أكاديمي تونسي: النهضة فشلت في تشكيل الحكومة بسبب الهيمنة
اعتذرت أحزاب "تحيا تونس وحركة الشعب والتيار الوطني"، عن المشاركة في حكومة رئيس الوزراء التونسي المكلف الحبيب الجملي، المرشح من قبل حركة النهضة، مطالبين بتشكيل حكومة وطنية تلائم تطلعات التونسيين وبعيدة عن سياسة الاستحواذ التي تتبعها حركة النهضة بزعامة راشد الغنوشي، فيما لا زال الجملي والنهضة يسعون لتشكيل ائتلاف حاكم قبل 15 يناير المقبل آخر مدة ممنوحة له.
وفي تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أوضح الأستاذ الجامعي والمحلّل السياسي الدكتور "فريد العليبي"، أن الحبيب الجملي لن ينجح في تكوين حكومة متوازنة سياسيا طالما أن حركة النهضة الإسلامية هي التي توجهه فهي تريد السيطرة السياسية شيئا فشيئا وفق استراتيجية التمكين المعروفة لدى جماعات الإسلام السياسي، وهي تعتقد أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة قد مكنتها من فرصة عليها استغلالها، ومن هنا ستحث الخطى لوضع يدها على أبرز الوزارات، ومن ثمة على أجهزة الدولة الأساسية ولكن الأحزاب التي توجهت إليها لكي تشاركها الحكم مدركة لهذا التمشي لذلك تضيق عليها الخناق، حتى أنها تجد نفسها معزولة أكثر فأكثر بل هي في ورطة حقيقية.
واعتبر "العليبي" أن حزب قلب تونس برئاسة رجل الأعمال نبيل القروي، لم يرفض المشاركة في الحكومة مثلما قال بل هو دائم السعي إلى ذلك ويريد تقاسم السلطة مع حركة النهضة وهي تعول عليه ليكون بديلا للأحزاب الأخرى التي تريد الحصول على الحقائب الوزارية الاستراتيجية مثل الداخلية والعدل ومن المرجح اتفاقها معه في آخر لحظة مثلما اتفقت سابقا عند التصويت على رئاسة البرلمان، فاليمين الليبرالي واليمين الديني متقاربان في السياسات الاقتصادية الاجتماعية وهذا هو المهم بالنسبة اليهما.
وأكد الأكاديمي التونسي أن حركة النهضة والقوي التي ستتحالف معها ستعمل على السيطرة على الحكومة الجديدة لكنها ستخضع إلى توجيهات قوى دولية وإقليمية، فالوضع السياسي التونسي تتداخل في صناعته قوى كثيرة منها داخلية وأخرى خارجية وهي ما سيجعل مهمة الحكومة غاية في التعقيد، خاصة أن صندوق النقد الدولي مثلا أصبح يفرض التوجهات الاقتصادية وإلا سيحجب القروض.
وبشأن العلاقة بين الحكومة الجديدة والرئيس قيس سعيد، قال: "من المرجح بروز تناقضات بين قصري القصبة، حيث الحكومة وقرطاج فهناك تناقض في السياسات بينهما إذ تدور وعود قيس سعيد في أغلبها حول العدالة الاجتماعية وخيارات حركة النهضة الاقتصادية لا تسمح بذلك، وعندما يجد الرئيس يديه مقيدتين سيوجه إلى الشعب الذي قد يجد في الشوارع والساحات العامة برلمانه البديل الذي سيعبر من خلاله عن مطالبه".
وأكد "العليبي" أن المعضلة الاقتصادية الاجتماعية هي التي ستواجه حكومة الجملي، ولن تقدر على حلها وقد تطيح بها سريعا فالوضع الاجتماعي ملبد بالغيوم وهناك احتجاجات اجتماعية، وإذا كانت قد مست سابقا العمال والطلاب والموظفين فإنها اتسعت لتشمل الفلاحين الغاضبين بسبب انهيار أسعار زيت الزيتون، وفضلا عن ذلك هناك مشكلات جيوسياسية محيطة وخاصة الحرب في ليبيا، والتدخل التركي المتزايد واحتمال انفجار الوضع في شرق المتوسط بأكمله.