عربى أصيل
العرب، ما قبل الإسلام، وحتى وقت الدعوة النبوية، ما أدركوش واقعهم اللغوى، ما لاحظوش ارتباط لغاتهم الكتير أوى، بـ لغات تانية أقدم، وإنهم وارثين معظم الظواهر اللغوية. قلنا سبب لـ دا، وهو إنه وسائل المعرفة عمومًا فى العالم، كانت محدودة أوى، قياسًا لـ ما وصل إليه الإنسان حاليًا، إنما فيه سبب تانى، ربما يكون أهم من الأول، وهو نظرة العرب لـ نفسهم.
العربى بـ يشوف نفسه عربى، عربى وبس، هنا بيئته ومكانه وقبيلته، وهم فى مسألة الأنساب ما يتوصوش، العربى قبل ما يسألك عن اسمك، يسألك: ممن؟ يعنى مِن مَن؟ يعنى اسم قبيلتك إيه؟
ولعهم بـ فكرة الأنساب خلاهم مشغولين طول الوقت، بـ رد كل القبائل دى إلى أصل واحد فقط، فـ انتهوا إلى إنه كل العرب دول، كلهم كلهم، حاجة من تلاتة مالهمش رابع:
العرب البائدة، اللى هم هلكوا فى الأزمان الغابرة، يعنى ما كانش ليهم وجود وقت الدعوة المحمدية إلى الإسلام. عرب عاربة، دول أحفاد شخص اسمه «قحطان». وعرب مستعربة، دول أحفاد شخص اسمه «عدنان»، وعدنان دا من نسل إسماعيل.
بقى مطلوب منك إنت، كـ عربى، تعرف نسبك وتحفظه، لـ حد ما توصل إلى عدنان أو إلى قحطان، وإلا تبقى مش «عربى»، ودى مصيبة كبيرة.
طبعًا، اختلفوا كتير فى عدنان وقحطان، ونسب كل واحد منهم، ودرجة العلاقة بينهم إنما اتفقوا على إنك ولا بد، لازم تنتمى لـ دا أو دا. يمكن دى حكاية مضحكة النهاردا، بـ أستغرب جدًا لما ألاقى ناس، المفروض يعنى كبار ومكملين تعليم، ولسه بـ يصدقوا هذا الكلام، وإنه كان فيه حد اسمه عدنان، وحد تانى اسمه قحطان، لأ وإيه، هم «أصل» كل الناس دول.
الواقع بـ يقول إنه الهجرات والغزوات والحروب، لم تتوقف فى المنطقة دى، على مدى قرون طويلة، ودول راحوا ودول جم، وإحنا النهاردا قادرين نرصد عشرات الأحداث الكبرى، اللى تخلى ثنائية عدنان- قحطان دى افتراض وهمى ساذج.
غزوات جاية من شرق آسيا، انهيار سد مأرب وما تبعه من هجرات، هجرات اليهود، هجرات المسيحيين، لجوء المنبوذين لـ الجزيرة، الغزو المتكرر لـ اليمن من أحباش ثم فرس، وقوع نجد بـ الكامل تحت سيطرة الفرس، توسع حركة التجارة فى مكة.
عندك كمان استقدام العبيد والجوارى من خارج العرب، واستخدام الجوارى دول فى الجنس، وولادة أطفال منهم، تحرير بعض هؤلاء العبيد، فيما عرف بـ المكاتبة، ودمجهم فى المجتمع، التبنى والإلحاق والموالاة، يووووه، عشرات الحاجات، اللى بـ كل تأكيد هـ تأثر فى النسب، خصوصًا إنه النسب أب وأم، مش أب بس، زى ما هم كانوا بـ يعتبروا.
مثلًا واحد زى عمرو بن العاص، مين أمه؟ سبية من السبايا، الله أعلم جاية منين، اللى جابها مكة عبدالله بن جدعان، إنما العرب بـ يعتبروا عمرو بن العاص، عربى أصيل مأصل، ليه؟ علشان هو ابن العاص بن وائل، اللى ممكن يوصل بـ «نسبه» لـ عدنان، بس هل فعلًا عمرو بن العاص «عربى» خالص؟
طبعًا لأ، علشان الابن، والله، ليه أب وليه أم، والأم مؤثرة زى الأب، وأحيانًا أكتر.
طولنا فى مسألة النسب، إنما هى أساس موضوع اللغة العربية،
فـ خلينا نشوف اللغة مشيت إزاى، بس فى مقالات جاية.