جملة هى السبب.. تفاصيل الليلة الأخيرة فى حياة صلاح عبدالصبور
39 عاما مرت على وفاة الشاعر صلاح عبدالصبور، الذي يعد أحد رواد الحركة الشعرية العربية، ورمزا من رموز الحداثة العربية المتأثرة بالفكر الغربي، وله مساهمات عديدة في التأليف المسرحي.
في حوار أجرته سميحة غالب، مع زوجة الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور، بعد وفاته بثلاث سنوات، بمجلة "الدوحة" بعددها رقم 8 الصادر بتاريخ 1 أغسطس 1984، والذي جاء بعنوان "تفاصيل الليلة الأخيرة في حياة الشاعر صلاح عبدالصبور"، كشفت فيه عن تفاصيل عديدة، وتحدثت عن الكتب والأوراق الأخيرة التي تركها، وأجابت عن عدة أسئلة تتناول العصر الذي عاشه وعايشه، فضلا عن تفاصيل الليلة الأخيرة في حياته، بجانب عدد من ذكرياتها معه.
قبل أن تروي سميحة غالب عن الليلة التي شهدت رحيل زوجها صلاح عبدالصبور، نوهت إلى أنه لم يكن يقبل أن ينتمي إلى أي نظام سياسي، لأنه لم يقتنع بأي نظام، ولم يكتب كلمة تأييد أو مهادنة لأي نظام من الأنظمة، مؤكدة أنه كان يحمل هموم المثقفين على كتفيه وفي قلبه، لقد كرس حياته لها ومات بها أو بسببها.
وكشفت عن أن كلمة كانت السبب في قتله، مستشهدة بتقرير الأطباء الذي يوضح أن جلطة داهمته في الشريان التاجي نتيجة انفعال داخلي أتى بعد فترة إجهاد، وتابعت: "الكلمة القاتلة قالها رسام مصري معروف الاسم في الجلسة التعسة في اليوم الأخير من حياة صلاح".
"لقد بعت نفسك بمليم".. هكذا قال الرسام لصلاح عبدالصبور بالحرف الواحد، في منزل أحمد عبدالمعطي حجازي، أثناء الاحتفال بعيد ميلاد ابنته.
وتروي زوجة الشاعر الراحل: كانت الكلمة طعنة غادرة في ظهر صلاح.. طمست كل الحقائق، وقبل هذه الطعنة كانت الجلسة تضيق الخناق على صلاح بشكل ملتوٍ، وتوجيه اتهامات باطلة له، وتمالك صلاح نفسه ورد على الرسام: كيف بعت نفسي؟ ولمن؟ وبأي ثمن بعت نفسي؟
ولم يرد الرسام حينها بجواب مقنع، وأضاف صلاح:" أنتم لا تجيدون إلا كلام الطرطشة العاطفية"، وهب واقفا وهو يضع يده على قلبه، يطلب هواء نقيا لأن جو المكان تسمم بالغدر والكذب وتلفيق أسباب الاتهام.
وتقول زوجة صلاح عبدالصبور: في بداية الكلام المريب، أحسست بضيق في التنفس، وشعرت بأن روحي على وشك أن تصعد إلى بارئها، وقلت حينها لزوجة حجازي "إنني أشعر بأني أموت فعلا"، ولكنني تماسكت وعدت لأكون إلى جوار صلاح، ولم يشف غليلي رد صلاح على الطعنة الغادرة، فصحت في وجوه الحاضرين متهمة الجلسة كلها بطابع السوقية.
وطلبت من الرسام في ذروة الانفعال، أن يعطيها ورقة مكتوبة في 3 أسطر، يذكر فيها بعضًا من مواقفه الوطنية الشريفة، ولكن الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور وضع يده على كتفها قائلة: "كوني قوية يا أم مي"، وردد هذه العبارة أكثر من مرة، وكانت هي آخر كلماته لها.
وبعد أن ثارت زوجة الراحل في وجه الحاضرين، انحنى الرسام على حذاء صلاح طالبا منه الصفح والتسامح، وسحب صلاح قدمه إلى الخلف قائلا: أنا أكره مثل هذا التصرف.
وخرج صلاح عبدالصبور إلى الطريق طلبا للهواء النقي عله يشفيه من الطعنة الغادرة، وخرج خلفه أحمد حجازي، وجابر عصفور، وبعد أكثر من ساعة عادا ليقولا لي إن صلاح في غرفة الإنعاش بالمستشفى، وفارق الحياة بعد دقائق قليلة.