مقذوفات نووية إلى الأراضي الأمريكية.
لكن تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية لفت إلى أنه حتى لو نجحت الصين فى تعزيز ترسانتها النووية على هذا النحو فإن قدراتها النووية الشاملة ستظل خلال العقد القادم أقل عددا إذا ما قورنت بترسانة الولايات المتحدة النووية التي تصل إلى 3800 رأس نووي في حالة استنفار قتالي وأعداد أخرى في "وضع الاستعداد"؛ اما ترسانة الصين النووية فتقدرها الاستخبارات الدفاعية الأمريكية بنحو 200 رأس نووي، وأن بكين تسعى إلى مضاعفتها إلى 400 رأس نووي في غضون الأعوام الخمسة القادمة لتغطي نطاقات استهدافها معظم مناطق الولايات المتحدة.
وقد أصدرت الاستخبارات العسكرية الأمريكية دي اي ايه هذا التقرير لتقديمه للجنة تقدير الموقف المنبثقة عن لجنة القوات المسلحة والدفاع والاعتمادات في الكونجرس الأمريكي وهي اللجنة التي تعني بتقييم الموقف السياسي والعسكري للقدرة النووية الأمريكية استباقا لموعد تجديد أو إنهاء اتفاق ستارت– 3 مطلع العام القادم.
ولم يهون تقرير دى اى ايه من خطورة الخطوات التي تقطعها الصين على صعيد تحديث وزيادة قدرة ورفع كفاءة ترسانتها النووية، حيث أكد التقرير أن الصين تسعى إلى معادلة القدرة النووية الأمريكية – أو التفوق عليها إن أمكن – بحلول العام 2049، ولفت التقرير الأمريكي إلى أنه لكى يتحقق هذا الهدف للصين فإنها تسعى مرحليا من خلال تحديث ترسانتها النووية إلى تعزيز وبسط هيمنتها الإقليمية في منطقة الباسيفيك الآسيوي".
وفى جلسات متتالية عقدت خلال هذا الأسبوع.. استمع أعضاء الكونجرس الأمريكي إلى عرض من الجنرال تشاد شيبريجا مساعد نائب وزير الدفاع الأمريكى لشئون الصين حول أوجه التحديث التي تجريها الصين على ترسانتها النووية والتي رصدتها الاستخبارات العسكرية الأمريكية، فقد قال الجنرال شيبريجا إن الصينيين قد نجحوا في إنتاج أول صاروخ نووي بعيد المدى بالإمكان إطلاقه من قاذفات متطورة أطلقت عليها القيادة العسكرية الصينية اسم H-6N، وتتميز بأنها قاذفة بعيدة المدى بالإمكان تزويدها بالوقود أثناء التحليق جواـ كما شملت أوجه تحديث الترسانة النووية الصينية كذلك رفع مستوى جاهزية المنصات الصاروخية النووية للإطلاق في حالات الطوارئ، وزيادة سرعة استجابتها للجهوزية في حالات الإنذارات القتالية الطارئة.
وبينما يستعد المفاوضون الروس والأمريكيين للجلوس على طاولة تفاوض في فبراير القادم للنظر في مصير اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية ستارت تضغط الولايات المتحدة بشدة من أجل تمديد الاتفاقية، وضم الصين ذات الترسانة النووية "الخطرة" إليها، ويشكل المسعى الأمريكي مسألة خلافية كبيرة في مسار التفاهمات بشأن اتفاقية ستارت، حيث تتحفظ موسكو على المطلب الأمريكي بينما ترفضه الصين رفضا مطلقا.
وبحسب دورية (ديفنس نيوز) الأمريكية تتحرك الدبلوماسية الأمريكية حاليا صوب كل من الهند واستراليا واليابان لدعم الموقف الأمريكي المتحفظ على تنامي ترسانة الصين النووية وتشكيل حلف على غرار (حلف شمال الأطلنطي) في مواجهة القدرة النووية الصينية.
ولفتت تقارير البنتاجون الموجهة لأعضاء لجنة الدفاع والاستخبارات في الكونجرس الأمريكي إلى خطورة تنامي القدرة النووية الصينية في ظل ما تشهده القدرات العسكرية التقليدية للصين من معدلات نمو متسارعة جعلتها تتفوق نوعيا على القدرات العسكرية التقليدية للولايات المتحدة، فوفقا للدورية الأمريكية تمتلك الصين 350 بارجة وغواصة حربية، فيما لا تمتلك الولايات المتحدة سوى 293 بارجة وغواصة، كما تمتلك الصين طموحات "مقلقة" للولايات المتحدة فيما يتعلق بتمدد الصين عسكريا ولوجيسيتيا في مناطق عديدة من العالم منها تايلاند وسنغافورة وإندونيسيا وباكستان وسيريلانكا وكينيا وسيشيل والخليج العربي وتنزانيا وأنجولا وطاجيكستان من خلال إنشاء شبكة للمراكز اللوجيستية.
وترى الاستخبارات الأمريكية أن تلك الشبكة من المراكز اللوجيستية الصينية تشكل تهديدا محتملا للولايات المتحدة إذ سرعان ما قد تتحول إلى قواعد عسكرية للجيش الصيني في لمح البصر، وهو ما يعزز تمدد ونفوذ الصين على خارطة العالم عسكريا واستراتيجيا.
وكانت الولايات المتحدة وروسيا قد اختتمت في منتصف شهر أغسطس الماضي محادثات استغرقت يومين في العاصمة النمساوية فيينا حول الحد من التسلح وهي المحادثات التي صدرت عنها إشارات إيجابية برغبة كلا البلدين في مد العمل باتفاق ستارت- 3، وذلك على الرغم من إبداء واشنطن رغبة شديدة في ضم الصين إلى أي اتفاق جديد يتم إبرامه بين واشنطن وموسكو حول الأسلحة الاستراتيجية وهو ما ترفضه الصين حتى الآن.
وبينما أبدت موسكو قبولا غير مشروط لتمديد الاتفاق في فيينا، حبذت الإدارة الأمريكية أن تشمل أية اتفاقيات قادمة للحد من انتشار التسلح النووي كافة أنواع الرؤوس النووية وتطوير بروتوكولات التفتيش والتحقق وشفافية الإجراءات ذات الصلة.
وأمام تلك الخيارات.. يعكف قادة وأعضاء لجنتي الموازنة والدفاع والاستخبارات الوطنية والشئون الخارجية في الكونجرس الأمريكي على دراسة جدوى تمديد اتفاق الحد من الأسلحة الاستراتيجية ستارت-3 الموقعة في 2010 بين الولايات المتحدة وروسيا، وإزاء تلك القضية القومية تولدت لدى المشرعين الأمريكيين على اختلاف مشاربهم سواء جمهوريين أو ديمقراطيين قناعة بأن الفشل في تمديد الاتفاق سينطوي على مخاطر شديدة وذات كلفة باهظة سترهق الموازنات الأمريكية خلال الأعوام الخمسة القادمة.