هل توجد حقائق مطلقة؟
يكاد يجمع الدارسون على المستوى العالمى، على أنه لا توجد حقائق مطلقة، والحقيقة فى ذاتها ليست إلا اختراعًا بشريًا وليس اكتشافًا علميًا، ولقد طرح السؤال: هل هناك حقيقة مطلقة؟ وكانت الإجابة أنه لا يوجد على الإطلاق ما يمكن تعريفه بالحقيقة المطلقة علميًا.
تلك هى إجابة أهم علماء وأساتذة الجامعات، لكنهم أجمعوا على أن الحق هو ما نؤمن به والحقيقة ليست اكتشافًا، بل إيمانًا وتصديقًا، وأمام صعوبة الأمر نقرأ ما صرح به رجل الاختبار النبى داود فى المزمور التاسع والثلاثين والعددين الخامس والسادس: «هو ذا جعلت أيامى أشبارًا وعمرى كلا شىء قدامك إنما نفخة كل إنسان قد جُعل».
ثم نتابع مستوى الفكر البشرى أمام الفكر الإلهى والمعبر عنه فى هذه الكلمات «ولكن اعلم هذا أنه فى الأيام الأخيرة ستأتى أزمنة صعبة، لأن الناس يكونون محبين لأنفسهم، محبين للمال، متعظمين مستكبرين مجدفين غير طائعين لوالديهم غير شاكرين، دنسين بلا حنو بلا رضا، ثالبين، عديمى النزاهة شرسين، غير محبين للصلاح، خائنين، مقتحمين، متصلفين، محبين للذات دون محبة لله، لهم صورة التقوى، لكنهم منكرون قوتها، فأعرض عن هؤلاء».
ولا شك أن هناك تغييرًا حادًا أصاب العالم كله، حيث الصراع على المركز ثم المال، الأمر الذى أحدث هزة فى الكيان البشرى، حيث لم يعد الإنسان قانعًا فى درجة من النجاح أو تحقيق الهدف، بل تمادت الأطماع واشتد الصراع حول المال، ثم أطماع المركز والجاه فى كل المجالات، بداية من المنزل ثم العمل، وصولًا إلى الكيان أو الصيت أو المركز.
فمن منا الأول، وفى ترتيب المقاعد مَن يجلس على يمين المقعد الأول، سواء كان رئيسًا أو ملكًا، رجلًا كان أو امرأة، حتى رُوعى ما يسمى البروتوكول، وهو اتفاق أو أصول متبعة فى الأمور السياسية أو الاقتصادية، والمثال المشهور عالميًا هو بروتوكول حكماء صهيون الذى لنا منه موقف، بل معظم دول العالم أخذت بالفعل موقفًا فهذا البروتوكول الذى ينطق بالتعصب العرقى، وفى هذا البروتوكول يتحدث عن غزو العالم كما يتناول خطة لهذا الغزو فى شكل بروتوكولات منذ عام ١٩٠١، ويذكر فيها أربعة وعشرين بروتوكولًا عن السياسة العنصرية المستوحاة من كتاب حوارى بين موتسليو وميكافيلى يشيران فى ذلك الكتاب إلى خطة لغزو العالم، ومن ثم ظهرت فكرة مجلس حكماء اليهود بهدف تدمير المسيحية والهيمنة على العالم، ويحتوى الكتاب على عدة تقارير تكشف عن خطة سرية للهيمنة على العالم، اعتمادًا على العنف والحيل والحروب والثورات، كما تتركز الخطة على التحديث الصناعى والرأسمالى، مما جعل أدولف هتلر يربط بين الصعوبات الاقتصادية ومخطط اليهود للسيطرة على العالم بغزوه، فكان الرد الألمانى على يد هتلر مستندًا إلى بروتوكول حكماء صهيون.
وظهر بجريدة «التايمز» البريطانية عنوان «الخطر اليهودى»، كما نشرت صحيفة «لندن بوست» ثمانية عشر مقالًا حول الخطر اليهودى والمؤامرة اليهودية، وكانت تلك المقالات تشير إلى بروتوكولات حكماء صهيون، والتى تكشف عن التدابير والمؤامرات، ومما جاء فى مقدمة المؤامرات أنه يجب أن يلاحظ أن ذوى الطباع الفاسدة من الناس أكثر خطرًا وعدوانًا على ذوى الطباع النبيلة. فهم يضمرون العنف والإرهاب بدلًا من الفكر والحوار الأكاديمى، وأن قانون الطبيعة هو الحق الذى يكمن فى القوة، وأن الحرية السياسية ليست حقيقة، بل هى فكرة ويجب علينا استثمار هذه الفكرة لجذب العامة إلينا تمهيدًا لتحقيق الهدف، كما أشار مدّعو الحرية إلى مفهوم التحرر، كما يستمر السرد ممن أطلقوا على أنفسهم صفة الحكام بهذه العبارة «يكفى أن نعطى الشعب مفهوم الحكم الذاتى لفترة وجيزة حتى يصيروا رعايا بلا تمييز، ومنذ تلك اللحظة تبدأ المنازعات والاختلافات التى سرعان ما تتفاقم فتصير معارك». أما من كشف المخطط الصهيونى العالمى، فكان الزعيم أدولف هتلر، فكان أن عمل على التخلص من الوجود الصهيونى بالقوة التى يسجلها التاريخ بما لها وما عليها، وهنا نكرر السؤال: هل هناك حقائق مطلقة أم أن لكل فعل رد فعل قد لا يكون متساويًا فى القوة، ولكنه معادل أو معادٍ للفكر الآخر؟.