جبار يهزأ من شعب وصغير يهزأ بشعوب العالم
منذ آلاف السنين وقف جبار، فى قوته لا مثيل له، وفى جبروته لا نظير له، وليس من يقف أمامه، وظل على هذه الحال يهزأ بأمة حتى صارت عارًا وفى مذلة، فمن يقدر على هذا المخلوق الجبار، إلى أن ظهر صبى صغير لا حول له ولا قوة، قادته أسرته إلى أن يحمل طعام إخوته الكبار الذين يقفون بكل ما لديهم من قوة شأنهم شأن نظائرهم من الشباب اليافع المجند لوقف هذا الذى لا يكف عن تعيير أمة لا يوجد بينها من يقاوم هذا الوحش الكاسر.
وجاء الصبى يحمل الزاد لإخوته وسمع صوت جبار كالرعد يزأر مستهزئًا بشعب ليس بينهم من يقاوم هذا العملاق، وما كان من الصبى الصغير إلا أن طرح الطعام والماء أمام أخوته ودخل إلى الحلبة ليسمع ويرى ذلك الجبار، ولما رأى الصبى يدخل بجرأة إلى الحلبة التى لم يجرؤ آخر على أن يقترب منها وبدأ الجبار يهزأ به، ولم يعرف أن هذا الصبى يحمل سلاحًا أقوى من كل أسلحة الدمار وهو مقلاع يلعب به الصغار عسى أن يصيبوا طائرًا يصلح طعامًا لجائع، وهنا حدث ما لم يكن أحد يتوقعه بينما وقف الجبار يهزأ بهذا الولد وكان رد الصبى الصغير: نعم أنا لا أملك سلاحًا مثلك ولكن أثق فى السلاح الذى معى لأنه قوة عليا من رب الجنود، ثم فى شجاعة منقطعة النظير بينما العملاق مشغول بقوته وسيفه ورمحه، وإذ بالصبى داود يحرك مقلاعه فيصيب به ذلك الجبار حتى يسقطه، ولم يقف داود عند هذه الخطوة، بل استلَّ سيف الجبار وبه قطع رأس مالكه.
يمثل أمامى هذا المشهد وأراه متكررًا فى جبار اسمه كورونا يقف متحديًا العالم بأسره قويه وضعيفه، مالك أقوى الأسلحة ومن لا يملك شيئًا، لكنه جبار وإن كان لا يرى، يهزأ بالعالم ويسقط فى كل ساعة مئات بل ألوفًا حول العالم.
كورونا يستمر فى فعله وينادى شعوب العالم، قويه وضعيفه، أين أسلحتكم الفتاكة وأين تاريخ حروبكم المدمرة؟ كلها أمامى لا شىء، ليتكم تلقون بها فى أعماق البحار وتتعلمون منى كيف غزوت الشرق والغرب والشمال والجنوب، لعل من بين هذه الشعوب من يتعلم الدرس، وتلقون أسلحتكم الفتاكة المدمرة تحت أقدام من لا أقدام له، ولا سلاح مكلف معى، كل ما أملكه هو مداهمة فريستى وفى لحظات يسقط الجبابر، أهاجم الأقوياء قبل الضعفاء وفشلت أمامى كل أسلحتكم، وما أخشاه هو أن تتحدوا معًا كشعوب العالم وإن كان هذا مستبعدًا، فإنهم مشغولون بأسلحة الدمار وأنا مشغول بالهجوم على كل جبار، وكل ما أخشاه هو اتحادكم معًا، وهنا الخطر الداهم على عائلتى التى تكبر كل لحظة وتقاوم كل شعوب العالم.
أليس هذا هو بعض مما يحدث حول العالم، قويه قبل ضعيفه وغنيه قبل فقيره، الشمال والجنوب يصرخ والشرق والغرب يتأوه، المستشفيات لم تعد كافية أسرتها للأعداد التى تحملها سيارات الإسعاف حتى إن بعض هذه المستشفيات امتد أسرته إلى سيارات كبيرة كانت تسعف المرضى بأضوائها وصوت صفيرها تقول للمارة تجنب الطريق ولسائقى السيارات أفسحوا الطريق دلالة على أن مريضًا نسعى لإنقاذه، أما أمام الفيروس فالأمر مختلف، كل من نحمله هو على وشك الموت إن لم يلقَ الإغاثة فورًا، فالأنفاس على وشك التوقف لا سيما لكبار السن، نعم ما أشبه الماضى البعيد بما نراه ونسمع عنه مع ضحايا فيروس «كوفيد- ١٩»، ذاك الذى يغزو العالم فى ساعات، ويهاجم الأقوياء والضعفاء بلا رحمة، ميكروب ضعيف فى تركيبته لكنه سريع الانتشار، يهاجم الكبار قبل الشباب، ويستحى من الأطفال بعض الوقت.
هذا الميكروب الضعيف كما يقول المتخصصون ولكنه سريع الحركة عنيف المهاجمة حتى صمت الكل بلا استثناء، شاهدت سيدتين تتجاذبان الحديث ولكن على مسافة نحو مترين بينهما وعندما تحركت إحداهما خطوة أسرعت الأخرى بالتراجع بذات القدر حتى تظل المسافة الفاصلة بينهما بذات القدر من الابتعاد، وهنا تخيلت كيف تتفرق الأسرة فى البيت الواحد، نعم القلق يتزايد حتى إن حاكم ولاية لويزيانا جون إدوارد يعلن عن تزايد أعداد المصابين فى ولايته، ومن البيت الأبيض تعلن دكتوره بدورة بيرمى عن أن تسع عشرة ولاية بها نحو مائتى حالة ولكن الزيادة تتسارع وهكذا الحال فى نحو عشرين ولاية.
وعلى جانب آخر نقرأ أن الفيروس يغزو أكثر مما نتصور من الأعداد وينصح المتخصصون بأنه لو أنك تعيش فى منطقة انتشر بها الوباء أو كنت قد زرت بلدًا منتشرًا به المرض حديثًا فاتصل بالجهة المعنية فى دائرتك على الفور. وعلامات المرض على النحو التالى: ارتفاع فى درجة الحرارة مع الشعور بالضعف الشديد، وبالصداع القوى، وإذا بدأت تشعر بهذه الأعراض فحاول الابتعاد عمن معك فى البيت أو المحيطين بك على الفور حتى لا تنقل المرض إلى باقى العائلة، والرب وحده هو الشافى ونحن لسنا إلا بخار يظهر قليلًا ثم يضمحل، ولا تبقى لنا إلا الذكريات بحلوها ومرها ونحن الذين نختار الحلو من المر والرب هو المعين.