حوار بين القلم والممحاة
قالت الممحاة للقلم: كيف حالك يا صديقى؟
رد القلم بغضب: أنا لست صديقك.. أنا أكرهك.
قالت بدهشة وحزن: لماذا؟
قال: لأنكِ تمحين ما أكتب.
قالت: أنا لا أمحو كل ما تكتب، أنا لا أمحو إلا الأخطاء.
قال لها: وما شأنك أنت بمحو الأخطاء؟
قالت: أنا ممحاة، وهذا عملى وهذه وظيفتى.
قال: هذا ليس عملًا.
قالت: عملى نافع مثل عملك تمامًا، ولا يقل عما تقوم به بأى حال من الأحوال.
قال القلم: أنت مخطئة ومغرورة، لأن من يكتب أفضل ممن يمحو.
قالت: إزالة الخطأ تعادل كتابة الصواب.
صمت القلم برهة ثم قال بشىء من الحزن: ولكننى أراكِ تصغرين يومًا بعد يوم.
قالت: لأننى أضحى بشىء منى كلّما محوْتُ خطأً.
قال القلم بصوت أجش: وأنا أحس أننى أقصر مما كنت.
قالت الممحاة وهى تواسيه: لا نستطيع إفادة الآخرين، إلا إذا قدّمنا تضحية من أجلهم.
ثم نظرت الممحاة إلى القلم بعطف بالغ قائلة: أما زلت تكرهنى؟
ابتسم القلم وقال: كيف أكرهك وقد جمعتنا التضحية.
قارئى العزيز.. فى كل يوم تصحو فيه من النوم ينقص عمرك يومًا، فإذا لم تستطع أن تكون قلمًا لكتابة السعادة للآخرين ورسم البهجة على وجوههم، فكن على الأقل ممحاة لطيفة تمحو بها أحزانهم وأتراحهم، وتبث الأمل والتفاؤل فى نفوسهم، وتمنحهم أملًا جديدًا ورجاءً جديدًا بأن أجمل الأيام لم تأتِ بعد، وأجمل الكتب لم نقرأها بعد، وأجمل الأنهار لم ننزلها بعد، كما قال الشاعر ناظم حكمت.