مملكة السيد فيروس التاسع عشر
لقد امتد سلطان من لقب بفيروس تسعة عشر في أنحاء الكرة الأرضية في اعلى قمتها، بدأت من الصين التي تعد اكبر الدول عددا للسكان ومنها إلي كافة دول العالم بقاراته الست، لم تعوقه محيطات فيغرق ولا جبال فيعجز ولا لغات فيتباطئ الحركة وحتي ساعة كتابة هذا البيان فقد بلغت درجات أعداد الإصابة بهذا المكروب في الصين واحد وثمانين ألفا ومائة وأربعة وسبعون إصابة أما مصر فبلغ عدد المصابين مائة وستة وتسعين حالة، ولكن لا احد يستطيع التنبؤ بما سيحدث من تأثيرات وجولات في كل اركان العالم، لكن نرجع إلي الكلمات التي تعيش فينا ونعيش معها عندما صرخ صاحبها في شدة الضيق والألم فكان ما يعزيه وينزع الخوف منه تلك الكلمات " لأنه ينجيك من فخ الصياد ومن الوباء الخطر. بخوافيه يظللك وتحت أجنحته تحتمي".
إننا أمام صياد خطر ينصب فخاخه علي مدار الساعة، لا يعرف النوم ولا الكلل أو الفشل، بل إنه ينصب فخاخه طلبًا لنفوس كل من يقابلهم لا يرحم ولا يكل، يظن في نفسه انه الأسد المفترس مع انه كما يقول أهل الاختصاص انه ضعيف جدًا، ولكن يعرف من أين يؤكل الكتف ومن يهاجم ومتى يهاجم.
ويجمع العلماء وذوي الاختصاص انه أضعف مما يظن، إنه كالأسد لكنه في قفص الحديقة يزأر عن بعد، لكنه في الحقيقة هو في قفص وليس مطلق الصراح ليفترس مايريد أو من يطوله، له سجان يعرف ترويضه وهو الذي يتحكم في مأكله ومشربه متي يخرج من القفص وكيف يعود إليه.
هكذا بدأ هذا الفيروس جولاته حول العالم وأعداد ضحاياه يكثرون بل ويتكاثرون، وعلي الجانب الآخر يأتي صوت التحذير من هذا الوباء الخطر بهدير صوت النسر وتحت جناحيه يحمي صغاره وبقوة جناحيه يرد المعتدي مهما كانت قوته.
أما الدرس الذي يلقنه النسر لصغاره هو تدريبهم علي الطيران حتي لا تلحق بهم الذئاب لانها أضعف من أن تطير فهي تتلقى فريستها التي تلهو في تراب الأرض وأعشابه.
النسور علمت صغارها الطيران عاليًا لترتقي فوق ضحالة المياه أو غزارتها وتبعد عن عشب الأرض مهما كانت درجة خدرتها لقمم الجبال مقرها وأعالي الأشجار مرانها، كل هذا تعلمه الأم لصغارها، بجناحيها تغطيهم من البرد والمطر ومن هجمة الذئاب، ونحن نعلم ان التدريب والحماية ليست بالأمر الهين، لكن مع صعوبة كل هذا فهو لخير وصون الأم لبنيها
هكذا كانت وستكون علي الدوام حماية الله للإنسان، الذي يضمن سلامنا وسلامتنا، فهو الذي وعدنا قائلا "إذا اضطلعت فلا تخاف بل تضطجع ويلذ نومك لا تمشي من خوف باغت ولا من خراب الأشرار إذا جاء لان الله يكون معتمدك ويصون رجلك من أن تؤخذ فلا تخف في صحوك وفي نومك في نجاحك أو في عثرتك فلكل أزمة نهاية وكل هجمة لها كلل وسقوط، ويبقى شعب الرب محميًا موفقًا نافعًا مثمرًا يذود عن وطنه ويحمي جيرانه وعارفيه حتى تمضي العاصفة وتهدأ الزوابع ويختفي كورونا كما بدأ وحينئذ نرجع بالحمد والامتنان وبالشكر والعرفان ليد القدير صاحب الإحسان هذا من الجانب الأول بكل أنواره وجماله.
أما الجانب الآخر فهو التدرب علي الطاعة فابن الطاعة يتمتع بالبركات والخيرات وينجو من الضيق والعثرات ومن كل المخاوف مهما كان حجمها ولو في ثياب كورونا الخفي الذي يستعرض قواه الهزيلة واستقواءه على ضعفات مرضاه لكننا ندرك أن نسل المرأة أي البشر المتكل على قوة خالقه يتضاءل هذا الميكروب أمامه لان إله القوة سيسحق رأس هذا الميكروب، فإلهنا هو الذي نجا وينجّي حيث لا يعسر عليه امر، فقط علينا الطاعة الكاملة للرب للعارفين لاوضاع الأزمات والضيقات والنكبات.
وقديمًا قال الحكيم ناصحًا ولده " يا ابني لا تنس شريعتي بل ليحفظ قلبك وصاياي فإنها تزيدك طول أيام وسني حياة وسلامة لا تدع الرحمة والحق يتركانك • تقلدهما علي عنقك، اكتبهما علي لوح قلبك فتجد نعمة صالحة في أعين الله والناس "،ونحن لا نتردد أبدا ان نقول ان البشرية كلها كبرى كانت دولهم أو صغرى كانت دويلاتهم فالجميع يمر بضائقة لم يعرفها العالم علي مر عصوره، نعم خضنا الحروب وواجهنا الكروب ولكن هذا الكرب هو الأول ونتمني ان يكون الأخير، ففي ما يجري حولنا تساوى ما عرف بالعالم الأول بما سمي العالم الثالث، بل وفي حقيقة الأمر نظن أن العالم الأول هو الأكثر معاناة وتحملًا لهذا الوباء. وبدل ان يقدم العالم الأول النصيحة أو الحرب أو العطاء. الشفقة أو استعراضًا للقوة وإذ بنا نرى الجميع متساويًا شرقه وغربه وشماله كجنوبه، ليس من يقول اننا ناجون ونمد اليد للضعفاء الذين يعانون لكن الأوضاع تغيرت حتي وصلت أعداد من يسقطون أمام هذا المارد الخفي الذي لا يملك سلاحا ولكنه مخلوق لا يُرى بالعين المجردة ولا يسمع له صوت ولا يخشي من ظلام الليل ولا من إشراقة الشمس حتي وان اشتدت حرارتها.
هناك من يتساءل ما هو الدرس المستفاد من هذا الوباء الخطر وهنا نسمع الرد بالرأي السليم: "لا تمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقة يدك ان تفعله ولا تقل لصاحبه اذهب وعد فأعطيك غدا وموجود عندك ولا تخاصم إنسانا بلا سبب إن لم يكن قد صنع معك شرا، لا تحسد الظالم ولا تختر شيئا من طرقه لا تنسي ان الحكماء يرثون مجدًا والحمقي يحملون هوانًا"
ليتنا نقتني الحكمة، واسمع لكلام معلميك وباعد رجلك عن الخطأ والخطيئة لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء، طرق الهاوية بيتها هابطة إلي قبور الموت، واسمع دائما صوت الحكمة ينادي: أيها الحمقى تعلموا ذكاء إسمعوا فإني أتكلم بالصدق دون عوج أو التواء، الحكمة أفضل من الذهب لان الحكمة أبقي من الجواهر، بالحكمة يحكم الرؤساء والملوك وبدونها يسقطون إلى الهاوية، والحكمة تكرر النداء قائلة أنا أحب الذين يحبونني والذين يبكرون إلي يجدونني عند الغنى والكرامة وثمرة مير من الذهب والتي خير من الفضة المنتقاة"، كما يستمر حديث الحكمة للحاكم كما للمحكوم قائلة " في طريق العدل أتمشي وفي وسط سبل الحق أسير فاسمعوا التعليم وكونوا حكماء فيالسعادة الذين يسمعون لصوت الحكمة لان من يجدني يجد الحياة وينال رضي الله من علاه وأما من يتوه عني فانه يسرع الي الموت، لذا ندعوك اخي القارئ ان بداية الحكمة هي مخافة الله.
بالحكمة والطاعة والحيطة نتفادي أزمة كورونا وندعها تغرب عنا وعن سائر شعوب الأرض ولكن لا ننسى لها ان منها تعلمنا الدروس وراجع في اتجاه الحق والعلم كل شعوب الأرض بعد ان ودعنا موتانا وعبرنا البحر الهائج بسلام، وداعًا لمن رحل، وسلاما لمن نجا، ولسان حال كل البشر لقد تعلمنا الدرس يا كورونا ١٩