رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جذور الربيع المصرى


لقد اختارت الولايات المتحدة التوقيت فى وقت ترهلت فيه القيادات الأسطورية للدول العربية، ووصفهم الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش الابن وقتها بأنهم «أباطرة الشرق»، وكان يقصد خمسة من حكام العرب

تقوم الثورات دائما، فى أعقاب تبلور الشعور الوطنى واتجاهه إلى ضرورة التغيير، ودائما يحدد الثوار شكل الدولة التى تعقب ثورتهم.

لأن فكرة ثورات الربيع العربى لم تكن فى الأساس عربية، ولم يخطط لها عربيا، ولكنها كانت أمريكية التفكير والإعداد، وتم التخطيط لها فى واشنطن تحت تأثير، كانت الفكرة هى فكرة الفوضى الخلاقة، وهى فكرة جهنمية، بالغة التأثير فى الشباب، الذى كان وقتها لا يفكر إلا فى السفر للخارج، والنقود بالدولار، والفسح وركوب الطائرات.

فقط علموهم كيف يتقون شر الغازات المسيلة للدموع بسائل البيبسى أو الكوكاكولا، والكمامات، وأن يقف الواحد فى مكانه ولا يتحرك منه، وأن يستدعى أصدقاءه وزملاءه. ولا يتحرك من مكانه إلا بعد تحقيق مطالبه. جندوا شباب الأحزاب الليبرالية، وبعض المتحمسين، وشرحوا لهم أفكاراً عن الثورة البرتقالية التى اجتاحت جورجيا ضد الرئيس «شيفرنادزه» فى فبراير 2003، والذى كان آخر وزير خارجية للاتحاد السوفيتى قبل انفراط جمهورياته، كانت جورجيا واحدة من تلك الجمهوريات، كانت أمريكا تريد أن تتخلص من شيفرنادزخ ونظامه الذى وصفوه بالفساد، ووزيرة الداخلية . كانت التجربة الجورجية فى تغيير نظام الشرطة مثالا لما تم تلقينه لهؤلاء الشباب، حيث أقنعوهم بأن الشرطة كانت كلها فاسدة فتم تغييرها بالكامل، تم استبدال 18 ألف شرطى بأشخاص عاديين لم يتم تدريبهم، ولكنهم متحمسون لمصلحة بلادهم، وأنهم هنك أنشأوا مراكز شرطة بالزجاج الشفاف، وسموها بالبيوت الزجاجية، وجاءوا بوزيرة شابة فى الثلاثين.كانت جورجيا والتى لا يزيد تعدادها عن الخمسة ملايين، واحدة من ولايات الاتحاد السوفيتى والتى اعتاد شعبها على النظام، وتطبيق القوانين بصرامة، والذين انحصرت مشكلاتهم فى فساد نظام المرور.

كان كل هذا يمثل نوعاً من الإبهار لهؤلاء الشباب بالنظام الجديد للثوارت، التى لا تتطلب جيوشا ولا أسلحة ولا انقلابات، وفضلا عن هذا، فهم لا يحتاجون إلى فلسفات ولا عقول تفكر، ولا قواد للقيادة، ولا منظرين، كل شىء سينطلق من الفوضى!!

لقد اختارت الولايات المتحدة التوقيت فى وقت ترهلت فيه القيادات الأسطورية للدول العربية، ووصفهم الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش الابن وقتها بأنهم «أباطرة الشرق»، وكان يقصد خمسة من حكام العرب وهم ، الرئيس زين العابدين بن على، ومعمر القذافى، وحسنى مبارك، وعلى عبد الله صالح، وبشار الأسد. أذكر أنه فى عام 2005 أجريت انتخابات رئاسية فى تونس ومصر واليمن، وذكر مذيع قناة «bbc» البريطانية بصوته المميز أن الانتخابات أسفرت عن نجاح أباطرة الشرق الأربعة فى الانتخابات التى صنعوها.والغريب فى الأمر أن الرئيس الأمريكى جورج بوش اعتمد فى مكافحة الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط فى أعقاب أحداث سبتمبر 2001 على هؤلاء الحكام الأباطرة، وتخلى عن فكرة الإطاحة بهم ونشر الديمقراطية فى الشرق، كما كان يفكر فى ذلك الوقت. وفى 8 أكتوبر 2004 عقد مركز ابن خلدون الذى يديره سعد الدين إبراهيم ورشة عمل بعنوان الإسلام والإصلاح، وذلك بالتنسيق مع «مركز سابان» فى معهد بروكينغز الأمريكى.

■ خبير أمنى