أ.د. الهلالي الشربيني الهلالي يكتب: الإخوانجية ومُدعو الكويتية والأمن القومي العربي
بداية.. أنا لست من الذين يسعون إلى إيجاد أو تعميق الخلافات العربية فيكفينا ما نحن فيه من تفكك وتشرذم، ومن ثم فإنني أتوجه بالشكر لكل كويتي أو كويتية تولى الرد على هجوم قادته نائبة بمجلس الأمة الكويتي وتبعها صحفي وبعض المراهقين الكويتيين على مصر والمصريين وأخص بالشكر رئيس مجلس الأمة الكويتي على رده المركز والمحترم، وكذا أحد أفراد الأسرة الحاكمة في فيديو له متداول على مواقع التواصل، وبالطبع كل الكويتيين الشرفاء الذين يعرفون قدر مصر والمصريين.
والواقع، إنني من المقتنعين قناعة تصل إلى اليقين أن صلاح حال هذه الأمة لن يتحقق إلا بأمرين الأول هو إصلاح التعليم والآخر هو الاتفاق على مفهوم الأمن القومي العربي الذي كثيرًا ما نتغنى به في المناسبات القومية واللقاءات والبروتوكولات الدبلوماسية، لكنه في الواقع صار مجرد مفهوم نظري دون مضمون أو وجود فعلى على أرض الواقع، وأعتقد أن ما أوصلنا إلى ما نحن فيه الآن هو ضياع هذا المفهوم بسبب بعض القيادات من مختلف المستويات فى بعض الدول العربية، وكذا بسبب بعض الأفراد من أصحاب المصالح والهوى أو من المأجورين الإخوان من هنا أو هناك لحساب قوى إقليمية أو دولية، ومن ثم اختلط الحابل بالنابل في معظم الدول العربية وأصبحنا لا نعرف من أين يبدأ الأمن القومي العربي وإلى أين ينتهي ومتى يتقاطع أو يتعارض مع مفهوم الأمن القطري لكل بلد وإلى أي منهما ننحاز إن حدث تعارض هنا أو تقاطع هناك.
النائبة الكويتية وأذنابها الإخوانجية (الذين يعودون كلهم أو بعضهم إلى أصول غير كويتية كما ذُكر فى بعض وسائل الإعلام )، وجهوا في الفترة الأخيرة هجومًا شرسًا ضد مصر والمصريين دون مبرر معقول أو مقبول، ربما لأسباب أيديولوجية أو شخصية تتعلق بمشاكل قد تكون واجهتهم كلهم أو بعضهم يومًا في مصر فتم إعمال القانون ضدهم، كل هذا لا يعنيني ولا أقف عنده كثيرًا لأن مصر دولة كبيرة وذات حضارة عريقة وتاريخ يمتد لآلاف السنين وحاضر مؤثر ليس فقط في محيطها العربي والإقليمي ولكن على مستوى العالم كله وهذا ليس رأي فقط كمصري ولكنه من الأمور المستقر عليها في السياسة الإقليمية والدولية، وبالتالي فكل الشرفاء في الوطن العربي لديهم قناعة تامة أن الأمن القومي العربي لا يتجزأ وأنه كالعقد وأن مصر لو رفعت يدها سوف ينفرط هذا العقد وتضيع دول ودويلات كثيرة في المنطقة وبالتبعية ستتأثر مصر لكنها بفضل الله لن تضيع (هكذا علمتنا أحداث التاريخ)، ومن ثم يجب ألا نقف عند مهاترات الأطفال والصغار أو أصحاب الهوى والمصالح من المنحرفين أو الإخوان المأجورين الذين يسعون إلى تأجيج الخلافات العربية وتحويلها إلى مشاحنات وحروب وصراعات.
ما دفعني إلى كتابة هذه السطور، أن هجوم النائبة المذكورة وأذنابها الذين قيل أن بعضهم كويتيين بالجنسية عن طريق الأب أو الجد ذكرني بواقعة حقيقية حدثت معي في عام 2014 وقت أن كنت وكيلًا أول لوزارة التعليم العالي لقطاع الشئون الثقافية والبعثات، وذلك عندما استقبلت دبلوماسي كبير من إحدى الدول الإفريقية بناء على طلبه لدراسة كيفية زيادة التعاون بين البلدين في المجال التعليمي والبحثي، حيث إنني فى سياق الحديث اقترحت عليه إمكانية تعميق التعاون العلمي والتعليمي والبحثي والثقافي بين البلدين من خلال إنشاء مكاتب ثقافية متبادلة بالقاهرة وعاصمة بلاده، بمعنى أن ننشئ لنا مكتبًا في عاصمتهم وينشئون لهم مكتبًا بالقاهرة، ولم أكن أتوقع أبدًا الرد الذي فاجأني به هذا الدبلوماسي، حيث قال "إنس هذا الأمر لأن هذه المكاتب ما هي إلا مكاتب أمنية ومخابراتية"، فقلت له سوف أنسى لكن بعد أن تخبرني على أي أساس أصدرت هذا الحكم ونحن لم نتبادل معكم هذه المكاتب من قبل، كما أنه من المتعارف عليه فى السياسة الدولية أن وجود هذه المكاتب يمثل جزء من عمل سفارة أي دولة بالخارج، وبالطبع أحمر وجه ذلك الدبلوماسي خجلًا ولم يرد، وبالتالي لم أزد من جانبي في الأمر.
بعد عدة شهور ذهبت إلى تلك الدولة ضمن وفد مصري للمشاركة في لجنة عليا مشتركة بين البلدين، وفي الفندق التقيت بالصدفة على الإفطار مع الوزير المسئول عن التعليم بتلك الدولة وتبادلنا الحديث وكان شخصًا ودودًا فتشجعت وسردت عليه ما دار بيني وبين ذلك الدبلوماسي بمكتبي بالقاهرة وكيف كان رده على المقترح الذي عرضته عليه بشأن إنشاء مكاتب ثقافية متبادلة بين البلدين، وكان رد الوزير في الواقع كاشفًا لحقيقة ذلك الدبلوماسي، حيث قال لي " يا عزيزي هذا الدبلوماسي ينتمي لجماعة صغيرة ليست من سكان الدولة الأصليين، ومن ثم فهو دائمًا يحاول أن يثبت أنه وطني وحريص على مصلحة الدولة أكثر من المواطنين الأصليين أنفسهم فلا تلقي بالًا أو أهمية لما قال ونحن من جانبنا نرحب من حيث المبدأ بالمقترح الذي ذكرته ودعه يأخذ طريقه من خلال القنوات الدبلوماسية بوزارتي الخارجية فى البلدين".
هكذا كانت النائبة الكويتية (بالجنسية) وأذنابها الإخوانجية أيضًا أرادوا أن يثبتوا أنهم ملكيين أكثر من الملكيين وكويتيين أكثر من الكويتيين أنفسهم، ولكن على حساب من؟!!! على حساب من دفعوا عنهم العدوان وأزاحوا عنهم الاحتلال وأحضروا يومًا لجدهم وعمهم وأبيهم معلم وقلم وكراس وعلموهم الفضيلة وكيف ينطقون ويكتبون حروف الكلام، ولم يعلموهم التطاول والرذالة أو الردح والسفالة، ولم يكن ذلك أبدًا بقصد أن نأتي يومًا بالدفاتر لكي نمن أو نعاير ولا لكي نذكر الآخرين بضعفهم أو فقرهم، ولكن كان ذلك من منطلق المسؤولية القومية وإدراكًا لأهمية وقيمة الأمن القومي العربي، ومن ثم فتحية حب وتقدير وإعزاز لدولة الكويت الشقيقة حكومة وشعبًا، ونصيحة لتلك السيدة " وأذنابها من المراهقين والإخوانجية المأجورين كونوا كويتيين لا بأس فى ذلك، ولكن لا داعي لأن تكونوا كويتيين أكثر من الكويتيين أنفسهم، وإن اخترتم غير ذلك فحذار أن يكون ذلك على حساب مصر أو المصريين.
- وزير التربية والتعليم والتعليم الفني السابق