محلل سياسي تونسي يكشف مصير الحكومة الجديدة وموقفها من الأزمة الليبية (حوار)
أكدت العديد من الأحزاب التونسية، رفضها اعتماد حكومة رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي، مشيرة إلى أنها لن تمنحها ثقتها خلال جلسة البرلمان يوم الجمعة المقبل، ما يهدد بفشلها مجددا.
وأكدت في وقت سابق الأحزاب الرئيسية في البرلمان هذا الأمر من بينها "التيار الديمقراطي" و"حركة الشعب" الذين لديهم 41 نائبا، وحزب تحيا تونس 16 نائبا، وائتلاف الكرامة 21 نائبا، والحزب الدستوري الحر 16 نائبا، وقلب تونس 38 مقعدا، حيث تحتاج حكومة الجملي إلى 109 صوت من إجمالي 217 عدد نواب البرلمان.
وفي حوار خاص لـ"الدستور"، قال "نبيل الأحمدي" المحلل السياسي والكاتب التونسي، إن هناك رفض شعبي وحزبي لتشكيلة حكومة الجملي اعتراضا على هيمنة حركة النهضة على معظم مناصب الوزارة الجديدة وإلى نص الحوار..
- في رأيك هل تتوقع نجاح مهمة الحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الجملي بعد الإعلان المبدئي عنها؟
نجاح حكومة الجملي في الحصول على ثقة البرلمان الآن هو رهين توافق حركة النهضة وقلب تونس بعد انسحاب بقية الأحزاب من مشاورات تشكيل الحكومة وإجماعها في بيانات متتالية بأنها لن تمنح الثقة لهذه التشكيلة الحكومية في البرلمان.
فحركة النهضة أبدت تحفظات على عدد من الأسماء المقترحة في عدد من الحقائب الوزارية وقلب تونس أكد بأنه لن يصوت لحكومة بهذه التركيبة لذلك نظريا الحكومة أمام إمتحان صعب وإمكانية حصولها على الثقة في البرلمان ضئيلة جدا لكن توافقات الساعات الأخيرة بين النهضة وقلب تونس قادرة على قلب كل المعطيات، بالإضافة إلى أنه لا يمكن الأخذ بتصريحات قيادات حركة النهضة وقلب تونس المنتقدة لحكومة الجملي محمل الجد لأن الواقع يؤكد وجود توافق منذ البداية بين الحزبين على تشكيل الحكومة.
- هل تضم الحكومة الجديدة كفاءات ومستقلين أم ينتمون إلى تيارات وأحزاب سياسية معينة؟
رغم إصرار رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي على أن حكومته هي حكومات كفاءات مستقلة عن كل الأحزاب إلا أن السيرة الذاتية والخلفيات السياسية للأسماء المقترحة في كل الحقائب الوزارية تؤكد عكس ذلك أي أن الحكومة التي اقترحها الجملي هي حكومة سياسية بإمتياز، لعبت المحاصصة الحزبية بين حركة النهضة وقلب تونس دورا كبيرا في تشكيلها. تم إختيار الوزراء وكتاب الدولة من قيادات الصف الثاني والثالث للحزبين دون الأخذ بعين الاعتبار بمعايير الكفاءة والاستقلالية.
- هل تتوقع أن تحظى الحكومة الجديدة بدعم من البرلمان خلال طلبها الثقة الأيام المقبلة؟
إمكانية منح الثقة لحكومة الجملي تبدو ضئيلة ومنعدمة في ظل وجود إجماع كبير داخل البرلمان على عدم التصويت لها، وإعلان رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي موقفه الرافض لمنح الثقة لحكومة بهذه التشكيلة، لكن توافقات الساعات الأخيرة قد تغير كل شيء لفائدة حكومة الجملي. تنازلات وتوافقات الساعات الأخيرة بين قلب تونس وحركة النهضة قد تمنح الحياة لحكومة الجملي التي ولدت ميتة.
- طلب الرئيس قيس سعيد المزيد من المشاورات بشأن الحكومة هل تتوقع أن يوافق خلال أيام على الحكومة أم يعترض عليها أو على بعض وزرائها؟
رئيس الجمهورية قيس سعيد أبدا في أول الأمر تحفظات على الفريق الحكومي الذي اقترحه الجملي ودعا رئيس الحكومة المكلف لمواصلة المشاورات لكنه سرعان ما غير رأيه ووافق بعد ذلك على تمرير الحكومة من خلال رسالة تكليف لرئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي يطلب فيها تحديد موعد لجلسة منح الثقة للحكومة المقترحة. دستوريا رئيس الجمهورية لا يتدخل في اختيار الوزراء ما عدا حقيبتي الدفاع والخارجية وفي التشكيلة المقترحة يتأكد بما لا يدع مجالا للشك بأن وزيري الدفاع والخارجية هما رجلا قيس سعيد في حكومة الجملي.
- هل تتعاون الحكومة الجديدة مع الرئيس وكذلك البرلمان أم يكون هناك تعطيل وعدم توافق بين هذه الأطراف؟
مستوى تداخل العمل الحكومي مع رئاسة الجمهورية محدد في حقيبتي الدفاع والخارجية لذلك أتصور بأن علاقة الحكومة برئاسة الجمهورية ستكون أقرب إلى التعاون والانسجام، إلا أن حكومة الجملي وحتى في صورة منحها الثقة في البرلمان ستواجه صعوبات كبيرة خاصة في تمرير القوانين في ظل تجمع أغلبية الكتل البرلمانية في المعارضة وإعلان عدم رضاها على الفريق الحكومي الذي اقترحه الحبيب الجملي.
- ما هو موقف الشارع التونسي وكذلك أحزاب المعارضة من الحكومة الجديدة؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة؟
الشارع التونسي ينظر بمزيج من الشك والخيبة لحكومة الجملي لأن الأسماء المقترحة في هذه الحكومة لا تتمتع لا بالكفاءة ولا بالقدرة على الإصلاح والتغيير. يسيطر شعور بعدم الثقة في قدرة هذه الحكومة على تقديم حلول جذرية للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد وعلى مكافحة ومحاربة أخطبوط الفساد الذي أضر بالبلاد والعباد وعلى تنفيذ إصلاحات ضرورية لدفع عجلة التنمية وحل أزمة بطالة الشباب والتعاطي الفوري والإيجابي مع التطورات الإقليمية خاصة في ليبيا.
بالنسبة لأحزاب المعارضة هناك إجماع على أن حكومة الجملي هي حكومة محاصصة حزبية ضعيفة لا ترتقي لتطلعات الشعب ولا لمستوى التحديات التي تواجه البلاد. بالنسبة للتحديات التي تواجه الحكومة هي الأزمة الاقتصادية وتدهور قيمة الدينار وارتفاع مستويات البطالة لدى الشباب واستفحال ظاهرة الفساد في البلاد، وإيجاد حل لهذه المشاكل يتطلب حكومة قوية بحزام سياسي قوي خاصة في البرلمان وهو ما تفتقده حكومة الجملي.
- هل توجد تدخلات خارجية تؤثر على اختيار تركيبة الحكومة التونسية أو تعوق تشكيلها؟
لا أعتقد بأن هناك تدخلات خارجية في حكومة الجملي، بل حسابات سياسية وحزبية داخلية قد تكون في جزء منها على ارتباط ببعض الدول الأجنبية لكن عموما لا وجود لتدخل أجنبي مباشر في تشكيل الحكومة أو تعطيل تشكيلها أو تمريرها في البرلمان.
- ما هو موقف الأحزاب التي رفض المشاركة من قبل في تشكيل الحكومة من الحكومة الجديدة؟
الأحزاب التي رفضت المشاركة في تشكيل الحكومة أو انسحبت من مشاورات تشكيل الحكومة أكدت بأنها لن تصوت لحكومة الجملي وهو ما يؤكد بأنها حكومة ميتة قبل أن تلد وحتى إن حصلت على ثقة البرلمان فلن تستطيع الصمود سوى عدة أشهر فقط.
- كيف سيتعامل الرئيس قيس سعيد والحكومة الجديدة مع الأزمة الليبية في ظل تهديد تركيا بإرسال قوات ومعدات إلى طرابلس؟
مؤسسات الدولة في تونس سواء رئيس الجمهورية أو الحكومة والبرلمان ستواصل الوقوف على الحياد من أطراف الأزمة الليبية الداخلية ومعارضة أي تدخل خارجي في أي بلد عربي وهي من ثوابت السياسة الخارجية التونسية.
كذلك حاول رئيس الدولة لعب دور الوساطة بين أطراف الصراع في ليبيا من خلال استقبال زعماء القبائل الليبية لكن هذه المبادرة لم تنجح بسبب حجم التدخلات الخارجية في ليبيا، لذلك تونس للأسف ستكون ضحية التطورات الدامية في ليبيا من خلال تحمل التكلفة الاقتصادية والأمنية لهذه الحرب حيث ستكون مجبرة على استقبال جحافل الهاربين من القصف والحرب وكذلك الجرحى، كما ستكون الجيش التونسي على أهبة الاستعداد لإمكانية تحول الحدود الليبية التونسية لجبهة حرب.