مصطفى نصر: في السنوات الأخيرة عادت هوجة مهاجمة عبد الناصر
حول الحضور الطاغي للزعيم جمال عبد الناصر والذي يواكب اليوم ذكرى نصف قرن على غياب جسده قال الروائي الكبير مصطفى نصر: في السنوات الأخيرة عادتْ هوجة مهاجمة عبد الناصر، والنـَّيْل ِمن كل إنجازاته، فقد حضرتُ مؤتمرَ الروايةِ العربيةِ الآن، في المجلس الأعلى للثقافة في فبراير 2008، فتحدث روائىٌّ سورىٌّ عن تجربةِ الوحدةِ بين مصرَ وسورية، فإذ بكاتبين عراقيين ــ أحدهما يعيش في ألمانيا والآخر في هولندا ــ يضحكان، ثم تبعتهما كاتبة ٌفلسطينية ٌكانت تـُديرُ الجلسة، ممَّا أغضب الروائىَّ السورىَّ، وأكملَ حديثه، فقال أحدُ العراقيين عن الوحدة: " بس ما تعملوهاش تاني ".
في وقتنا هذا؛ الحديث عن الوحدة بين العرب مثارُ سخريةٍ واستهزاء، وصارت الوطنية والقومية سُبَّة، والذي ينادي بهذه المبادئ يخسرُ كثيرًا، فلن يجدَ من يقفُ بجانبه، والذين يهاجمون عبد الناصر – من الأدباء ــ ينالون الشهرة والجوائز.
تابع موضحا في تصريحات خاصة لــ"الدستور": البرامج التي تـُبَثُّ من الفضائيات التي يمتلكها رجال الأعمال؛ تهاجم عبد الناصر طوال الوقت، وبطريقةٍ سخيفةٍ تدعو للأسى، فكلُّ ما حدث من ثورةٍ وتأميم، وجلاء، كلُّ شىءٍ سىء! وما كان يجب أن يحدث، فالملك فاروق طبقـًا للمسلسل التليفزيوني الذي هدَّ الدنيا - رجلٌ طيبٌ وصالحٌ، فلماذا قامتْ ثورة ٌعليه؟ وأيامُه أفضلُ من أيام ما بعد الثورة ؟! لدرجةِ أنَّ سيدة ًطيبة،عملتْ له عمرة حين سافرتْ إلى الأراضى الحجازية، والحقيقة ُأنَّ فاروق كان سيئـًا وفيه كلُّ العِبَر، كان مريضًا بالسرقةِ باعترافِ أقربِ الناسِ إليه، وكان يلعبُ القِمارَ، ويعاكسُ النسوان.
وقد قرأتُ مقالة ًيتحدثُ فيها ابنٌ لشيخ في المحكمة الشرعية ضُبط وزميلَه عام 1955 في فيللا بمنطقة السيوف بالإسكندرية مع ثلاث سيداتٍ ممن لهن قضايا لديهما. فقال ابنُ الشيخ: إن والدَه كان فاضلا ًوعظيمًا، لكنه وقف أمام واحدٍ من رجال الثورةِ كان متزوجًا من أميرةٍ من أسرةِ محمد على وظلمها، فرفعتْ عليه قضية ًفي المحكمة الشرعية، فحكم الشيخ ُلصالحها، فدبَّر له رجالُ الثورةِ هذه القضية، وألغًوا المحاكمَ الشرعية.
كلُّ القضايا التي نـُظرتْ أيامَ عبد الناصر مزوَّرة ومصنوعة، محاولة قتله في المنشية، حادثة ٌمفتعلة؛ أراد بها أن يجد الفرصة ليُصفي الإخوان المسلمين. كما أنه سببُ كلِّ الأزماتِ التي تعانى مصرُ منها الآن: التعليمُ في أزمة لأنه جعله بالمجان، وحديثُ الرسول ألا تعلموا أولاد السفلة العلم، فإن علمتموهم فلا تولوهم القضاء والولاية وهو سبب أزمة المساكن، لأنه كان يحاكم الذين يحصلون على خلو، فخاف أصحابُ البيوتِ من بناء بيوتهم، وهو سبب ارتفاعُ أسعار الخبز والفاكهة والخضروات، لأنه حدد ملكية الأرض الزراعية ففتَّت الملكيات.
واختتم: لقد كتبتُ في روايتي الهماميل المنشورة عام 1988 إن أميركا واسرائيل، يريدان تكوين طبقة تحمي مصالحهما، طبقة تغتني بسرعة غير عادية، وبأية وسيلة، مهما كانت الوسيلة سيئة، لكي تتبنى هذه الطبقة ُالجديدة ُذلك، بعد أن تكون قد سيطرتْ على كلِّ شيءٍ: اختيار الحكام، ووضع القوانين.. إلخ، طبقة تـحس أنَّ العداءَ لأمريكا وإسرائيل عداءٌ لها ولملايينها.
وقد حدث ما توقعتـُه، تكوَّنت بسرعةٍ فائقةٍ طبقة ُرجال الأعمال التي تدافع عن أمريكا وإسرائيل لأنَّ مصالحهما هي مصالحُ رجال الأعمال.