الثقافة والفن وحماية المرأة
فى إطار ورشة العمل الخاصة بتعزيز وحماية حقوق ومشاركة المرأة، التى أقامتها مؤسسة وسائل الاتصال من أجل التنمية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة فى «٢٩ إلى ٣١ يوليو ٢٠١٩»، تناولت فى يومها الثالث والأخير عددًا من الجلسات المهمة حول دور الأدب والفن والثقافة والرواية والترجمة والسينما والمسرح فى تعزيز وحماية حقوق المرأة.
أود أن أشير فى البداية إلى أننى كتبت عددًا من المقالات عن دور الثقافة والفنون والإعلام فى توعية المجتمع ونشر القيم والفكر التنويرى فى مواجهة الأفكار المتشددة التى تعادى المرأة، وتعادى الآخر فى المجتمع، وتنخر فى أساس مجتمع المواطنة المبنى على المساواة وعدم التمييز والعدالة الاجتماعية، ليسقط فى براثن الجهل والفقر والتطرف، وينهار بفعل العنف والإهمال والفساد والمحسوبية والتفرقة بين أبناء البلد الواحد.
ومن هنا جاءت أهمية هذه الورشة فى يومها الثالث، والتى شملت ثلاث جلسات كان فيها الحوار ثريًا بين المبدعين والحاضرين من ممثلى منظمات المجتمع المدنى من أحزاب وجمعيات أهلية وشخصيات عامة وصحفيين.
فى الجلسة الأولى وتحت عنوان «الفن والثقافة وقضايا المرأة» تحدث الأستاذ الدكتور أنور مغيث، الكاتب ورئيس مركز الترجمة، حول علاقة المرأة بالترجمة وعلاقة الترجمة بمسيرة تحرر المرأة، وأكد أهمية الترجمة كمدخل لمعرفة اتجاهات الفكر العالمى، واللحظة المعاصرة، واستشراف مستقبل البشرية وأهميتها فى تنمية الوعى بقضايا العالم ومنها وضع المرأة فى دساتير العالم المختلفة، ومدى نيل المرأة حقوقها فى التعلم والعمل وحق الترشح والانتخاب، وأشار إلى دور المرأة المصرية وخروجها فى ١٩١٩، واستمرارها فى النضال من أجل نيل حقوقها الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ومواجهتها الأفكار الظلامية التى حصرت دور المرأة فى الإنجاب وتربية الأطفال.
كما تحدث فى نفس الجلسة الشاعر الكبير والمثقف القدير شعبان يوسف عن «تجليات القضايا النسوية فى الرواية».
وتناول حديثه المرأة عند نجيب محفوظ، وتسلسل حالها عبر الزمان والمكان، مع الخلفية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية فى كل مرحلة عبر روايات الثلاثية، «بين القصرين وقصر الشوق والسكرية»، والقاهرة ٣٠، وزقاق المدق، وميرامار.
كما استعرض المرأة عند الروائية لطيفة الزيات فى رائعتها «الباب المفتوح» ورصدها تمرد المرأة، ورفضها أن تكون ديكورًا، وثورتها على التقاليد البالية والخروج للعمل وذلك فى الفترة من ١٩٤٦ إلى ١٩٥٦.
وفى الجلسة الثانية «السينما وقضايا المرأة- التحديات والأولويات» تحدث كل من الناقدة السينمائية الأستاذة ماجدة موريس والناقد السينمائى الدكتور ياقوت الديب، وتناولا علاقة السينما المصرية بالمرأة، وكيف أن فن السينما قام على يد المرأة فى الإنتاج والتمثيل، ومنهن عزيزة أمير، التى أنتجت فيلم «ليلى ١٩٢٧» وفاطمة رشدى ومارى كوينى وبهيحة حافظ وآسيا داغر التى قامت بإنتاج واحد من أهم أفلام السينما المصرية «الناصر صلاح الدين».
كما ركزت الأستاذة ماجدة موريس على أهمية دور الدولة فى إنتاج أفلام عن طريق المؤسسة العامة المصرية، وذلك بعد ثورة ١٩٥٢ وازدهرت السينما المصرية وكان لها دور كبير فى نشر الفنون والثقافة واللغة فى المنطقة العربية، ولكن للأسف تم إلغاء المؤسسة فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات مع صعود الانفتاح، فتدنى الإنتاج السينمائى، وانتشر ما أطلق عليه أفلام المقاولات فى ثمانينيات القرن الماضى. ولكن ما حفظ ماء وجه السينما المصرية بروز جيل تناول موضوعات واقعية مهمة، أمثال عاطف الطيب ومحمد خان وداود عبدالسيد، والآن تكمن الأزمة فى وجود مخرجين متميزين ومخرجات متميزات يتناولون قضايا حقيقية، ولا يجدون منتجين. هذا بجانب نقص دور العرض السينمائية نقصًا كبيرًا، ففى بلد تعداده يزيد على ١٠٠ مليون لا يزيد دور العرض به على ٥٠٠، هذا بجانب أن هناك محافظات لا توجد بها أصلًا دار سينما!
وأثار الدكتور ياقوت قضية: هل سينما المرأة هى السينما التى تصنعها المرأة من الناحية الموضوعية والفنية أم السينما التى تتناول قضايا المرأة ومشاكلها؟
واستكمل دكتور ياقوت الحديث عن السينما التى تتناول قضايا المرأة، ومنها أفلام مخرج الواقعية المصرية صلاح أبوسيف «بداية ونهاية، وشباب امرأة، والزوجة الثانية» والمخرج هنرى بركات «الحرام، ودعاء الكروان» والشموع السوداء لعزالدين ذوالفقار، ويوم حلو ويوم مر لخيرى بشارة، وعرق البلح لرضوان الكاشف، والعديد من الأفلام السينمائية التى أشارت إلى قضايا المرأة، ومنها إمبراطورية ميم، وأفواه وأرانب، ومراتى مدير عام، ونحن لا نزرع الشوك، وشىء من الخوف، وأحلام هند وكاميليا، ومن الأفلام الحديثة يوم للستات و«٦٧٨» الذى سلط الضوء على قضايا التحرش والعنف ضد المرأة.
وأشار المتحدثان إلى الاهتمام الذى حدث فى السنوات الأخيرة بعقد مهرجانات سينمائية مصرية وعربية، منها مهرجان القاهرة السينمائى لأفلام المرأة، وأسوان لأفلام المرأة.
وانتهت هذه الندوة بعدد من التوصيات التى نتمنى أن تجد آذانًا صاغية وإرادة لتنفيذها ومنها:
■ عودة دور الدولة فى إنتاج أفلام مهمة تنشر التوعية والمتعة والفكر والبهجة.
■ زيادة عدد دور السينما، وعودة فتح قاعات السينما الموجودة فى قصور الثقافة المنتشرة فى كل المحافظات.
■ دعم ومساندة المبدعين والمبدعات من المخرجين والمخرجات لترى مشروعاتهم وأفلامهم النور مع الاهتمام بالسينما التسجيلية وإتاحة دور العرض لها.
■ دعم ومساندة المهرجانات السينمائية لأفلام المرأة.