«سحر المعمار».. مرممو «البارون»: تجربة مشرفة استغرقت عامين
تزامنًا مع احتفالات ثورة 30 يونيو، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى قصر البارون التاريخي، الذي يقبع بحي مصر الجديدة بالقاهرة، وذلك بعد سنوات طال القصر فيها حالة من الإهمال والجمود، ليعود إلى الحياة مجددًا بعد فترة ترميم استغرقت نحو عامين، سخرت الدولة المصرية فيها كل الإمكانات لخروج القصر بهذا الشكل المُشرف.
وتستعرض "الدستور" جانبًا من عالم ترميم قصر البارون، من خلال التواصل مع القائمين على تنفيذ أعمال ترميم القصر، ليوضحون تفاصيل عمل الترميم، وكيف خرج كل هذا السحر والجمال من تحت أيديهم.
من جانبه، قال طاهر عبدالظاهر، نائب مدير مشروع ترميم قصر البارون، أن مهمة الترميم تمت بدقة بالغة نظرًا للتفاصيل المعمارية والأثرية التي يتميز بها البارون وتماثيله، وعليه استغرقت فترة الترميم قرابة سنتين من العمل المتواصل، بواسطة فريق كبير من المرممين الأثريين الذين لهم خبرة وباع في ترميم مختلف ألوان الآثار المصرية، وذلك لافتتاح قصر البارون حسب خطة محددة للتنفيذ والافتتاح.
وكشف عبدالظاهر في حديثه لـ"الدستور"، أن عملية ترميم الآثار تتم وفق معايير واضحة أبرزها الحفاظ على أصالة الأثر، أي أن التدخل في عناصر المبنى أو مكوناته لا تتم سوى في أضيق الحدود، موضحًا أن أعمال الترميم هي بمثابة الحفاظ على القديم عن طريق عزله وعدم المساس بعناصر زخرفية ومعمارية المبنى الأثري.
وعن التحديات أوضح عبدالظاهر، أن معالجة الأسقف الخرسانية كانت أبرز المهمات الصعبة خلال ترميم البارون، ولكن استطاع الفريق التغلب على هذا التحدي بكفاءة عالية، مضيفًا أن استكمال العناصر المفقودة إحدى المهمات التي استغرقت وقتًا وجهدًا خلال علية الترميم؛ إذ أنها تتم بنفس الخامات الأصلية وبنفس التكنيك.
واختتم نائب مدير مشروع ترميم البارون، أنه كان مسؤولًا عن الإشراف على جميع أعمال ترميم قصر البارون وذلك بقيادة الدكتور محمد أنور مدير مشروع الترميم، مشيرًا إلى مدى كفاءة فريق المرممين الذين بذلوا قصارى جهدهم حتى يظهر القصر بهذه الصورة المشرفة أمام العالم أجمع.
بينما وصف عمرو ممدوح، أحد أخصائي ترميم قصر البارون، مشاركته في أعمال ترميم البارون بالتجربة المشرفة، التي احتاجت إلى جهد متواصل دام لمدة عامين من العمل المتواصل على ترميم القصر ومكوناته الزخرفية، من أجل خروج القصر بهذا الشكل المميز أمام الجميع.
أوضح "ممدوح" لـ "الدستور"، أنه كان واحدًا من فريق المرممين الذين كانوا مسؤولين عن ترميم الجزء الخاص بالبرج والسور، واشتملت أعمال ترميم هذا الجزء على عمليات تنظيف واستكمال سور القصر ونحت التماثيل الموجودة، فضلًا عن أعمال تركيب الأجزاء المفقودة مرة أخرى.
وأشار ممدوح إلى أن أعمال ترميم الآثار عادةً تتطلب إلى جهد ودقة بالغة؛ من أجل الحفاظ على هوية الأثر وتقوية أجزاءه ومكوناته، لافتًا إلى القيام بكل تلك المهمات دون تدخل حتى يبقى الأثر بأصالته كما هو.
ومن جهته، قال الدكتور صلاح الهادي، مدير ترميم الآثار ببئر العبد، إن ترميم قصر البارون كن بمثابة الحلم الذي لطالما تمنى تحقيق، إذ كان واحدًا من مطلقي حملة ترميم قصر البارون في عام 2014، لتبدأ رحلة طويلة من المناشدات والاستجابات لترميم قصر البارون.
وذكر الهادي في تصريحاته لـ "الدستور"، إن قصر البارون لا يعتبر مجرد أثر يتمنى إعادة تجديده فحسب، وإنما كانت تجمعه ذكريات في فترتي طفولته وشبابه في هذا القصر؛ لذلك يعتبره صلاح بمثابة بيته الثاني الذي حرص على مدار السنوات الماضية أن تتم أعمال الترميم لقصر البارون بأفضل شكل، إلى أن استجابت قيادات وزارة الآثار لهذا المطلب أو الحلم الذي تحول اليوم إلى حقيقة.
وأوضح مدير ترميم الآثار أن فترة دراسة خطة العمل على ترميم القصر استغرقت نحو سنتين، هي تعتبر فترة ليست بقليلة؛ مرجعًا ذلك إلى مدى أهمية الأثر وتفاصيله التي تحتاج إلى الدقة خلال الدراسة أو التنفيذ، مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق على وضع كل متعلقات البارون إمبان بالقصر مثل سيارته وعربة الترماي، فضلًا عن وضع أي محتويات أثرية أخرى تتعلق بمصر الجديدة بالقصر.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار، أن تكلفة أعمال ترميم قصر البارون بلغت 175 مليون جنيه، موضحًا أن افتتاح القصر يمثل إنجازًا واضحًا في عالم الآثار، إذ أن مساحة القصل تصل إلى 24 ألف متر مربع.
وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القصر تم بيعه عام 2005 في مزاد علني واشترته وزارة الإسكان ومن ثم سلمته إلى المجلس الأعلى للآثار، مشيرًا أن مؤسس القصر هو مهندس بلجيكي ملقب بـ "البارون" لإسهاماته في الاقتصاد البلجيكي.