عبدالله المحمود.. فنان يهرب من ضغوط الحياة إلى ابتكارات أعواد الكبريت
هرب من مدينة حلب السورية بعدما أصبح العيش بها مستحيلًا تحت وطأة الحرب، لم تعد هناك مناظر طبيعية خلابة تستحق التصوير، وإنما امتلأت السماء قذائف وطلقات نارية ولم تعد جميلة كسابق عهدها في مدينته الهادئة، ترك كل هذا بحثًا عن شيء ما يستحق التصوير في مكان آخر، حتى استقر به المقام مع أسرته في إحدى المدن التركية.
6 سنوات لم يتمكن خلالها السوري عبدالله المحمود من استكمال دراسته، فتوقف عند الصف الثالث الثانوي، وحتى الآن وعمره 22 عامًا لم تمكنه الظروف من الالتحاق بالجامعة، ولكنه هرب من تلك الظروف إلى كاميرا صغيرة يمتلكها شقيقه، وبدأ يصور الأماكن الطبيعية حتى كان اليوم الذي تغيرت فيه نظرته للحياة.
"اطلعت ذات يوم على صورًا مختلفة لمصور هندي، خلال بحثي عن أجمل الصور في العالم، لأتعرف على نمط جديد من التصوير غير منتشر بين الفنانين العرب، وهو الرسم باستخدام لوحات من أعواد الكبريت، فهي خليط بين صناعة الفن اليدوي والتصوير، وكان هذا قبل سبعة أشهر فقط، عندما خرجت أول صورة من أعواد الكبريت".
ذكريات أول صورة لا ينساها المحمود، فقد كانت لشاب يهدي حبيبته باقة ورد، والتي كانت سببًا في أن تطلب منه كاتبة جزائرية صناعة غلاف لكتابها الجديد بطريقة أعواد الكبريت، وبعد شهر من التفكير خرجت الفكرة وصنع لها غلافًا من أعواد الكبريت، ثم تكرر الموقف وهذه المرة كان لكاتبة سورية تكتب عن حلم العودة إلى الوطن.
واستمر الفنان الشاب في الهروب إلى علبة الكبريت الصغيرة من ضغوط الحياة والعمل، فعصبيته المفرطة في الحياة العادية تتحول إلى هدوء وثبات تام عندما يمسك أعواد الكبريت بين يديه ويبدأ في تشكيل لوحته الجديدة من واقع الحياة.
فقدم لجمهور مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة متنوعة من الصور كان آخرها وعي الجماهير بعد فيروس كورونا، وصورًا أخرى لا يستخدم فيها الكبريت مثل صور قطرات المياه الصغيرة والمصابيح الصغيرة، وحتى أصابع قدميه التي رسم عليها لوح مضحكة.