يحفر في تاريخ هـ يعيش
كنت ناوي أكتب مقال، عن مفارقة ظريفة من وجهة نظري. من وجهة نظري إنها ظريفة، ومن وجهة نظري إنها مفارقة.
الحكاية تتعلق بـ الأعمال الدرامية، اللي بـ تتناول الروبوتس، ومشاعر الروبوتس ، وغضب الروبوتس، وتمرد الروبوتس، وكل هاتيك الأمور.
ما أفهمه، هو إنه هذه الأعمال جاية من عب التفكير المادي، مش عايز أكون بـ أبالغ، وأقول الأفكار الإلحادية، إنما هي بـ تنطلق من فرضية بسيطة، وهي نزع التميز اللي بـ تمنحه الأديان لـ الإنسان، من حيث كونه إنسان، نفخ فيه الله من "روحه".
هذه الأعمال تجرد الإنسان من "الروح"، اللي هي في الأديان سر إلهي، محدش ادعى القدرة على فهمه والإحاطة بيه، الروح اللي بـ تخليك "إنسان"، الروح اللي أكبر وأعمق من الوعي والإدراك والإحساس والفهم والعقل والمنطق، وكل هاتيك الأمور، الروح اللي هي أميز ما في الوجود الإنساني، هذه الأعمال تسلبه بـ بساطة ونعومة.
ليه؟
لـ إنها قائمة على طرح يفترض أن هذه الروح لا وجود لها، وإنه الإنسان لا يتميز عما سواه من الكائنات إلا بـ إنه على قدر كبير من التعقيد، إنما هو مش بس زيه زي الحيوانات وإخواته من الكائنات الحية، بل إنه هذا التعقيد القائم عليه الإنسان لو أتيح لـ شوية حديد ومعادن هـ يكون عنده نفس الخواص.
الأعمال اللي دارت حوالين الروبوتس، مش بـ تقدمها بـ اعتبارها تقدم علمي إنسان هـ يتداخل في نواحي اقتصادية وسياسية، أو هـ يكون له دور في عملية الإنتاج، أو تأثير دا على فرص العمالة أو غيرها من القضايا، اللي هي فعليا قضايا مرتبطة بيها، إنما بـ تناقش أمور تتعلق بـ الوجود والذات ونواحي نفسية شديدة التعقيد.
ما أعرفه، هو إنه لا شيء على أرض الواقع ممكن ينبئ أو يحذر أو يورينا أي حاجة تقول إنه الخط مهما امتد على استقامته، هـ يكون فيه أي فرضية تتعلق بـ وجود جوانب نفسية لـ الروبوتس، بـ التالي مهما بلغ حجم الوعي، عمره ما هـ يبقى زي الإنسان، هو في النهاية حتة حديدة مرتبطة بـ برمجتها، وما أعدت له.
بناء عليه طرح الأمر في عمل درامي خاضع بـ الأساس لـ هواجس عند صناع الدراما حوالين الوجود الإنساني، عايز يطلع في تصورات شيقة، فـ لقوا إنه الروبوتس ممكن تؤدي الغرض.
فين المفارقة؟
إنه إحنا في العالم العربي ما دخلناش قصص الروبوتس دي، ودي طبيعي، يمكن بعض الأعمال الساذجة في بداية الكلام عن الروبوتس تمانينات وتسعينات، خدت مشهد أو ما أشبه، إنما مفيش عمل "خيال علمي" قائم على الفكرة دي حتى جه مسلسل "النهاية"، وهي دي المفارقة.
يعني، أول ما عمل مصري يقرب من المنطقة دي، يكون بطله ممثل مشهور بـ إنه بـ يقول لـ الناس: ما تتفرجوش على المسلسلات وروحوا صلوا؟ ويكون من تأليف كاتب بـ يقول على نفسه إنه "مسلم سلفي"، ومشهور بـ الالتزام الديني؟
الفكرة مش إني رافض، هو كل واحد حر، أنا بس مندهش من المفارقة، ويمكن المفارقة دي تكون تفسير شوية، هو ليه المسلسل قالب على اجتماعي كوميدي، وبعيد تماما عن المنطقة اللي المفروض بـ يتحرك فيها
بـ أقول كنت ناوي أكتب عن فكرة شقلبة الموازين دي، بس افتكرت إنه رامز جلال، في أول جملة في أغنية التتر بـ يقول:
أنا مش حد بـ ياكل عيش
أنا بـ أحفر في تاريخ هـ يعيش
تاريخ!
هـ يعيش!
طيب!