سارة خليف تكتب: أحزاب خيرية هانم
حل المشكلات في أي مجتمع يتصدَّر له في غالب الأمر كيانات رئيسية مختلفة في طبيعتها، ولكنها متكاملة نحو إيجاد حلول لمشكلات ذلك المجتمع، ومن تلك الكيانات الحكومة، والمجتمع المدني والأحزاب، كل منهم يعمل على ما يخدم إيجاد الحل، وذلك طبقًا لقدراته وإمكانياته ومدى الفاعلية التي يتمتع بها.
يحدث ذلك بشكل ديناميكي متناغم في ظل أوقات الاستقرار، أما في أوضاع الاستثناء لا سيما الكوارث الطبيعية والأزمات بشكل عام، فتتكاتف تلك الكيانات منحية جانبًا أي أمور عرضية، سواء كانت نابعة من الاختلاف الأيدولوجي أو غيره، مبتغين تحقيق أعلى نسبة فاعلية يستفيد منها المجتمع والفرد.
ولكي نشرح ما سبق دعونا نطبِّقه على الوضع الراهن في بلدنا الحبيب، فلا يخفى على أحد أنه مع اقتراب دور الانعقاد الخامس للبرلمان من نهايته، ومضينا قدمًا نحو الانتخابات البرلمانية، فلم يختلف الوضع كثيرًا ولم ترق أداءات الأحزاب داخل البرلمان وخارجه إلى ما كان متوقعًا منهم، خاصة في ظل أزمة كورونا التي تمر بها البلاد.
ربما لأن أغلب هذه الأحزاب ليس لها دور يذكر أو فاعل في الحياة السياسية، أو لتكاسل وتقاعس منهم، الناتج عن عدم إدراكهم للدور السياسي للحزب، فلم نر من أنشطتهم سوى نشاط هزيل، تجسَّد في إعداد شنطة وكرتونة، أو الرش والتعقيم، وهذه هي أقصى حدود إدراكهم للدور السياسي للحزب، وهو أشبه ما يكون بنشاط خيري بجمعية أهلية محدوده بل ضعيفة الإمكانيات.
وعلى الجانب الآخر، فالدولة ممثلة في الحكومة والرئيس، لم تتدخر جهدًا في تشجيع ودفع بل وإرشاد تلك الأحزاب، ولعل أبرز ذلك الدعم تصريحات السيد الرئيس الموجهة للأحزاب في بعض المناسبات، والتي دائمًا ما تتضمن إنارة الطريق، ليستبينوا أن دورهم الأساسي يتمثل في التثقيف السياسي والتوعية بقضايا الشأن العام، وكيفية تطبيقها في الواقع، فدور الحزب السياسي في وقت الأزمات التي تهدد الدولة والمجتمع، هو إعلاء راية الوطن ومصالحه، على إعلاء أي مصالح شخصية أو حزبية، مع توفير بنية للمشاركة السياسية، ليتحول الحزب السياسي أشبه بميدان تدريب للقادة السياسيين، الذين سيؤدون دورًا في الدائرة التنفيذية للدولة، بدلًا من تقمصهم دور الجمعيات الخيرية الذي يؤدونه، ويكتفون به كدور في مواجهة الأزمة، مع وجوب التنسيق لتنظيم جهود العمل السياسي، والخروج بنتائج إيجابية مفيدة وفعالة.
فالدور المهم الفعال والناجع، ولا يكلف كثيرًا وللأسف لم نجده من الأحزاب حتى الآن، هو اندماجها بشكل أكثر فاعلية مع الجهد المبذول من الحكومة في تنمية الوعي العام لدى المواطن بالأزمة الحالية، سواء بنشر المعلومات الصحيحة عن الأزمة، أو بالتصدي للشائعات التي يستغلها المغرضون والمتربصون، مستغلين بذلك الموارد المتاحة لديهم، لكي يتجنّب المجتمع والفرد الآثار النفسية السيئة التي قد تنتج عن حرب الشائعات، وما يترتب عليها من آثار سلبية في الاقتصاد، فقد آن الأوان أن يحصد المجتمع والفرد حقه من الأحزاب وبرامجها، إلا إذا كانت تلك البرامج ما هي إلا برامج شكلية على ورق مزخرف، لا يعرف حتى أعضاؤها محتوياتها.
وأخيرًا؛ يجب على الأحزاب أن تعلم أن المواطن رغم ما يعانيه، فإنه ما زال يمتلك البصر والبصيرة، ليبين الصالح من الطالح، ومَن يقف معه في أزمته ومن يتجاهله، لذا يجب على الأحزاب أن تأخذ موقفًا إيجابيًا، يصب في مصلحتها كحزب وفي مصلحة المواطن ككل، عبر تحمل المسئولية والقيام بالواجبات المعنية بها، لكي يتم تصويب وتصحيح الفكرة السائدة عن الأحزاب لدى المواطن، والتي تتلخص في أنها أحزاب خيرية هانم التي تظهر في وقت الانتخابات ولا نراها في وقت الأزمات.