امبارح
إيه أداة التعريف فى «اللغة العربية»؟ بـ الذمة دا سؤال؟ «ال» طبعًا. كويس، إيه قولك بقى، فى إنه العرب قالوا أدوات تعريف كتير، منها مثلًا «اِمْ»، وإنك إنت شخصيًا بـ تستخدمها لـ حد دلوقتى، لما بـ تقول «امبارح»، اللى هى تساوى «البارح».
أداة التعريف «ام» ما كانتش فى قبيلة واحدة، كانت منتشرة فى قبايل كتير، وعندنا رواية شهيرة عن النبى محمد بن عبدالله: «ليس من امبر امصيام فى امسفر»، يعنى: «ليس من البر الصيام فى السفر»، الرواية عن كعب بن عاصم.
لما وصلت الرواية دى لـ ابن حجر، قال إنه دى لغة كعب «الراوى»، واحتمال يكون النبى كلمه بـ لغته، واحتمال يكون كعب نقل الكلام بـ لغته، فـ سلسلة الرواة اللى بعده، احتفظوا بـ اللفظ، لا أساس لا يجوز «تحريف» كلام النبى.
وعندنا أبوهريرة، لما حصل الحصار على عثمان بن عفان، قال له: «طاب امضرب»، يعنى «طاب الضرب»، بس أبوهريرة جى من قبيلة بـ تستخدمها كدا،
حيلو! إيه بقى «الأصل»: «ال» ولا «ام»؟
مفيش أصل يا عمنا، الناس اللى بـ تقول «ال» ورثوها عن النبطية، والناس اللى بـ تقوم «ام»، ورثوها عن لغة حمير، زى شادى وفادى ولاد أحمد ومنى، شادى مناخيره كبيرة زى أحمد، وفادى مناخيره صغيرة زى منى، إيه الأصل فى العيلة دى؟ المناخير الكبيرة ولا الصغيرة؟
طيب إيه اللى خلى «ال» و«ام» تنقرض؟
أولًا: مفيش فى اللغة حاجة اسمها إيشمعنى؟ الحاجات بـ تظهر وتختفى، وإحنا نرصد دا. أحيانًا بـ نعرف السبب، أحيانًا مش بـ نعرف، أحيانًا نفترض سبب، ويطلع بلح.
ثانيًا: «ام» ما انقرضتش ولا حاجة، ما زال فيه قبايل بـ تستخدمها، لكنها غير موجودة فى اللغة «الرسمية»، وبـ المناسبة، مش بس «ام» اللى ورثوا اللغات العربية القديمة، بـ يستخدموا أدوات التعريف المختلفة، فـ تلاقى بلد بـ تقول «هـ» فى التعريف، اللى هى برضه جاية من لغات عربية قديمة، اللى ورثوها عن العبرية.
ولو تتبعنا أدوات التعريف مش هـ نخلص، خد بالك، إحنا لسه فى أداة التعريف، ولو تتبعنا أى ظاهرة، هـ نوصل لـ نفس النتيجة، دى جاية من قبيلة كذا، اللى هم ورثوا قوم كذا، لكن القبيلة التانية مش بـ تعمل كدا، يعنى إيه فى الآخر؟
يعنى، العرب ما كانوش بـ يتكلموا لغة واحدة، كانوا بـ يتكلموا لغات كتير، هذه اللغات الكتير بعضها قريب لـ بعض، وبعضها بعيد شويتين، والأمر قد يصل إلى حد عدم الفهم التام، أو إلى سوء التفاهم، لكن فى النهاية هذه اللغات متشابهة، لـ إنها جاية من أسرة لغوية واحدة.
السيريانية والأكادية والآرامية والنبطية والحميرية وغيرها كلها لغات «سامية»، هذا هو «الواقع» اللغوى، حسب ما ندركه الآن، فى القرن الـ٢١، لكن، هل دا كان إدراك العرب لـ واقعهم اللغوى فى القرن الخامس الميلادى والسادس الميلادى والسابع الميلادى «٢٠٠ سنة قبل الإسلام وحتى فترة النبوة»؟
الإجابة: لأ. هم ما أدركوش صلة لغاتهم بـ لغات تانية أقدم.
أولًا: ما كانش عندهم الأدوات اللى تساعدهم على إدراك دا، إحنا النهاردا عندنا قدرة على تتبع الحفريات، والنقوش، والوثائق، وقدرة على التسجيل ومنهج علمى متطور، وقدرة أكبر على التحليل، وحاجات كتير ما كانتش متوافرة عندهم، ونقدر نعمل دا على نطاق زمانى ومكانى واسعين، يعنى نقدر نتتبع قرون مختلفة، وبلاد بعيدة عن بعض، ونقدر نوصل نتايجنا لـ بعض.
يعنى ممكن باحث فى مصر يوصل نتيجة بحثه، لـ زميله اللى فى المغرب، بل عندنا معاهد فى كل بلاد العالم، هم كانوا بسطا فى أدواتهم، محدودين فى إمكانياتهم. دا أولًا، ثانيًا بقى، موضوع تانى أهم وأخطر خليه لـ مقال جى.