الحرية قيمة عليا لا تجوز تجزئتها
من الأقوال المأثورة: «من يضحى بالحرية من أجل الأمن لا يستحق أيًا منهما». وقمة الاتضاع أن تضع نفسك عند من هو دونك، حتى تعلمه أن ليس لك لدنياك عليه فضلًا وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك فى الدنيا، حتى تعلمه أنه ليس بدنياه عليك فضل، والكثير من الناس فقدوا كنوزًا من الفضة فقط، لأنهم توقعوا أن يحصلوا على كنوز من الذهب، فلا طالوا ذهبًا ولا عوضوا ما ضاع، وهو كل ما يملكون من فضة.
على كل إنسان أن يقاضى نفسه بنفسه، وبذلك يرقى إلى المستوى الأرقى. فكلنا نسعى لتحقيق الحرية التى لا تتجاوز حريات الآخرين. فليقاضِ الإنسان نفسه بنفسه قبل أن يُقاضَى من الآخرين، فمن يحكم على نفسه بنفسه لا يحكم عليه آخرون وهذه هى قمة الرقى، وفى هذا يقول الشاعر نزار قبانى:
بلادى أنت وقبلك لا أتذكر أنى كنت
وغطائى أنت وقبل حنانك لا أتذكر أنى عشت
فعلى الإنسان أن ينظر إلى نفسه بروية وعمق قبل أن ينتقده آخرون، والحرية من المفهوم الفلسفى هى أن يقوم الفرد باتخاذ القرارات أو تحديد وجهة النظر دون شروط أو قيود من آخر أو فرضها على آخر، مدركًا أن الحرية هى التخلص والتحرر من كل الضغوط التى تقيد حرية وطاقة الإنسان لاتخاذ قراراته، وفق وجهة نظره فى بعض الأمور التى لا تؤثر على التوجه العام للمجتمع أو للدولة. فتلك هى الحرية الجماعية مثل تحرير الأرض.
أما الحرية، من وجهة النظر الفلسفية، فهى أن يقوم الفرد باتخاذ القرارات أو تحديد وجهة النظر دون شرط أو قيد على حريات الآخرين، والحرية لا تمنح ولا توهب ولا تقبل القيود أو السدود، وبالتالى لا استبداد ولا استعباد، بل لتمكين الفرد على فعل ما يريد دون إضرار بالغير. فالحرية هى قدرة الفرد أو الجماعة على تحقيق الأهداف المتفق عليها دون قيود، فهناك مقولة نسبت إلى على بن أبى طالب فى قوله: «لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرًا».
أما العهد الدولى لحقوق الإنسان المدنية والسياسية الصادر ١٩٤٨، والمادة الثامنة عشرة منه تنص على «لكل إنسان حق فى حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك حريته فى أن يدين بدين ما، وحريته فى اعتناق أى دين أو معتقد يختاره». أما العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٦٦ بالحق فى حرية الدين أو المعتقد، والذى تنص مادته الثامنة عشرة: لكل إنسان حق فى حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل ذلك الحق فى اعتناق الدين الذى يستريح إليه وحريته فى إظهار ذلك، وإقامة الشعائر الدينية والممارسات العقائدية، سواء كان ذلك بمفرده أو مع جماعة، سواء كان ذلك على الملأ أو على حدة. فموضوع إطلاق الحريات الدينية لا يزال معقدًا ومثيرًا للجدل وقائمًا منذ عام ١٩٩٣ حين تم تعيين لجنة مشكلة من ثمانية عشر خبيرًا انتخبوا من الدول الأطراف فى العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع الإشارة إلى أن المقصود من الدين أو المعتقد هو الاعتراف بوجود إله أو بعدم وجود إله، بممارسات دينية معينة أو عدم ممارستها أى دين أو معتقد محدد وتبقى الحرية للجميع.
وتشير الدراسات إلى أن الدول الأكثر سلامًا تأتى فى مقدمتها أيسلاند، والتى هى فى قمة الدول التى تتمتع بالسلام، تليها النمسا، ثم البرتغال، تليها الدنمارك ثم كندا، تليها اليابان وآخرها أيرلندا.
أما تصنيف الدول من حيث الجمال للعام ٢٠١٩، فتتقدمها فيتنام ثم أيرلندا ثم تايلاند، تليها سويسرا ثم سلوفينيا، فجنوب إفريقيا ثم كندا تليها نيوزيلاند ثم السويد ثم إندونيسيا ثم ويلز تليها أيسلاند فرومانيا، ثم إيطاليا ثم بالى وختامها هولندا.
أما أخطر دول العالم، وفق هذه الدراسات، فتأتى فى المقدمة سوريا تليها أفغانستان ثم جنوب السودان، تليها العراق ثم الصومال فاليمن، ثم ليبيا تليها الكونغو ثم جمهورية إفريقيا الوسطى وتنتهى القائمة بروسيا.
وبنيت هذه الدراسات على عوامل كثيرة من شأنها أن تتغير بتغير الظروف ومدى تقدم الدول من جميع النواحى.
أما الحلم الذى نتمناه لمصر، وهى جديرة به، لتاريخها وموقعها وغنى آثارها وكرم شعبها لا سيما مع ضيوفها، يرشحها كل هذا التاريخ الطويل أن تتصدر القوائم، فشعبها يفوق غالبية شعوب العالم من حيث إكرام الضيوف، الأمر الذى أزعم أنه قلما يوجد له نظير، وهذا مبعث تفاؤلنا فى القريب. فغالب السلبيات ليست من شيم هذا الشعب العظيم.. وإلى اللقاء القادم بمشيئة الله.