همجية
مش عارف، بس ما حدث بعد ماتش الأهلى والزمالك، فى السوبر مش لاقى له وصف غير «الهمجية». الهمجية اللى أقصدها، ليها ملامح وسمات، موجودة فى البنية الذهنية نفسها، مش حكاية كورة وماتش. أول الملامح دى فكرة «إحنا» و«هم». إحنا ناس لينا سمات، وهم ناس ليهم سمات، ولـ إننا متضادين، فـ إحنا الصح والحق والخير والجمال، وهم الفساد والظلم والشر والقبح.
إحنا أسياد وهم عبيد. إحنا راكبين، وهم مركوبين، مهما حاولت تذوق دا، بـ إنه تلبسه توب العقل والمنطق. أنا بـ أستغرب جدًا من أى حد يكتب «جمهور الأهلى» أو «جمهور الزمالك»، ويستخدمهم كـ مبتدأ فى جملة، أيًا كان خبرها.
وضع جمهور نادى ما، تعدادهم بـ عشرات الملايين، فى خانة واحدة هو همجية، تنم عن إنك ما طلعتش لسه من طور القبيلة البدائية.
إنت شايف حركة شيكابالا سيئة؟ أنا كمان شايفها «سيئة»، بس ما شفتكش يعنى اعترضت لما الأراذل والمنحطين، من ساعة ما جاب ابنه، عمالة تغمز وتلمز وتطعن فيه؟
هـ تقول لى ما حسن شحاتة اتشتم بـ مراته، وعماد متعب اتشتم بـ مراته، هـ أقول لك: وليه مفترض إنه الناس زى بعض فى ردود فعلهم على المهانة؟
كل واحد له طبعه وقصته وزمنه، ورد فعل متعب، مش زى رد فعل حسن شحاتة. كمان، أذكر ساعة قصة حسن شحاتة، الخطيب خده من إيده، وراح بيه لـ جمهور الأهلى، وخلاهم يهتفوا له.
يعنى فيه أهلاوى عاقل، وقف ضد هجوم الرعاع. ثم إنى مش عايز أستفيض فى كل حالة. الفكرة، إنك مش شايف هو اتعمل فيه إيه، لـ إنه من جمهورك ليس إلا، ثم بـ تطالب له بـ أقصى وأقسى العقوبات، الإعدام شنقًا فى ميدان التحرير، علشان هو من المعسكر المنافس.
اللى اتعمل فيه جريمة، واللى عمله جريمة مضادة، والحكاية بزرميط.
تانى ملامح الهمجية: عدم وضع الأمور فى نصابها، اللى هو يا إما السوبر دا يبقى أهم بطولة فى المجرة، يا إما يبقى مباراة شرفية. مفيش أوبشن إنه لقب، وزنه يعد أخف الألقاب، لما بـ نكسبه بـ أقول كدا، لما بـ نخسره بـ أقول كدا.
الدورى أتقل من الكاس، البطولة القارية أتقل من المحلية، دورى الأبطال الإفريقى أتقل من الدورى المحلى، الكونفيدرالية أتقل من الكاس المحلى، السوبر الإفريقى أتقل من السوبر المحلى، الدورى المحلى أتقل من السوبر الإفريقى، الكاس المحلى أتقل من السوبر الإفريقى، وممكن نختلف هل الكونفيدرالية أتقل ولا الدورى المحلى؟
وكل حاجة وليها حاجة.
مكسب ضربات الجزاء، عامل زى القرعة، يحسم التأهل لكن الماتش رسميًا تعادل، لـ ذلك ما شفتش ضربات الجزاء يوميها. كسبناها خسرناها مش فارقة كتير، مش هـ أفرح أنا بـ لقب خفيف، وكمان كسبناه ضربات جزاء.
لكنه فى النهاية «لقب»، تضيفه لـ رصيد ألقابك، اللى فى المجمل بـ تصنع اسمك ووزنك. إنما إحنا فى النهاية، بقينا بـ نتخانق على رميات التماس، زى ما بـ نتخانق على نهائى كاس العالم، فـ الجو بقى مشحون ٢٤ ساعة فى اليوم، ٧ أيام فى الأسبوع، وكل الأشياء بـ تفقد طعمها.
تالت ملامح الهمجية إنك تفرغ الحاجة من مضمونها، دى «كرة قدم»، يعنى إحنا نتكلم عن «كرة القدم» أولًا، بعدين ممكن نبقى نجيب سيرة حاجة براها، إنما حتى مواقع الكورة وصفحات الرياضة، بقت بـ تهتم بـ أخبار وتصريحات مالهاش علاقة بـ كرة القدم، من حيث هى فن وصناعة ولعب، ومستويات فنية وبدنية وذهنية. ما بقيتش أشوف حد «إلا نادرًا» يقول كسبنا بس كنا وحشين «مثلا يعنى»، أو يعقب على الأداء، أو يتكلم عن حاجات منفصلة، مفيش حد تقريبًا «إلا نادرًا» بـ يحاول مجرد محاولة، يعمل تحليل ولو على قده، ولو هو ما عندوش قدرة على التحليل، «ودا مش عيب» يشير حد كاتب تحليل ما.
معظم الآراء بقت حلو وحش، عظيم زى الزفت، كدا فى المطلق وخلاص. مش هـ أطول عليك، بس دى حالة تغم. بعد ماتش الهلال، «اللى تأهلنا فيه لدور الـ ٨» كان عندى نفس الشعور، يوم ما كسبنا بيراميدز كان عندى نفس الشعور. وكل مرة، كله ماسك سكاكين، ونازل يطوح بيها فى الخلق، وزى ما قال على بن أبى طالب: «همج رعاع، يميلون مع كل ريح، ويزعقون مع كل ناعق»، وربنا يعجل بـ يومنا بقى.