في ذكرى ميلاده.. قصة سجن الشيخ إمام بسبب أغانيه
يحل اليوم 2 يوليو ذكرى ميلاد الشيخ إمام، أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية، واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى، من مواليد 2 يوليو عام 1918، في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرةٍ فقيرة، وهو مغنٍ وملحن مصري اشتُهر بأغانيه السياسية الناقدة وكانت أغانيه طابعًا لمرحلةٍ كاملة من تاريخ مصر والعرب.
تعلُّم إمام عزف العود على يد كامل الحمصاني، والتقى بأحمد فؤاد نجم عام 1962 والذي أصبح رفيق دربه، حيث ألَّف الثنائي ولحنا العديد من الأغاني التي أخذت بعد هزيمة عام 1967 طابعًا سياسيًا ناقدًا بعد خسارة الحرب، وانقلب الحال بعد هجوم الشيخ إمام في أغانيه على الأحكام التي برئت المسؤولين عن هزيمة 1967.
فتم القبض عليه هو ونجم ليحاكما بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، وظل
الأمن يلاحقهما ويسجل أغانيهما حتى حكم عليهما بالسجن المؤبد، ليكون الشيخ أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية.
و قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة يوليو حتى نصر أكتوبر يتنقلان من سجن إلى آخر ومن معتقل إلى آخر وكان يغني وهو ذاهب إلى المعتقلات أغنيته المشهورة شيد قصورك ومن قضية إلى أخرى، حتى أفرج عنهم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات.
وعن قصة اعتقال إمام ونجم، قال الشاعر إبراهيم داوود في لقاء تليفزيوني لقناة"الغد"، إن إمام ونجم بعد 1967 بعد الهزيمة، بدأ نجهما يسطع ويلمع في الظهور، فبعد حفلة 1968 كتبت عنها جميع الجرائد العربية ويعتبر فهمي حسين أول من كتب عنهما.
وأضاف "داوود"، " فحسب رواية أحمد بهاء الدين لي، أنه تم عقد اجتماع في رئاسة الجمهورية بشأن الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، بعد أحكام الهزيمة، حضره شعراوي جمعة وزير الداخلية وقتئذ، ومحمد فايق وزير الإعلام، ومحمد حسنين هيكل، فاقترح شعراوي جمعة اعتقالهما، ولكن رد محمد حسنين هيكل قال هذا سيعلي من أسهمهما.
وتابع: "كلف محمد فايق بالذهاب إليهم حسب رواية نجم والشيخ لي، كانوا قاعدين في مسكنهم وفجأة وجدا حرس وزير الإعلام يدخل عليهم وأرسلوا معه مندوب من وزارة الثقافة حتى يأخذوننا إلى أجهزة الإعلام لنقدم اعمالا في الإذاعة والتليفزيون، وكان الشيخ إمام رافضا رفضا قاطعا التعامل مع الإذاعة والتليفزيون ولكن نجم أصر علي ذلك لأنهم لابد أن يتعاملوا مع الإعلام حتى توصل كلمتهم ووافقه إمام على ذلك بعد نقاش طويل".
واستكمل: "و إذا بمندوب وزارة الثقافة يخرج شيكين، فنجم قال له ما هذا قال له هذه هدية لبدء التعامل معنا في أجهزة الإعلام، فرد نجم والشيخ قالا هذه رشوة وليست بهدية ورفضنا وقلنا اننا لا نأخذ سوى أجر عملنا فقط، وبعد ذلك حدث خلاف مع الإذاعة عندما سجلا أغاني رفضت صوت العرب إذاعتها".
و تابع إبراهيم داوود:"بعد ذلك دبرت لهما بعد قضية حشيش واستغرب القاضي من كثرة الكمية، وأفرج عنهما بعد أن وجد حالتهما الفقيرة وأنهما لا يستطيعان امتلاك تلك الكمية، وثم بعد ذلك صدر لهما قرار اعتقال، وقال نجم فكل شخص منا يبعد عن الآخر بمسافات بعيدة، فكل يوم يفتح عليا الزنزانة لمدة عشر دقائق وكنت أذهب إلي زنزانة الشيخ إمام أسمع ما يلحنه وهو كذلك يفتح عليه وكنا نزور بعضنا البعض ونلحن ونؤلف الأغاني مع بعض".
ونوه داوود إلى أن النظام اكتشف أن هذا الاعتقال مثل مشكلة أخري وأن أغلب الأغاني القوية كانت في السجن فكثير من المساجين تأثروا بها وأخرجوهما بعد تفاعل المساجين معهما، واتجهوا إلي تأليف الأغاني فأفرج النظام عنهما لما وجدوه من تعاطف المساجين وتأثرهم بهما.