أكاديمي تونسي يتوقع فشل الحكومة الجديدة ويعلن موقفها من ليبيا (حوار)
أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الجملي، الخميس الماضي، عن تشكيلة حكومته التي تضم 28 وزيرا قال إن معظمهم مستقلين، وسط مشاورات لتحديد تاريخ عقد جلسة عامة للتصويت على الحكومة المقترحة، التي شملت تعيين سفيان السليتي وزيرا للداخلية، وعماد درويش وزيرا للدفاع، وروني الطرابلسي وزيرا للسياحة، مشيرا إلى أن الرئيس قيس سعيد واجه ضعط جماعات الإسلام السياسي لدعم موقف تركيا في ليبيا.
وفي حوار خاص لـ"الدستور" أوضح الأستاذ الجامعي والمحلّل السياسي التونسي الدكتور "فريد العليبي"، أنه من الصعب نجاح الحكومة برئاسة الجملي لأنها ستسير على نفس الخطوات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومات التي سبقتها، متوقعا ألا تحظى بثقة البرلمان، وإلى نص الحوار..
- هل تتوقع نجاح مهمة الحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الجملي بعد الإعلان عنها؟
من الصعب نجاحها فهى تكرر على صعيد الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحكومات التي سبقتها، فهي لن تقدم حلولا للمشاكل المتفاقمة، حتى أن رئيسها صرح أنه لا خطة ولا برنامج لها، وأنه سيترك المجال لكل وزير كي يضبط خطته بمفرده وبعدها تتجمع تلك الخطط في خطة واحدة، وهو ما يدلل على مدى البلبلة والاضطراب لديه وانعدام الفهم السياسي عنده فحتى الفرق الرياضية تشتغل وفق خطة مضبوطة فما بالك بحكومة تدير شؤون بلد بأكمله.
- هل تضم الحكومة الجديدة كفاءات ومستقلين أم ينتمون إلى تيارات وأحزاب سياسية معينة تؤثر على مهمتها؟
هي حكومة حزبي النهضة وقلب تونس، أي أنها تنتمي إلى اليمين بوجهيه الديني والليبرالي، ولكنها مموهة بالاستقلالية، وهذا بارز للعيان ولم يفلح الجملي في إخفائه فقد عاد التونسيون بذاكرتهم الى الوراء قليلا مكتشفين صلة هؤلاء الوزراء براشد الغنوشي وحركته وبالجماعات الدستورية المحسوبة على الرئيس الأسبق زين العابدين بن على وبسفارات أجنبية حتى أن كاتبة دولة فازت بحقيبتها لا لشئ إلا أن الرئيس الفرنسي زكاها ورافقته في الطائرة التي اقلته من باريس إلى تونس خلال زيارته الأخيرة، وهي مقيمة في فرنسا وحاصلة على جنسيتها، وهناك وزراء آخرين لا علم لهم ولا كفاءة.
ويشعر التونسيون بالضيم والغبن عندما يرون في الجزائر مثلا تسمية وزيرة للثقافة حاصلة على الدكتوراة في الفلسفة ومدرسة بالجامعة وصاحبة كتب عديدة، بينما يضع الجملي في تونس على رأس وزارة الثقافة ممثلا كان جواز عبوره للحكومة إشادته بفكر حركة النهضة.
- هل تتوقع أن تحظى الحكومة الجديدة بدعم من البرلمان خلال طلبها الثقة الأيام المقبلة؟
من الصعب حصولها على الأصوات اللازمة فالعديد من الكتل البرلمانية تقف ضدها، كما أن حركة النهضة التي اختارت رئيسها منقسمة على نفسها وبعض أجنحتها غير راضية عليها، وهناك من قادتها من يريد الوزارة لنفسه دون مواربة وهم يعتقدون أن الأوان قد حان للتمكين أكثر من أي وقت مضى.
ويبدو أن شيخ الحركة الذي يوافقهم في سره على ذلك متوجس من ردود فعل بعض القوى الإقليمية والدولية التي كان لها فضل عليه قبل سنوات عندما جاء من منفاه الإنجليزي لجني ثمار الانتفاضة التونسية التي لم يشارك فيها حزبه، وأن الاتفاق بينه وبينها يقضي باحترام بعض الخطوط الحمراء، ومنها عدم السيطرة على الحكم كاملا وتقاسمه مع اليمين الدستوري.
ـ هل تتعاون الحكومة الجديدة مع الرئيس وكذلك البرلمان أم يكون هناك تعطيل وعدم توافق بين هذه الأطراف كما كان في السابق؟
الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف أصبح الآن علنيا وواضحا حتى أن المكلفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية لم تجد حرجا في التلميح إلى لأن قيس سعيد غير راض على اختيار العديد من الأسماء في وزارة الجملي، كما اتهم بتسريب قائمة تلك الحكومة، هذا من جهة.
ومن جهة ثانية فإن أصوات عديدة في البرلمان أفصحت عن رفضها لها، مما يعني أن التناقض بين قصري باردو حيث البرلمان وقصر القصبة حيث الحكومة سيكون كبيرا، أما شعبيا فهناك قرف كبير من المحاصة السياسية بين النهضة وقلب تونس وتندر بتخفي الحكومة الجديدة وراء الاستقلالية الكاذبة وحنق وغضب من العدد المهول للوزراء وكتاب الدولة في بلد غارق في أزمة اقتصادية خانقة وأوضاع اجتماعية بائسة.
- ما هو موقف الشارع التونسي من الحكومة الجديدة؟
الشعب قاطع بنسبة كبيرة الانتخابات التشريعية الأخيرة والبرلمان مقسم والأحزاب الممثلة فيه تتصارع على المواقع لذلك الشعب ينظر إلى الحكومة الجديدة على أنها لا تمثل مصالحه ولا تعمل على تلبية مطالبه الاجتماعية وإن كانت تتمتع بشرعية قانونية فإنها تفتقر إلى الشرعية الشعبية، وهذا سينعكس على الوضع السياسي والاجتماعي فالاحتجاجات لن تتوقف وستزداد حدتها مع مرور الوقت.
- كيف سيتعامل الرئيس قيس سعيد والحكومة الجديدة مع الأزمة الليبية في ظل تهديد تركيا بإرسال قوات ومعدات إلى طرابلس؟
يحاول الرئيس قيس سعيد شق طريقه بصعوبة فهو يخضع إلى ضغوط كثيرة، خاصة من طرف الإسلام السياسي، وقد لمح إلى ذلك في خطابه الأخير في سيدي بوزيد عند الاحتفال بذكرى الانتفاضة.
وفيما يخص الملف الليبي فإن قيس سعيد أكد بوضوح أنه غير مصطف مع تركيا وأردوغان والإسلام السياسي الذي يعتبر حكومة فائز السراج شرعية وممثلة لليبيين، فقد قال إنه يقف على نفس المسافة من الأطراف المتحاربة وهذا يعنى تحرره من تلك الضغوط حتى إنه كذب تصريحات أردوغان علنا وهي التي قال فيها أنه اتفق معه على دعم حكومة الوفاق.
كذلك لا يخفي سعيد أنه ضد الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا، مما يعني أن القوات التركية في حال غزوها ليبيا ستجد معارضة من قبل التونسيين والليبيين مجتمعين مثلما وجدت القوات الإيطالية والفرنسية الغازية سابقا مقاومة مشتركة امتزجت فيها دماء التونسيين والليبيين مرات كثيرة.