اللغة العامية الفصحى
عمرك سمعت حد بـ يقول: «هو عايز بـ يشرب شاى»، أكيد لأ، ليه؟ علشان المصريين مش بـ يقولوا كدا، المصريين بـ يقولوا: «هو عايز يشرب شاى»، من غير باء قبل الفعل المضارع.
ليه؟ علشان المصريين بـ يستخدموا الفعل المضارع يسبقه حرف الباء، بـ يشرب، بـ يسمع، بـ يفهم، بـ يلعب، بـ يخرج، بـ يقول.. إلخ، إلا إذا كان معناه المصدر «إنفينتيف» زى كدا المضارع الإنجليزى بعد to، فـ بـ يقولوا: عايز يشرب، خايف يشرب، لازم يشرب، حابب يشرب، ضرورى يشرب.. إلخ.
المصريين مش بـ يقولوا: عايز بـ يشرب، خايف بـ يشرب، لازم بـ يشرب، حابب بـ يشرب.. إلخ.
حلو! هل دى قاعدة؟ طبعًا قاعدة، هى العامية ليها «قواعد»؟ أى لغة فى الدنيا ليها قواعد، و«اللغة» المصرية زى أى لغة، ليها قواعد صارمة.
مين اللى قرر القواعد دى؟ مين قال إننا لما نستخدم المضارع بـ معنى المصدر، نستخدمه من غير حرف الباء؟
محدش، محدش بـ «يقرر» قواعد اللغة، أى لغة، قديمة أو جديدة، عربية أو أجنبية، قواعدها زى حكاية المعدة بـ تهضم، والقلب بـ يضخ الدم، زى المعادن تتمدد بـ الحرارة وتنكمش بـ البرودة، دى حاجات بـ تحصل، الناس بـ يتكلموا كدا، من غير أى وعى بـ القواعد.
عالم اللغة زى الطبيب زى الفيزيائى، مش هو اللى بـ يقرر لـ الناس، اتكلموا كدا، وحطوا الباء واحذفوها، عالم اللغة بـ «يعرف» إنه دا حصل، وحصل إزاى؟ وربما كمان «ليه»؟، وأحيانًا مش بـ يعرف ليه؟
هو بـ يدرس إزاى الناس بـ يتكلموا، ثم يكتب دا فى قواعد، زى ما الفيزيائى والكيميائى والطبيب وأى عالم فى أى مجال بـ يرصد، علشان «يكتشف» القواعد اللى هى موجودة بـ الفعل.
يعنى أى ناس من أى نوع، فى أى بلد فى أى زمن، بـ يستخدموا لغتهم بـ صورة سليمة، دون احتياج لـ عالم اللغة، ولو هم ما استخدموش «القواعد»، تبقى القواعد هى اللى غلط. زى كدا ما ييجى طبيب، يقول لك، القلب يهضم الطعام والمعدة تضخ الدم، ودى قاعدة، غلط، دى قاعدة غلط، لـ إن «الواقع» بـ يقول لنا، إنه المعدة هى اللى بـ تهضم
والقلب هو اللى بـ يضخ.
بس إحنا مش بـ نستخدم قواعد اللغة العربية بـ صورة سليمة، زى ما كان العرب بـ يستخدموها، مع إنها «لغتنا».
دا صحيح، مش بـ نستخدمها بـ صورة سليمة، بس دا، علشان اللغة العربية الفصحى،
مش «لغتنا»، إحنا بـ نستخدم «اللغة المصرية»، اللى هى لغة مستقلة تمامًا، صوتيًا وصرفيًا ونحويًا، وعلى كل المستويات. لا يا عم، المصرية دى «لهجة» من اللغة العربية، إحنا عندنا اللغة العربية الفصحى، دى «الأصل»، ودى «الصحيحة»، ودى «القوية»، وعندنا العامية اللى هى تحريف أو تسهيل أو تخفيف لـ الأصل، قالوا لنا كدا فى المدرسة.
ممممممم، مش يمكن المدرسة غلط، مش يمكن الكلام دا غلط، مش يمكن مفيش حاجة اسمها كدا، الموضوع محتاج مننا نظرة، إزاى مشيت الأمور من الأول، بس دا طبعا فى مقال جديد، فـ ابقوا معنا.