لزيادة شعبيته.. إدانات دولية واسعة لاستغلال أردوغان «آيا صوفيا»
أثار قرار الرئيس رجب طيب أردوغان، تحريك دعوى قضائية لتغيير وضع «آيا صوفيا» التاريخي، الجدل دوليا، وحالة من الاستياء الشديد بين مواطني الدول الأرثوذكسية، في روسيا واليونان وأوروبا الشرقية، إلا إنه وبالرغم من ردود الفعل العالمية واتهامه بإشعال فتيل التعصب بين الأديان، أفادت إحدى التقارير الإعلامية أن أردوغان سيقوم بفتح الموقع للعبادة في 15 يوليو الجاري سواء بقرار من المحكمة أو بدون.
على الجانب الآخر، يرى بعض المحللين أن محاولة "أردوغان" دفع ملف آيا صوفيا للواجهة في هذا التوقيت توضح رغبة أردوغان في استعادة الإرث العثماني، باعتبار آيا صوفيا أحد أهم الرموز ذات الدلالة على فتح إسطنبول، وكان يرمز إلى سيطرة الخلافة العثمانية في ذلك الوقت.
بينما يرى البعض الآخر، أن "آيا صوفيا" ما هي إلا ورقة لكسب وتعبئة الناخبين الدينيين والمحافظين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، خصوصا بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي الاخيرة تراجع شعبية حزب أردوغان في مقابل أحزاب المعارضة، وهو ما قد يفسر إصرار أردوغان على تحويل آيا صوفيا إلى مسجد ورغبته في كسب أصوات الناخبين المحافظين والقوميين، من خلال تعزيز قاعدته السياسية الإسلامية.
واستمعت محكمة تركية الخميس الماضي، إلى طلب لتحويل المبنى الضخم الذي يرجع للقرن السادس الميلادي وأقيم أساسًا ليكون كاتدرائية مسيحية ثم أصبح اليوم أحد أكثر المعالم السياحية زيارة في تركيا إلى مسجد. وقال محامٍ، إن المحكمة ستعلن حكمها خلال 15 يومًا.
وآيا صوفيا هو صرح ديني مهيب، يبلغ عمره 1000 عام، وتعتبره منظمة اليونسكو من الآثار التاريخية المنتمية إلى الثروة الثقافية العالمية، وبني ككاتدرائية في القرن السادس الميلادي عند مدخل مضيق البوسفور في إسطنبول، لكنه تحول إلى مسجد في القرن الخامس عشر بعد دخول العثمانيين إلى إسطنبول التي كانت تعرف باسم القسطنطينية.
- الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تستنكر اقتراح أردوغان بشأن "آيا صوفيا"
قال مسؤول كبير في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية أمس السبت إن تحويل الأثر التاريخي آيا صوفيا في اسطنبول من متحف إلى مسجد سيكون "غير مقبول".
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن متروبوليتان هيلاريون، رئيس إدارة العلاقات الخارجية في بطريركية موسكو قوله في التلفزيون الحكومي: «لا يمكننا العودة إلى العصور الوسطى الآن».
وأضاف «نحن نعيش في عالم متعدد الأقطاب، نعيش في عالم متعدد العقائد ونحتاج إلى احترام المشاعر الدينية»، مشيرا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لم تفهم الدافع وراء تحويل آيا صوفيا، وإنها تعتقد أن السياسات المحلية كانت وراء هذه الخطوة.
و أردف قائلا «نعتقد أنه في الظروف الحالية يعتبر هذا العمل انتهاكًا غير مقبول للحرية الدينية».
وكان البطريرك القسطنطيني، برثلماوس الأول، الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي حول العالم، ومقره في اسطنبول، قد قال في وقت سابق، إن تحويل المبنى إلى مسجد سيخيب آمال المسيحيين، وسوف "يمزق" الشرق والغرب، لافتا إنه «يشعر بالحزن» بسبب هذا الاقتراح.
- روسيا ترفض توجه أردوغان لتغيير وضع آيا صوفيا
أعلنت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، رفض روسيا تغيير وضع "آيا صوفيا"، مشددة على أن السلطات الروسية ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على الأهمية التاريخية والثقافية لمتحف آيا صوفيا باعتباره ميراثًا عالميًا.
وأشارت زاخاروفا إلى أنها تتابع القضية عن كثب، مؤكدة أن متحف آيا صوفيا كونه في الأساس كنيسة كما يعرف الجميع، هو مثال فريد ورائع من العمارة البيزنطية، وتابعت: "متحف آيا صوفيا واحد من المعالم الرئيسية في إسطنبول، ويزورها العديد من السياح من مختلف بلدان العالم، بما في ذلك روسيا".
- الخارجية الأمريكية تحث أنقرة على عدم تغيير وضع آيا صوفيا
دعا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تركيا إلى الحفاظ على كاتدرائية "آيا صوفيا" كمتحف في إسطنبول، وعدم تحويله إلى مسجد.
وقال "بومبيو" في بيان مكتوب الأسبوع الماضي: "تحث حكومة تركيا على مواصلة الحفاظ على آيا صوفيا كمتحف.. كنموذج لالتزامها باحترام العقائد والتاريخ المتنوع الذي أضاف لجمهورية تركيا وضمان أن يظل الموقع مفتوحا للجميع".
وأضاف بومبيو: "إن تركيا تدير آيا صوفيا كمتحف منذ نحو قرن من الزمان"، مشيدا بالحكومة التركية للحفاظ على المبنى ”بطريقة رائعة“ كمتحف، لكنه قال إن تغيير وضعه سيقلل من إرثه، قائلا " ترى الولايات المتحدة أن أي تغيير في وضع آيا صوفيا يقلل من تراث هذا المبنى الاستثنائي وقدرته على خدمة الناس كجسر فريد للمعتقدات والثقافات المختلفة".
من جهته، صرح سفير وزارة الخارجية الأمريكية للحرية الدينية، سام براونباك، في تغريدة له، بأن «آيا صوفيا» تحمل أهمية روحية وثقافية هائلة لمليارات المؤمنين من مختلف الديانات حول العالم، داعيا حكومة تركيا إلى الحفاظ عليها كموقع للتراث العالمي لليونسكو.
- اليونان تدين تغيير وضع آيا صوفيا التاريخي
قالت وزيرة الثقافة اليونانية لينا ميندوني في رسالة إلى اليونسكو، في أواخر يونيو الماضي، إن ما تسعى إليه الحكومة التركية والرئيس أردوغان" يعيد ويؤجج المشاعر القومية والدينية المتعصبة"، معتبرة الخطوة "إهانة للمسيحيين والمجتمع الدولي".
ولفتت إلى أن أردوغان يسعى إلى تقليل القيمة والإشعاع العالمي للنصب التذكاري، ويتم استخدام نصب تذكاري ذو قيمة عالمية، مثل آيا صوفيا، لخدمة الانفعالات السياسية الداخلية، وتبذل محاولات لإعادة ظروف القرن الخامس عشر إلى القرن الحادي والعشرين.