الضحك من غير سبب
من أيام نجيب الريحانى، ويمكن من قبله، والقضية دى مطروحة: هل لو فيه عمل فنى، فيلم مثلًا، مالوش أى هدف ولا فكرة ولا قيمة غير الضحك، هو بس بـ يضحك، هل دى حاجة تدعو لـ الاحترام والتشجيع والاحتفاء، ولا الضحك لـ وحده مش كفاية؟
الواحد بـ يشوف إن السؤال دا فى حد ذاته غلط، وإنه موضوع الضحك ماهوش بسيط، وأساسًا مفيش حاجة اسمها عمل بـ يضحك فى المطلق، حتى لو إنت شفت عمل وضحكت، مش معناه إنه العمل بـ يضحك فعلًا، أيوه فيه أسباب كتير بـ تخلق الضحك غير اللى بـ يحصل قدامنا.
فى السلسلة دى، هـ أحاول أفكر معاك فى قصة الضحك دى، وعلاقتها بـ الأعمال الفنية، وربنا يقدرنا على فعل الخير.
يالا نبدأ:
تعالى أقول لك نكتة: مرة واحد فلاح، عمل محل ترزى سماه إبرة وغيط، إيه؟ ما ضحكتش ليه؟ بايخة، صح؟ طيب سؤال:
لو قلت النكتة دى فى قعدة، وحد ضحك عليها، ضحك من قلبه يعنى، يبقى إيه تقييمك ليه؟
عملية تقييم الشخص اللى بـ يضحك، دى عملية مستمرة ودايمة، كلنا بـ نعمل كدا، مثلًا: دخلت فيلم جوكر مع مراتى، ولما جه المشهد بتاع القزم، كان فيه ناس بـ تضحك فى السينما، انزعجنا جدًا، وعلقنا لـ بعض وشتمنا اللى ضحكوا، بعدها، لقيت ناس كتير عندها نفس الشكوى، وكاتبين يشتموا اللى ضحكوا فى المشهد، فـ العادى والطبيعى إنك لو ما لقيتش حاجة مضحكة، ولقيت حد بـ يضحك، إنك تنزعج.
نجيب سرور فى غنوة البحر بـ يضحك ليه، بـ يقول:
البحر غضبان ما بـ يضحكش
أصل الحكاية ما تضحكش
هو مش معترض على الضحك وقت المأساة، إنما لـ إنه شايف المأساة أساسًا ما تضحكش، ودا نفس شعورك، لو قلت أو كتبت حاجة، إنت شايف إنها جادة أو مؤلمة أو مؤثرة، وتلاقى حد رد فعله إنه ضحك، بـ تتضايق، وممكن كمان تقول له هو أنا قلت حاجة تضحك؟ ولا فيه حد بـ يزغزغك؟
الوعى الشعبى عمل قالب أخلاقى لـ الموضوع دا، فـ قال لك: الضحك من غير سبب قلة أدب، دا غير كمية الكتابات اللى الواحد قراها من ناس منزعجين جدًا، إنه فيه ناس بـ تضحك من «مسرح مصر» مثلًا.
وليه؟ ما ممكن إنت تنتقد حد، وتشوفه بـ شكل أدنى، ويبقى من مسوغات تقييمك ليه: إنه بـ يضحك على نكت تالتة ابتدائى. فـ خلينا نقول: من حيث المبدأ إنه مفيش حاجة اسمها «ضحكت» يبقى خلاص، العمل دا بـ يضحك، بس دا بقى يجرنا لـ سؤال مهم: مين بقى اللى يحدد إيه اللى يضحك وإيه اللى ما يضحكش؟
وهل لو أنا ضحكت على حاجة إنت شايفها ما تضحكش، دا بـ الضرورة لـ عيب فىّ أنا، ما يمكن إنت اللى قِتم؟ ما يمكن نجيب سرور هو اللى تعبان فـ دماغه، وعنده بارانويا، وعادى لما البحر يضحك، واللى يقول لك: الضحك من غير سبب قلة أدب، ما يمكن فيه سبب لـ الضحك، وإنت ما تعرفوش، أو فوق مستوى ذكائك؟
صح، الحكاية دى محيرة، إنما بـ النسبة لى، مش معناها إنه الحكاية سداح مداح، وإنما دى دعوة إننا نفكر: لماذا يضحك الإنسان؟ خصوصًا إذا كانت الحكاية «ما تضحكش»، وهل فيه أسباب لـ الضحك؟
أومااااال
ابقوا معنا.