الاحتياجات الأساسية لحياة كريمة حرة
شك أن كل إنسان، مهما اختلف جنسه أو مستواه المعيشى، له احتياجات أساسية يشترك فيها كل إنسان دون إسراف أو إتلاف. فهو بطبيعته يحتاج إلى الطعام والشراب كغذاء ضرورى لا يستغنى عنه أى مخلوق طبيعى، حتى الطيور والحيوانات بكل أنواعها وأحجامها، تسعى من أجل الطعام والشراب والمأوى.
من يتابع الأخبار يقرأ الخبر التالى: «التضامن والتخطيط تستعدان لمبادرة حياة كريمة بتكلفة مليار ومائة وأربعين مليون جنيه، كما ناقشتا آليات التنسيق المركزى والمحلى، ودور كل شركاء المشروع والموارد المطلوبة، وسوف تتم تجزئة المشروع وفق القدرات المالية للتنفيذ، وسيبدأ التنفيذ تدريجيًا بالمرحلة الأولى بتكلفة قدرها مليار ومائة وأربعون مليون جنيه لسبع وثمانين قرية، من إجمالى مائتين وسبع وسبعين من القرى الأكثر احتياجًا فى إحدى عشرة محافظة، أغلبها فى الوجه القبلى، كما طالبت الوزيرتان الجمعيات الأهلية المتخصصة والمتميزة فى التنمية الريفية، بأن يبدأ العمل بداية ببناء الإنسان صحيًا وتعليميًا، لا سيما فى المناطق الريفية التى أصبحت فيها نسبة الفقر أعلى منها فى الحضر، وذلك وفقًا لخرائط صادرة من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وسيبدأ المشروع بقرى: أسيوط، قنا، سوهاج، أسوان، المنيا، الأقصر، الوادى الجديد، ثم القليوبية والبحيرة والدقهلية من الوجه البحرى، كما بينت وزيرة التضامن أن الخطة موضوعة لرفع قبضة الفقر عن شريحة كبيرة من أبناء مصر، ولمحاربة الفقر على مدى عشرة أعوام، أى مع عام ٢٠٣٠، وذلك لتغيير وجه مصر».. ولا شك أن المشروع واجب النفاذ، بل ربما تأخر سنوات طويلة، ولكن دعنا من البكاء على اللبن المسكوب فلا بد من التفاؤل والمتابعة، ليس بعد عشر سنوات ولكن من عام إلى عام، وحتى لا تتكرر قصة جحا والحمار عندما طلب الحاكم أن يعلّم حماره القراءة والكتابة، وسيمنح المعلم مكافأة سخية ولم يتقدم أحد إلا جحا، لكنه طلب مهلة عشرة أعوام على أن يدفع الحاكم قدرًا من المال لتغطية النفقات، ووافق الحاكم لكن أصدقاء جحا عنّفوه وقالوا له إن الحاكم سوف يقطع رأسك إذا فشل مشروعك، فقال لهم جحا: أنا طلبت مهلة عشرة أعوام ومن يدرى من يموت ربما أنا وربما الحمار، وغالبًا جحا كان يدرك أن عشرة أعوام هى العمر الافتراضى للحمار، أما مشروعات البشر فهى لا تتوقف على عدد من البشر، ولكن تمر السنون وترتفع المطالب والكل يحاسب، والبدء فى العمل يعلمه الجميع، وخير أن يبدأ العمل اليوم قبل الغد، وحتى لا نضع كل اللوم على من هم فى مقاعد المسئوليات. فهناك العشرات من السنين التى مضت وكان يمكن عمل ما هو معروض هذه الأيام، ولكن حتى لا يُبكى على لبن سكب منذ أعوام كثيرة، فلنتفاءل فى عهد نثق أنه أفضل، وقد بدأ الرئيس بمشروعات ثقيلة كان من الضرورة أن تتم فى أزمنة مضت، إلا أن ما تم عمله على أرض الواقع يقول الكثير، وها نحن نقرأ عن رؤى مستقبلية للعديد من القرى التى فاتها القطار من زمن بعيد، وكان الوجه القبلى وقراه أكثر احتياجًا إلى يد الإصلاح والتعمير، وها هى تختار من بين القرى الأكثر احتياجًا، فنرجو لخطتها النجاح وبدء ظهور الثمار بعد عام وحتى يكتمل بعد عشرة أعوام، وقد بدأت فى إعداد بحوث الدخل والإنفاق كل عامين بدلًا من كل خمس سنوات، مع البدء بالقرى الأكثر احتياجًا، وبالطبع لن تترك باقى القرى المحتاجة، ومن اللافت للنظر اهتمام الوزيرة ببناء الإنسان، أو الاستثمار فى البشر، مع تشجيع مشاركة المجتمعات المحلية، أما الجدير بالعلم حقًا فهو اهتمام الوزيرة بمياه الشرب، وهو فى الواقع أهم من أى مشروع آخر، حيث إنه يؤثر تأثيرًا مباشرًا على صحة الإنسان، ومن وقاية المواطن سيتوفر قدر كبير من المال يساعد على تحقيق الرؤى المعيشية للبشر، ومن عائد التوفير المالى يمكن مساعدة اليتامى من الفتيات فى توفير أجهزة زواجهن، وبذلك تكون قد ساعدت لا العروس وحدها ولكن العريس أيضًا معها. وقبل أن أنهى هذا المقال أسجل تحية وتقديرًا للسيدة الوزيرة متمنيًا من باقى الوزراء، ومنهم وزير التعليم ووزيرة الصحة، رعاية القرى الأكثر احتياجًا، وبذلك نكون قد أسهمنا فى إحياء القرى ورد كرامة سكانها، من حيث العيش الكريم ونهضة التعليم والصحة، وأضيف الإنارة إذا لم تكن الكهرباء قد دخلت بالفعل، نعم لقد تأخرنا كثيرًا فى الاهتمام بالقرى المصرية، ونسينا فضل هذه القرى على المدن الكبرى، بل على مصر كلها، فالقرية كانت وما زالت مصدر إعاشة ساكنى المدن، فمنها كان رغيف الخبز وقطعة اللحم وكل أنواع الخضر، وغالبية من قاد مصر تعليمًا وصحة وقادة عسكريين كانوا من أبناء القرية المصرية، ومع ذلك نُسِيَت القرية وتركزت كل الخدمات فى المدينة، فشكرًا للسيدة الوزيرة، وليت سائر الوزراء يردون القليل لما قدمته قراهم، وحان وقت مكافأتها بتعليم جيد وعلاج مناسب وإضاءة مريحة، فالقرية هى عصب المدينة، منها طعامها وشبابها وجنودها، فردوا لها الجميل، وهذا من شيم الأصيل.