شفرة 666.. الدجال فى الإنجيل
شرح الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث الرسمي للكنيسة في مصر، أحد النصوص الكتابية والواردة في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي والتي تخص المسيح الدجال، الذي جاء نصًا: "هُنَا الْحِكْمَةُ. مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإِنَّهُ عَدَدُ إِنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ" (18:13).
وقال الأنبا نيقولا أنطونيو، في كتابه "رؤية أرثوذكسية في تفسير سفر الرؤيا": إنه من المهم التذكير؛ في الكتاب المقدس يجب أن لا تُؤخذ الأرقام حرفيَّا بل تُؤخذ رمزيًا، لأنها أرقام رمزية، وسفر الرؤيا هو سفر رؤيوي، ويوحنا يذكر فيه رؤياه بصور ورموز وأرقام مثله مثل الأنبياء الحقيقيين"، مضيفًا: "يوحنا بقوله هذا هو يشير إلى إمكانية معرفة اسم هذا الوحش، الذي هو شخص وليس حيوان كما سبق القول في الآية (8)، وذلك بالتوافق بين أحرف "الأبجدية" أي الاسم، وبين "الأرقام" أي العدد، بمعنى بمعرفة المدلول الرقمي لكل حرف للاسم حسب ترتيبه في الأبجدية. وهذه الطريقة كانت تُستَخدَم عند اليهود واليونانيين. ولمعرفة المدلولات الرقمية للأسماء في سفر الرؤيا لا يجوز استخدام لغات غير اللغة اليونانية أو اللغة اللاتينية. لأن السفر كُتب باللغة اليونانية التي كانت لغة الثقافة، بينما كانت اللغة اللاتينية هي لغة التعامل اليومية في ذاك الوقت. لذلك على الأكثر قد يجوز استخدام حروف اللغة اللاتينية".
وأضاف: "في اللغة اليونانية الأرقام تكتب بشكل أحرف، في الآية المذكورة (18:13) العبارة "وَعَدَدُهُ سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ" في الترجمة العربية، وردت في النص اليوناني "καὶ ὁ ἀριθμὸς αὐτοῦ χξς". وهذه الثلاثة أحرف الأخيرة "χξς" مجموع أرقام أحرفها حسب ترتيبها في الأبجدية اليونانية هو 6+60+600 = 666. وهذا الرقم يكتب بالأحرف "ἑξακόσιοι ἑξήκοντα ἕξ".
وتابع: "في القرون الأولى المسيحية وُجدت عدة محاولات لتفسير الرقم 666 إلا أنها لم تنجح، حتى إن القديس إيريناوس نفسه (202-267م) لم يستطع أن يحدد الاسم رغم قصر الفترة الزمنية بينه وبين يوحنا الإنجيلي. كما قال أنْدِّرِيَاس وغيره: «إن كثرة النظريات هي دليل على عدم معرفة أحد بالشخص أو الاسم أو السِّمَة». كما أن بعض آباء الكنيسة قالوا: «إنه يليق بالسامعين لهذه النبوة أن يرجعوا عن أفكارهم في البحث عن أسماء الوحش، ضد المسيح، لأنه ليس عملهم أن يتنبأوا، إذ إنه ينكشف عند ظهوره.
وإنما عليهم أن يحذروا منه ثابتين في الرب»، وغيرهم من آباء الكنيسة قالوا: «إن شكل سِمَة ضد المسيح واسمه أمران لم يُكشَفا للإنجيلي، وربما كان ذلك لأن معرفتهما لا فائدة منها للسامعين».
لذا يجب القبول بما قاله هِيبُولِيتُس، الذي عاش في أوائل القرن الثالث، وغيره: «إن في اللغة اليونانية أسماء كثيرة مجموع أرقام أحرفها حسب ترتيبها في الأبجدية اليونانية 666.
وعبارة "أنا أدحض" باليونانية مجموعها أيضًا 666، لذا يكفينا أن نعرف أن ضد المسيح سيأتي مُنَصِّبًا نفسه إلهًا ناكرًا وداحضًا للإيمان بيسوع المسيح، أي ناكرًا وداحضًا تجسده واتحاد لاهوته بناسوته وقيامته من الأموات».
وأكمل: "إذن من الخطأ أن يُستند إلى مجرد حساب عدد الاسم للزعم عن شخص أنه هو الوحش المقصود؛ لأن هذا العدد ينطبق على كثير من الأسماء وعلى كثير من رجال التاريخ".
وكثيرون سلكوا مسلك الوحش ضد الكنيسة واضطهدوها، وقد يكون هذا الوحش هو إمبراطورية سياسية أو نظرية سياسية، من المعلوم أن هذه الإمبراطورية أو النظرية هي نظرية فكرية، أي صورة فكرية، يجسدها ويعطيها روحا معتنقوها الذين يعملون على تطبيقها وإخراجها إلى حيز الوجود، كما ظهر خلال التاريخ أضداد كثيرون للمسيح، وسيظهر آخرون تنطبق عليهم هذه الأوصاف والمواصفات التي ذكرها يوحنا في سفر الرؤيا".
واستطرد: "أما أفضل ما يُقَدَم من التفاسير، وإن كان ليس هو التفسير الأخير، هو التفسير القائل: «إن "ضد المسيح" سيعمل على التشبه بالمسيح ليكون مثله، غير أنه مع محاولاته بالتقرب كثيرًا في التشبه بيسوع المسيح سيبقى أقل منه ولن ينجح في أن يكون مثله بالتمام. لأن عدد اسم "ضد المسيح" (ἀντίχριστος) كما ذكر في الآية (18) هو 666، أما اسم "يسوع" باليونانية فهو "ΙΗΣΟΥΣ" ومجموع أرقام أحرفه حسب ترتيبها في الأبجدية اليونانية فهو 10+8+200+70+400+200= 888. والرقم 6 هو أقل من الرقم 7، الذي يشير إلى الكمال الأرضي والحياة الزمنية، لذا فإن الرقم 6 هو رقم ناقص، لأنه أقل من الكمال. كما أن الرقم 7، وهو أكبر من الرقم 6، هو أقل من الرقم 8 الذي هو عدد أخروي ويشير إلى الحياة الدهرية، أما الدهر الحالي (الدهر الأسبوعي) فيدور حول الرقم 7، كما أن الرقم 8 يشير إلى "يوم الأحد" الذي هو "يوم الرب"، المُكمِّل لليوم السابع وهو أول الأسبوع الجديد، الذي فيه قام يسوع المسيح من بين الأموات، كما ذُكر في (رؤ 10:1)، على هذا فحامل العدد 666 هو أنقص من أن يكون كاملًا، ليس زمنيًا فقط بل ناقص تمام النقص».
وتابع: "لهذا يبدأ يوحنا الآية (18) بقوله: "هُنَا الْحِكْمَةُ، مَنْ لَهُ فَهْمٌ"، عبارة "هُنَا الْحِكْمَةُ"، أوضح يوحنا معناه في (رؤ 9:17)، بقوله: "هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ"، وهذه "الْحِكْمَةُ" ليست هي الحكمة الإنسانية، بل هي الحكمة الإلهية. وعبارة "مَنْ لَهُ فَهْمٌ" تعني "من له الهِبَة الإلهية"، وهذه "الهِبَة الإلهية" يمكن فقط لمن يحصل عليها أن تتكشف له الحكمة الإلهية، وبعد رُؤًى يوحنا عن ضد المسيح يقول: "ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُهُ واسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ" (1:14)؛ لأن سفر الرؤيا هو سفر رجاء وأمل للمسيحيين بانتصار الحَمَل (يسوع المسيح) وتَسَيِّدًهُ".